عاد تنظيم القاعدة الإرهابي من جديد عبر مالي في عملية ارهابية موصوفة تبنتها مجموعة المرابطون المرتبطة بتنظيم القاعدة في المغرب الاسلامي التي يتزعمها مختار بلمختار .
وتأتي هذه العملية الارهابية في أبعادها الأمنية والسياسية كدليل جديد على تصاعد الإرهاب الذي يقف وراءه تنيم القاعدة الذي تولدت منه مجموعات إرهابية عدة على رأسها تنظيم داعش الذي اتخذ الإرهاب وسيلة للقتل والتدمير ووسيلة للإنتقام والتشفي تحت عناوين ومسميات عديدة .
ويعتبرالهجوم الارهابي الجديد على مالي واستهداف فندق راديسون بلو ضربة جديدة لفرنسا بعد هجمات باريس غير المسبوقة قبل أيام .
ويحمل هذا العمل الإرهابي في مالي إشارتين جديدتين : تغير مسرح الجريمة الارهابية وانتقالها عبر القاعدة إلى جنوب الصومال وعودة تنظيم القاعدة الارهابي
الى غرب إفريقيا ليكشف من جديد أنه لم يعد هناك أي مكان في العالم في منأى عن مخاطر الإرهاب. ومع تبني "المرابطين" وتنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي للعملية، يعود تنظيم القاعدة ليعلن عن إرهابه بقوة ويحصد عشرات الضحايا بين قتيل وجريح، ويوسع دائرة عملياته نحو وسط وجنوب مالي بعدما كان حبيسا لسنوات ، وبعدما تصدرت العمليات الارهابية لداعش لفترة طويلة .
وتؤشر هذه العملية أن الإرهاب يرسم بالدم خريطة جديدة للعالم، ومن مثالب التاريخ أن تمدد بقعة الإرهاب تجبر أوروبا على تغيير خريطتها، وربما التراجع عن فضائها المفتوح وفق اتفاقية "شينغين" بعد نحو مئة عام من رسم أوروبا خريطة العالم وفق مصالحها الاستعمارية لنهب ثروات الوطن العربي وآسيا وأفريقيا. وتقف أوروبا عاجزة أمام حرب مفتوحة في مواجهة الإرهاب نتيجة تحولها إلى مجرد تابع في فلك السياسة الأمريكية وجرها إلى حروب في أفغانستان والعراق والقرن الإفريقي.
كما تؤكد هذه العملية عودة تنظيم القاعدة من جديد إلى رسم مساحة جديدة لأعماله الارهابية بعدما طغت لفترة طويلة العمليات الارهابية لداعش التي حصدت على مساحة الوطن العربي آلاف الضحايا وكرست حضورا ارهابيا يفوق بأضعاف تنظيم القاعدة الذي وجد نفسه في حالة انكفاء فجاء يؤكد من جديد حضوره الإرهابي فضرب في مالي مستهدفا عشرات الدول في ضربة واحدة حيث أشير الى ان من بين الضحايا جنسيات غربية واروبية عديدة .
ومع عودة هذا التنظيم لساحة العمل الارهابي نشهد تنافسا كبيرا بين المجموعات الارهابية المسلحة على ايقاع العدد الأكبر من الضحايا في غياب استراتيجية عالمية موحدة للإرهاب من جهة وغياب أو قصور كبير في معالجة أسباب هذا التطرف وعدم تبني وصفات فعالة للحد من انتشار الإرهاب وتمدده في كل أنحاء العالم .
ومن المؤكد أن محاربة الإرهاب باتت تتطلب تشكيل جبهة عالمية موحدة وجهدا دوليا موحدا لتوجيه ضربة قاسمة لتنظيمي "داعش" و"القاعدة" وغيرهما من الحركات المتطرفة مع ضرورة البدء بتعريف عالمي للارهاب وأن لا تقتصر مكافحة هذه الآفة على العمل العسكري فقط، بل تنطلق إلى معالجة الفقر والخلل في التنمية، ودعم خيار الشعوب الديمقراطي بما يراعي ظروف كل منطقة وليس عبر فرض وصفات جاهزة حسب المنطق الغربي للديمقراطية والحرية. ومع ضرورة وضع حدّ للمأساتين السورية والعراقية، حيث أن الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط لن يحل إلا من خلال سياسات جدية لضرب الارهاب والتطرف وإلا فإن موجات الإرهاب لن تتوقف وستواصل رسم حدود جديدة بدماء المدنيين والأبرياء في الشرق الأوسط والعالم.