المبادرة التي أطلقها الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله في خطابه الأخير بعد تفجيري برج البراجنة في ضاحية بيروت تشكل أساساً يمكن البناء عليه لتلاقي فريقي الصراع 8 و14 آذار على مساحة مشتركة والتفكير جدياً في الإنطلاق بمسيرة البحث عن حلول للمشاكل العالقة والمزمنة في البلد وقد تشكل ثغرة في الجدار الفاصل بين المعسكرين بغض النظر عمّا يمكن أن تؤدي إليه.
وبالعودة إلى مضمون المبادرة فهي لم تكن ارتجالية فقد كانت مكتوبة ما يعني أنّ السيد نصرالله أطلقها عن سابق تصور وتصميم وبتأن وهدوء ودراية وعن قناعة تامة وقدم بنود التسوية وفق أولويات بدأت برئاسة الجمهورية ومن ثم الحكومة المستقبلية ورئيس الحكومة ومن بعدها تركيبة الحكومة إلى المجلس النيابي وعمله فقانون الانتخاب .
وقد شدد على أهمية كل فكرة من هذه الأفكار وانتهى إلى التأكيد بأنها ليست شيئاً هامشياً وبسيطاً ولا يمكن مناقشتها والوقوف عندها بالمجاملات وبالضغوط وبالمزايدات ، بل هي تحتاج لنقاش حقيقي حسب تعبيره .
وانتهى إلى القول إلى أننا كفريق جاهزون فتعالوا لنضع الأمور الأساسية وليس الأمور الهامشية والجزئية والجانبية في سلة واحدة ونعمل تسوية .
وفي المقلب الآخر لم يتردد رئيس تيار المستقبل الرئيس سعد الحريري في ملاقاة السيد نصرالله في منتصف الطريق وبالسرعة القصوى التي اعتاد عليهاالحريري في الرد على مواقفه منتقداً أو مرحباً ، فنوه بالمبادرة من دون أن يأتي بجديد عندما أكد مقدما على أولوية انتخاب رئيس للجمهورية التي كانت أولوية السيد حسن نصرالله في الوقت نفسه.
وفي هذا الإطار فإن المكتب السياسي لحزب الكتائب ناقش المبادرة بتفاصيلها وقرر أن يتلقفها بإيجابية وقد يبادر الحزب سريعاً للإتصال بحزب الله عبر القنوات المفتوحة بينهما منذ فترة بعيدة لإبلاغه هذا الموقف الإيجابي. وسيبنى على الشيء مقتضاه .
فحزب ألله من خلال دعوته إلى تسوية شاملة للأزمة الداخلية اللبنانية فإنه أسقط فكرة المؤتمر التأسيسي وأبعد طرح المثالثة وبالتالي فهو ينطلق من الصيغة والميثاق ما يعني أن الحزب يخطو نحو اللبننة بعد أن أدرك أنه لا يستطيع أن يبقى خارج اللعبة الداخلية السياسية والوظائفية ، فقرر أن ينخرط في الدولة وإن ببطء ، وبعد أن ارتسمت أمامه ملامح حتمية عودته من سوريا بسبب عجزه عن حسم الحرب لمصلحة النظام السوري رغم الخسائر الهائلة التي تكبدها .
وعليه فحزب الله استوعب خيار ضرورة الرجوع إلى المنطق العقلاني فعاد لسلوك طريق المحافظة على لبنان لأنه المجال الحيوي لنشاطه السياسي وحصر سلاحه بوظيفة قتال إسرائيل وبات يدرك جيداً أنّ الصيغة اللبنانية على علاتها تبقى الأفضل وإن احتاجت إلى بعض الرتوش .