سلطت الهجمات المسلحة التي نفذها تنظيم "الدولة الإسلامية" في أنحاء مختلفة من أرجاء المعمورة الضوء على مشاركة ودور النساء في التنظيم.
ولعل الثنائي الذي شن هجمات باريس حياة بومدين التي شاركت في الهجوم المسلح على صحيفة شارلي إيبدو الساخرة وعملية احتجاز رهائن في المتجر اليهودي بضواحي باريس، وحسناء بولحسن المغربية الأصل التي شاركت في الهجوم الأخير على باريس الذي راح ضحيته 130 شخصا أبرز وجهين ناعمين يقومان بهجمات. ونشرت مجلة "دابق" التي يشرف عليها التنظيم ونشر فيها بعد 5 أيام من هجوم باريس دعاية جاء فيها: "أنصح أخواتي برجل يمارس تعدد الزوجات".
مشاركة حياة وحسناء في هجمات كانون الثاني وتشرين الثاني 2015 في باريس تبين أن النساء كالرجال في الجهاد، ويتركز مجال عملهم في التوظيف والاستخبارات وقبل كل شيء الدعاية. وغالبا ما تكون نهاية نساء الجماعات المتطرفة مأساوية إما قتلا أو سبائا إلا أن العديد من البنات والنسوة يبدين رغبتهن في الانضمام لتنظيم "داعش".
وقد اكدت بريطانية معجبة بأفكار داعش منذ فترة: "أريد أن أكون أوّل امرأة بريطانية تقتل إرهابيا أمريكيا أو إرهابيا بريطانيا"، هكذا غردت البريطانية خديجة داري، مبدية رغبتها في تنفيذ عملية إعدام على شاكلة عملية قطع رأس المصور الصحافي البريطاني جيمس فولي.
خديجة، 22 سنة، المولودة على غير الإسلام في مدينة لويسهام جنوب شرق لندن بحسب صحيفة "الإنديبندنت" كانت لا تهتم في حياتها سوى بارتداء الجينز وانتعال الحذاء ذي الكعب العالي والخروج مع أصدقائها في شوارع لندن، درست الإعلام وعلم النفس في إحدى جامعات لندن، قبل أن تتشبع بالأفكار الراديكالية على الإنترنت وتعتنق الإسلام في سن الـ18.
وبعدما تزوجت رجلا مسلما انتقلت معه عام 2012 إلى سوريا للانضمام لتنظيم "الدولة الإسلامية".
ليست خديجة البريطانية الوحيدة التي انضمت إلى صفوف "داعش" في سوريا والعراق، فقد غردت "مهاجرة الشام" بالتعبير عن حماستها لهذا التنظيم، وهناك أخريات كثيرات، بريطانيات وغيرهن صورن أنفسهن حاملات أسلحة حربية، فيما قامت إحداهن برفع رأس رجل مقطوع.
هذه الظاهرة شغلت ولا تزال الرأي العام حيث باتت تساؤلات كثيرة تثار حول الأسباب التي تدفع امرأة أو مراهقة لتبني مثل هذه الأفكار والانتقال من عالم لآخر.
جدير بالذكر أن معهد الحوار الاستراتيجي البريطاني نشر دراسة قدرت عدد المقاتلين الغربيين في تنظيم الدولة الإسلاميّة، بحوالي ثلاثة آلاف مقاتل بينهم 550 من النساء.
وقد عقب الدراسة تقرير أمني ألماني يفيد ببلوغ عدد الألمانيات المقاتلات في التنظيم عتبةَ المئة من أصل 700 ألماني التحقوا بالتنظيم. كما ذكرت باحثة أمريكية متخصصة في شؤون المرأة والعنف الجنسي أن هناك حاجة ملحة لفهم حقيقة دوافع النساء المنضمات لـ "داعش" من أجل القتال في صفوف التنظيم.
واعلنت نيمي غوريناثان، الأستاذة في كلية "سيتي" بنيويورك وأخصائية شؤون المرأة والعنف الجنسي "في الأصل لم تكن هناك نساء في التنظيم، كما هو الحال في الكثير من التنظيمات المشابهة، ولكنهم أحسوا لاحقا بأهمية وجود نساء في صفوفهم وشكلوا كتيبة نسائية بالكامل وهذه الكتيبة تقوم بالعديد من المهام وبعض النساء يشاركن في القتال على الخطوط الأمامية."
وتابعت القول: "الدعوة إلى القتال قادرة على اجتذاب المتطوعات، ففي فرنسا أظهرت الإحصائيات أن 45 في المائة من الذين يخططون للانضمام إلى داعش هن من النساء، كما أن هناك نساء يدرن هذه الكتيبة ويقمن بنشر مواد دعائية تروج لفكر التنظيم."
وحول كيفية انجذاب النساء في الغرب إلى الخطاب الديني لـ"داعش" على الرغم من تعارضه مع حقوق المرأة قالت الباحثة: "المنضمات للتنظيم يدركن أن المعركة لا تتعلق بحقوق المرأة بل بقضية قيام الخلافة، وبالتالي فهن يدخلن من أجل الصراع السياسي، وهذا أمر لا يفهمه الكثيرون، والنساء اللواتي يذهبن إلى "داعش" يبحثن عن أمور بينها الأمان لأنهن يشعرن أن هويتهن مهددة ".
ومن الواضح أن استخدام تنظيم "الدولة الإسلامية" لوسائل التواصل الاجتماعي زاد من قدرته على المزيد من الاستقطاب باستعمال دعاية ممنهجة، تساهم بشكل أو بآخر في الإيقاع بالعديد من الفتيات واستدراجهن إلى ميادينه.