قبل ان تحط طائرة وزير الخارجية جبران باسيل في مطار رفيق الحريري الدولي عائدا من موسكو، كانت مديرية الطيران المدني في بيروت تتبلغ، في اجراء مستغرب، "أمرا " روسيا بصيغة برقية مقتضبة من قائد بحريتها، الذي يبدو انه نصب حاكما عسكريا على لبنان، تطلب بموجبه "اخلاء" المجال الجوي اللبناني لمدة ثلاثة ايام ، دون المرور عبر اي قنوات دبلوماسية وفقا للاعراف المتبعة، الا في حال اعتبارها لبنان دولة تحت "احتلالها" أو في احسن تقدير "وصايتها".
فعبارة الوزير لافروف في مؤتمره الصحافي مع نظيره اللبناني، عن أن "موسكو ستمنع تمدد الارهاب الى لبنان"،لم تحمل الكثير من الغموض لادراك معانيها وفهم ما تخفيه من قرار روسي واضح باستخدام المجال الجوي للبنان حتى دون موافقة سلطاته الرسمية، لم يتاخر اكثر من ساعات قبل ان يجد طريقه نحو التنفيذ، في تماد واضح ، بعد السكوت اللبناني عن الخرق الجوي الاسبوع الماضي وعدم اتخاذ الاجراءات الضرورية التي تحول دون تكراره، انطلاقا من عدم الرغبة في اثارة مشكلة مع دولة كبرى ستتحول الى مادة تجاذب داخلي من جديد، بحسب ما تؤكد مصادر سياسية متابعة.
وفي هذا الاطار تساءلت المصادر عما اذا كانت "القيصرية الجديدة" قد استغلت مناوراتها البحرية "المفاجئة"، متعمدة طريقة التبليغ المهينة، كرد سريع على "الرسائل الخاصة" التي حملها باسيل معه الى موسكو، ام هي "انتقام" متأخر "للتغاضي" اللبناني عن شمل روسيا في لائحة الدول المحظوظة من مكرمة المليار السعودية، بعدما كانت بيروت "رفضت" أكثر من عرض روسي لتسليح الجيش، انطلاقا من مصلحة عليا تقضي بعدم ازعاج الاميركيين، رغم أن دول الجوار تبلغت بالقرار وانما بطرق أخرى تراعي المواثيق الدولية المتبعة.
غير ان الابرز وبحسب المصدر، هو محاولة موسكو اللعب على التناقضات اللبنانية الداخلية ، وهو ما ستبينه الايام القادمة من خلال فتح ملف اعادة احياء المسار الجوي صيدا-قبرص، والذي كان "فرض" اسرائيليا ارتباطا بمنع حركة الطيران جنوب الاولي ، لاسباب امنية اسرائيلية، وهو ما ينطبق على اجواء المياه الاقليمية ايضا، والذي لن يعاد تسييره دون "قبة باط" من تل أبيب ، تولت تامينها جهة دولية معروفة.
بين تغريدات بيك المختارة ومستشار الرابية، تحرك الاميرال الروسي، في اختبار يحمل الكثير من الابعاد التي سيكون لها الاكثر من التداعيات، ليس بعيدا عن الاتفاق الروسي – الاسرائيلي الراعي لتقاسم المصالح في لبنان وسوريا.... فهل يحتوي "القيصر" الخطأ فيقيل قائد بحريته؟ام ان "الرفيق بوتين قرر كسب المعركة مهما كلّف الأمر والباقي تفاصيل"، على ما نصح به الوزير السابق وئام وهاب؟ ام يدشن "التوتر والتويتر" الجنبلاطي معركة جديدة؟
الايام القادمة كفيلة بتحديد الخطوات وبالتالي مسار الاحداث ....
لبيانون ديبايت