شكّلت الضجة الواسعة التي أثارها طلب روسيا من سلطات الملاحة المدنية اللبنانية حظر الرحلات الجوية من مطار الرئيس رفيق الحريري الدولي واليه ثلاثة أيام بدءاً من منتصف الليل الماضي، تطوراً جديداً غير مألوف لا في التعامل الديبلوماسي بين الدول ولا في التداعيات "التقليدية" الامنية والعسكرية للحرب السورية على لبنان . ومع ان وزارة الاشغال العامة والنقل رفضت بعد مراجعة رئيس الوزراء تمام سلام الامتثال للطلب الذي ورد من قيادة البحرية الروسية مباشرة الى ادارة الطيران المدني في المطار من دون المرور بوزارة الخارجية اللبنانية كما تقضي الاصول، فان "أمر العمليات" هذا اثار ردود فعل سياسية داخلية سلبية كما تسبب ببلبلة واسعة على صعيد حركة الرحلات الجوية التي باتت في الايام الثلاثة المقبلة امام خريطة جديدة من التحويلات وتغيير المسارات مع ما يستتبعه ذلك من ارباكات . وتأكد ان وزارة الخارجية لم تتبلغ رسمياً الطلب الروسي عدم استخدام المجال الجوي المقابل للاراضي اللبنانية ضمن مساحة وارتفاع محددين بهدف القيام بمناورات بحرية روسية في المتوسط بين 21 و23 تشرين الثاني الجاري، علما ان هذا الطلب جاء غداة زيارة رسمية قام بها وزير الخارجية جبران باسيل لموسكو واستمرت أياماً.
واللافت في هذا السياق ان رئيس "اللقاء الديموقراطي" النائب وليد جنبلاط كان أول من كشف تلقي السلطات الملاحية اللبنانية الطلب الروسي عبر تغريدات له عصرا في حسابه بموقع "تويتر". وبنبرته الساخرة كتب جنبلاط: "وفق آخر اخبار الطيران المدني اللبناني فان الروس ابلغونا اقفال اجوائنا ثلاثة ايام لا اكثر ولا اقل، وهذا اتى بمثابة امر. فهل الوزير باسيل على علم بهذا الامر ام لا؟ يا لها من زيارة ناجحة لموسكو. لا نريد ان نصبح حيا من موسكو وهناك حد ادنى من احترام السيادة اللبنانية".
وقال مصدر وزاري لـ"النهار" إن الرئيس سلام أبلغ وزيري الخارجية والاشغال اللذين لم يكونا على علم بالطلب الروسي، رفض لبنان هذا الطلب الذي أبلغته البحرية الروسية للطيران المدني اللبناني في شأن مناورات تؤثر على الملاحة الجوية في لبنان، وقال: "نحن دولة مستقلة ذات سيادة. وإذ نتفهم الضرورات العسكرية الروسية، نتمسك بالقرار الوطني من دون السعي الى افتعال أزمة ديبلوماسية حرصاً على العلاقات الثنائية والجيدة مع روسيا". وأوضح المصدر أن موقف رئيس الوزراء يعني عدم تعليق الطيران اللبناني رحلاته وما اتخذته إدارة الطيران المدني هو لاسباب تقنية فقط. وأضاف ان السفير الروسي في لبنان الكسندر زاسبكين لم يكن على علم بتدبير البحرية الروسية وكان في صدد تقديم اعتذار الى المراجع اللبنانية المعنية.
