اقامة «امارة اسلامية» في الشمال حلم سعت اليه الفصائل التكفيرية اكثر من مرة لكن لم ير النور بفعل يقظة الاجهزة الامنية وتضحيات الجيش اللبناني، ففي زمن الوصاية السورية سعت حركة «التوحيد الاسلامي» بقيادة مؤسسها الشيخ سعيد شعبان الى ترسيخها في عاصمة الشمال طرابلس وقد نجحت بذلك بعدما قامت بضرب الحزب السوري القومي الاجتماعي، والحزب الشيوعي اللبناني، وبسطت سيطرتها على كامل المدينة، الا ان القوات السورية والاحزاب التي كانت تنطوي تحت مسمى «الحركة الوطنية» اقتحمت المدينة واسقطت «الامارة» قبل ان ترسخ جذورها في ارض الفيحاء، اما المحاولة الثانية فقد قام بها بسام الكنج الملقب ابو عائشة مطلع العام 2000 من القرن حيث حاول اقامة «امارة اسلامية» انطلاقا من جرود الضنية الا ان الجيش اللبناني وأد المحاولة قبل ان تبصر النور، والجدير ذكره ان كان من «العرب الافغان»، قاتل في صفوف تنظيم «القاعدة» في افغانستان وارتبط بعلاقة متينة مع اسامة بن لادن الذي كان يلقبه بـ«اسد كابول» ولعل اللافت انه اثر مقتل «ابو عائشة» طالبت السفارة الاميركية بتسليمها جثته كونه كان يحمل الجنسية الاميركية ومتزوج من امرأة اميركية وفق الاوساط المواكبة لمسار الاحداث.
اما «الامارة» الثالثة فقد سعى اليها شاكر العبسي بعد اختطاف مخيم «نهر البارد» في عملية لم تنجل كافة اسرارها وما احاط بها من غموض، الا ان الجيش اللبناني اطاح بها وقدم 175 شهيد تقريبا واكثر من 1500 جريح اصيب بعضهم باعاقة، اما الامارة الرابعة فقد حاول التأسيس لها الارهابي احمد سليم ميقاتي في الضنية، الا انه سقط في قبضة الجيش اثر عملية نوعية خاطفة قتل فيها من كان برفقته اما هو فاصيب بكسور بالغة اثر قفزة من الشقة التي كانت ملجأ لارهابييه حيث يحاكم اليوم امام العدالة اللبنانية.
وتضيف الاوساط ان مخابرات الجيش اوقفت منذ اسبوع تقريبا الارهابي زياد خالد الرفاعي الذي يشكل خزانا للمعلومات ليدلي بوقائع واسرار بالغة الاهمية وفي طليعتها انه كان يحضر لانشاء «امارة اسلامية». في وادي خالد بامر من «داعش» وكان على تواصل مع اخطر الارهابيين الفارين نبيل سكاف وطارق خياط والسوري جوهر مرجان اضافة الى انه كان على علاقة وثيقة بالارهابي محمد عمر ايصالي وهو قيادي في «داعش» يقيم في الرقة والذي كان يسعى لتأمين التمويل من التنظيم التكفيري لتغطية اقامة امارة في وادي خالد وقد حصلت عدة اجتماعات في احدى بلدات عكار بين الرفاعي وخلايا لـ «داعش» بهدف التخطيط لاقامة «الامارة» وان 60 مقاتلا من «جند الشام» موجودين في عكار بأمرة ابو احمد السوري كانوا جاهزين للمشاركة في اية عملية ولعل اللافت ان الرفاعي اعترف في التحقيقات انه على علاقة مع ابو ايوب العراقي القيادي الداعشي الذي يتولى ملف لبنان.
اما لماذا اختار «داعش» منطقة وادي خالد لاقامة امارتها في لبنان فوفق العارفين ان خيارها يعود لاسباب عديدة يأتي في طليعتها ان بلدات وادي خالد تسكنها عشائر بدوية قدمت من العراق في مطلع القرن الماضي وقامت بالتموضع في منطقة «نبع العوادة» بداية وتوسعت الى بلدة حنيدر التي هجرها سكانها العلويون خشية وتبعد عن حمص مسافة لا تزيد عن الكيلومترين اضافة الى ان البقيعة المسكونة من العشائر العربية نفسها تكاد تكون ملاصقة لمدينة تلكلخ السورية ما يؤمن «لداعش» نقطة انطلاقة باتجاه حمص اضافة الى اعادة اشعال منطقة تلكلخ اما السبب الثاني لاختيار وادي خالد كموقع لـ «الامارة» فيعود الى وجود شريحة لا بأس بها من المتعاطفين مع «داعش» والجدير ذكره ان الانتحاري قتيبة الصاطم اليذ قام بتفجير سيارة مفخخة في الضاحية الجنوبية والتي سارع «داعش» بتبنيها هو من بلدة حنيدر احدى بلدات منطقة وادي خالد.