تبددت أمس آمال موسكو بفرض رؤيتها للحل في سوريا عبر إبقاء بشار الأسد أطول مدة ممكنة في السلطة، وأعاد الرئيس الأميركي باراك أوباما روسيا، ومعها حليفتها إيران، إلى أرض الواقع، حين أكد من العاصمة الفيليبينية مانيلا أن الحل في سوريا غير ممكن إذا بقي الأسد في السلطة، مشيراً إلى أن هذه الحقائق تتطلب شهورا لإدراكها من قبل موسكو وطهران والنخبة الحاكمة في نظام دمشق.

ويتعارض ما أعلنه أوباما أمس تماماً مع توجهات موسكو وطهران المصرة على استثناء البحث في مصير الأسد والتركيز على محاربة «الإرهاب» ممثلاً بتنظيم «داعش» وقوى مسلحة أخرى تعدها العاصمتان الحليفتان ضمن التنظيمات الإرهابية. أما الاسد نفسه، فقد خالف، في مقابلة مع محطة التلفزيون الايطالية الرسمية «راي» الاربعاء، توجهات حليفه الروسي، وقال انه لا يمكن تحديد جدول زمني للمرحلة الانتقالية في سوريا قبل «الحاق الهزيمة بالارهاب».

وقال أوباما بعد ايام على لقائه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، ابرز حليف للاسد، «لا يمكنني ان اتصور وضعا يمكننا فيه انهاء الحرب الاهلية في سوريا مع بقاء الاسد في السلطة».

وشدد اوباما على هامش قمة منتدى التعاون الاقتصادي لدول اسيا والمحيط الهادئ (أبيك) في مانيلا على ان السوريين لن يقبلوا ببقاء الاسد في السلطة بعد الحرب التي شهدت قيام النظام بهجمات ضد المدنيين بحسب قوله. واوضح اوباما «حتى لو وافقت على ذلك، لا اعتقد ان هذا الامر سينجح».

وقال أوباما إن موسكو وطهران تعتبران الدولة الاسلامية «خطرا حقيقيا» لكن جهود موسكو في سوريا تهدف الى دعم الأسد. وأضاف للصحافيين «ما نفعله مع أعضاء تحالفنا هو ادراك أن الأمر قد يتطلب بضعة شهور إلى أن يعرف الروس والإيرانيون وبصراحة بعض الأعضاء في الحكومة السورية والنخبة الحاكمة داخل النظام الحقائق التي قلتها للتو«.

والوضع في سوريا والحرب على «داعش» بحثها أمس الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند هاتفياً مع اوباما، قبل اللقاء المقرر بينهما الاسبوع المقبل في واشنطن.

واوضحت الرئاسة الفرنسية ان هولاند واوباما تطرقا الى «التعاون العسكري» في سوريا وناقشا «شروط تحقيق تقدم في المفاوضات حول حل سريع للازمة في سوريا».

كما بحثا «التقدم في التحقيق الجاري» في فرنسا والذي «ادى الى تصفية» عبد الحميد اباعود الذي يشتبه بانه مدبر اعتداءات 13 تشرين الثاني في باريس والذي قتل الاربعاء في عملية نفذتها الشرطة في سان دوني بضاحية باريس.

وقال المصدر ان هذه المحادثات التمهيدية للقاء الرئيسين الثلاثاء المقبل جرت بطلب من اوباما. وكان الرئيسان اجريا مكالمة ليل الجمعة ـ السبت بحثا خلالها اعتداءات باريس التي اوقعت 129 قتيلا واكدا التزامهما المشترك في مكافحة الارهاب.

وفي واشنطن أكد البيت الأبيض أن الرئيسين أكدا «التزامهما الذي لا يتزعزع بإضعاف وتدمير» تنظيم «داعش». وقال بيان أصدره البيت الأبيض إن الزعيمين سيلتقيان في البيت الأبيض الأسبوع المقبل حيث «سيجريان مباحثات بشأن المضي قدما لهزيمة داعش والمساعدة في إنهاء الصراع في سوريا والتأكد من أننا نبذل قصارى جهدنا لتأمين سلامة مواطنينا من خطر الارهاب«.

كما اجرى رئيس هيئة الاركان الروسية المشتركة فاليري غيراسيموف الخميس محادثات مع نظيره الفرنسي بيير دو فيلييه حول قتال «داعش» في سوريا في اول اتصال من نوعه منذ بدء النزاع في اوكرانيا العام الماضي. وجاء في بيان لوزارة الدفاع الروسية ان الرجلين «ناقشا على الهاتف تنسيق العمليات العسكرية للقوات ضد ارهابيي تنظيم الدولة الاسلامية (داعش) في سوريا»، مضيفا ان المكالمة استمرت ساعة. واضاف انهما «تبادلا التقييمات حول الوضع الحالي في ذلك البلد» عقب دعوات الرئيسيين الروسي فلاديمير بوتين والفرنسي فرانسوا هولاند لتوحيد الجهود ضد «داعش». 

وفي اسطنبول قال الرئيس التركي رجب طيب اردوغان في كلمة افتتاحية لقمة المجلس الأطلسي للطاقة والاقتصاد، أمس، إنّ «السبب الرئيسي للمآسي الإنسانية والأنشطة الإرهابية التي تحدث في منطقتنا، هو رئيس النظام بشار الأسد، الذي قتل 380 ألفاً من مواطنيه«. وأكد أردوغان أن كافة المنظمات الإرهابية في المنطقة تخدم نظام الأسد بشكل مباشر أو غير مباشر، كما أن تنظيم «داعش« يحظى بدعم من النظام في سورية الذي يحصل منه على النفط مقابل المال.

ولفت اردوغان إلى أن الأسد يمارس إرهاب الدولة، و»أنّ من يدعمه، يعد مشاركاً في جرائمه ويتحمّل معه المسؤولية عن الأرواح التي أزهقت»، معتبراً أنه لا فرق بين «داعش«، و»وحدات حماية الشعب» الكردية، مشدداً أن «كل من يقدم الدعم لوحدات حماية الشعب تحت اسم محاربة تنظيم داعش، وكل من لا يقف على مسافة واحدة من تنظيمي داعش ووحدات الإرهابيين، يقوم فعلياً بإظهار التسامح للإرهاب بشكل أو بآخر«.

ولفت اردوغان إلى تجاهل المجتمع الدولي لأزمة اللاجئين، قائلاً: «فتحنا أبوابنا للاجئين، لأننا لا نستطيع تركهم تحت البراميل المتفجرة (...) نحن نجد أنّ منظمات المجتمع المدني وأصحاب الخير يقدمون مساعدات للاجئين في كافة الولايات التركية». ونوه أن «المجتمع الدولي وبالأخص دول القارة الأوروبية، تجاهلوا هذه القضية الحساسة، واتخذوا مواقف من شأنها تعميق أزمة اللاجئين«.

ميدانيا ارتكب النظام مجزرة في مدينة دوما سقط فيها 14مدنياَ بينهم نساء وأطفال، وجرح نحو 50 آخرين، في إثر سقوط ثمانية صواريخ عنقودية على الأبنية السكنية وسط مدينة المدينة. وفي محافظة درعا سقوط 30 شهيداً على الأقل، وجرح عشرات آخرين، نتيجة استهداف قوات النظام معصرة للزيتون في مدينة الشيخ مسكين ببرميل متفجر أثناء وجود أهالي بداخلها.