تغيير المسارات
وعقب اجتماعات اتخذت طابعاً طارئاً في مطار رفيق الحريري الدولي، اعلن الوزير زعيتر رفض لبنان الطلب الروسي، فيما فهم ان هذا الطلب ابلغ الى دول اخرى في المنطقة منها قبرص وتركيا. وانشأت وزارة الاشغال خلية عمل طارئة لاتخاذ الاجراءات اللازمة والاتصال بالمنظمة الدولية للطيران المدني والسلطات المختصة في مجال الطيران " بما يضمن استمرار حركة الاقلاع والهبوط في المطار مع مراعاة "أقصى درجات السلامة العامة". وبينما أعلن المدير العام للطيران المدني بالتكليف ابرهيم ابو عليوى ان حركة مطار رفيق الحريري الدولي ستسير في شكل طبيعي اوضحت ادارة شركة طيران الشرق الاوسط ان كل رحلاتها المقررة اليوم ستقلع في المواعيد المحددة لها كالمعتاد وان بعض الرحلات الجوية المتجهة الى دول الخليج العربي والشرق الاوسط ستستغرق وقتاً أطول بسبب سلوكها مسارات جوية جديدة. وقالت مصادر ملاحية في المطار لـ"النهار" ان كل الاجراءات اتخذت لتأمين مسارات جديدة وآمنة للرحلات بحيث تتجه نحو الصرفند ومنها الى قبرص وان هذه المسارات سيترتب عليها فقط زيادة مدة الرحلات نحو ثلاثة ارباع الساعة الى دول أوروبا والخليج العربي.
وصرّح النائب مروان حماده لـ"النهار" بأن "ما جرى بالامس فضيحة دولية إن بالتعامل الروسي مع الدولة اللبنانية أم بتعامل دولتنا مع هذا السلوك الروسي، إلا إذا كانت زيارة وزير الخارجية لموسكو تهيئة لحصار جوي على لبنان وعلى لبنانيّي الانتشار تشجيعا لتطبيق قانون استعادة الجنسية".
الاستقلال
الى ذلك وعشية ذكرى الاستقلال غدا التي سيغيب عنها للسنة الثانية العرض العسكري التقليدي لاستمرار الشغور في رئاسة الجمهورية، يقام في العاشرة صباح اليوم احتفال حاشد في مناسبة "يوم العلم" يدشن فيه المعلم الوطني الخاص بهذه المناسبة وذلك في رعاية الرئيس سلام وبمبادرة من مؤسس عيد العلم وزير الاتصالات بطرس حرب. وسيقام الاحتفال الذي يتوقع ان يحضره حشد رسمي وسياسي في نزلة فندقي فينيسيا ومونرو في بيروت. واصدرت وزارة الاتصالات طوابع بريدية خاصة بعيدي العلم والاستقلال.
14 آذار
في الشأن السياسي، أبلغ قيادي بارز في قوى 14 آذار "النهار" ان الاجتماع القيادي لهذه القوى مساء أول من أمس بحث في ما يمكن وصفه بخريطة طريق لعمل هذه القوى في المرحلة الحالية تنطلق من تنقية الشوائب في علاقاتها في ما بينها مما انعكس على أدائها. وقال إن هذه القوى باتت تدرك أنها ليست أحزاباً فحسب وإنما هي ايضا مستقلون يجب ان تأخذ 14 آذار بتطلعاتهم من اجل قيام دولة القانون والمؤسسات بدل دولة تتعرض حالياً لتناتش المصالح الخاصة والفئوية. كما أن هناك استحقاق إعداد قانون جديد للانتخاب الذي سينطلق من اقتراح القانون الذي تبناه "المستقبل" و"الاشتراكي" و"القوات اللبنانية" لكي يبنى عليه في الحوار داخل اللجنة النيابية التي تضم جميع الاطراف، إلا أن هذا لايعني ان الاولوية لهذا القانون بل هي لانتخاب رئيس جديد للجمهورية .
وفي ما يتعلق بمسار العلاقات مع "حزب الله" في ضوء ما أعلنه الامين العام للحزب السيد حسن نصرالله، قال القيادي في 14 آذار، ان اختبار استعدادات الحزب تتجلى في ثلاثة مسارات: الحوار النيابي، الحوار الثنائي مع "المستقبل" ومجلس الوزراء.