رافعاً يده التي ترتجف خوفاً من الموت، شحذ سبعيني “لحظة حياة” إضافية من السيارات المسرعة على المسلك الغربي لأوتوستراد جونية مقابل بنك الاعتماد اللبناني.
نظرة عينيه بدت لوهلة أنّها توّدع الحياة وهي تراقب السيارات تتخبط في ظله يمينا و يساراً. أما جسده النحيل فكان يتراقص على نغمات دواليبها مع السترة التي أظهرت قساوة ظروفه المعيشية التي أجبرته في هذا العمر على العمل كرجل أمن في إحدى الشركات الخاصة.
مشهد السبعيني، الذي مرّ بأقل من دقيقة أمام السائقين، استوقف بعضهم على المسلك الغربي فمنهم من توقف لرؤية المشهد فحسب ومنهم من عد كل “فشخة” خطاها الرجل خوفاً عليه.
قد يرى البعض أن هذه القضية “عادية” أمام عناوين كبيرة كـ”الإرهاب” و”داعش” و”النفايات” و”رئاسة الجمهوريّة”، ولكننا نسأل: هل يستطيع من لا يقدر على حمايتنا من حادث سير “سخيف” على الطرق أن يحمينا من “داعش”؟ أو أن يحمي بلداً من الفراغ؟
ألا يستحق هذا السبعيني ضمان شيخوخة يحميه من “وظيفة” شاخ على فعلها؟ وألم يكن زياد الشاب العشريني يستحق متابعة حياته بزخم كما عرفه رفاقه قبل تعرضه للإعاقة إثر حادث سير على الطريق ذاتها؟
وألا يستحق هذا اللبناني جسوراً للمشاة في مختلف المناطق يقرها مجلس الوزراء بعيداَ من التجاذبات والصراعات التي عطلت عمل الادارات المعطلّة اصلاً؟
السبعيني نجا على المسلك الغربي من الأوتوستراد… فهل نجا في عبوره المسلك الشرقي منه؟