عشية الإستقلال تفاجأ اللبنانيون ببرقية روسية فرضت على حركة الملاحة الجوية حظراً بهدف القيام بمناورات بحرية ، هذه البرقية التي كادت أن تؤدي إلى إغلاق مطار بيروت وتعطيل حركة الطيران فيه لمدة ثلاثة أيام (مدة الناورة) لولا الاتصالات اللبنانية - القبرصية التي نجحت في فتح ثغرة يتيمة .
غير أنّ هذا القرار المنتهك للبنان ولسيادته وما تبعه من ردود فعل ضعيفة محلياً ولا سيما على صعيد الوزارات المعنية ، هذه الردود التي اتسمت بدورها بالتبعية والخضوع للمقررات الروسية كدولة ذات سلطة على الجسم اللبناني وليس من باب العلاقات الدبلوماسية بين بلدين ، فالأخيرة ( أي روسيا ) لم تطرح الحظر كخيار تترك للدولة اللبنانية حق البت فيه وإنما كأمر نافذ وما كان من لبنان غير تنفيذه ...
لنتساءل هنا ، هل في عشية خروج الفرنسي نهلل للروسي ؟
هذا التزامن بين الحدثين والتوقيت ، يحوّل الإستقلال اللبناني لنكتة يتداولها الشعب بسخرية ، فمن بعد ما أضأنا الروشة للفرنسي ها نحن اليوم نسلم الجو لمدة ثلاثة أيام للروسي ، فهذا الوطن الخاضع لكل الدول تبعياً والذي لا يملك من سيادة حقيقية أمام مواطنيه لا يحق له أن يرفع راية الإستقلال ونشيده ( وهو المسروق أصلاً) .
من ناحية أخرى هذا التمدد الروسي بالشرق الأوسط أصبح شراً مستطيراً ، فمن بعد اتخاذ الدب الروسي قرار القضاء على الدواعش وإرهابهم وتحقيق مطامعه من تشكيل قوة له في الشرق عبر تمركزه فس سوريا كقوة ضاغطة وفعالة ، ها هو اليوم يتجه للبنان ليبدأ بفرض حظر جوي عليه ، مماشياً بذلك الطيران الصهيوني الذي يستبيح الأجواء اللبنانية متى ما شاء غير آبه لا بقرارات دولة ولا بسيادة دولة .
وما بين حظر الروسي وانتهاك حليفه الإسرائيلي ، تحوّل لبنان لدولة محتلّة ، وماذا يمنع الروسي اليوم أن يتموضع بدل الفرنسي في لبنان ولا سيما وأن حجته حاضرة وهي محاربة الدواعش ، وبالعودة لمانشيت جريدة النظام ( الأخبار) الأخير "داعش يحاول احتلال طرابلس" ، نجد ذريعة دخول الروسي للبنان من شماله حاضرة ألا وهي القضاء على داعش وأخواتها .
فهل يعي اللبناني في استقلاله أنّ لا استقلاله له ، وهل يستشعر خطر الدب الروسي المتربص بلبنان كدولة تضاف على سوريا في لائحة الدول التي أراد أن ينتدبها بوتين ؟