مع أن وقع بيانات مجلس الامن ومواقف الامم المتحدة من الواقع في لبنان وخصوصا في ما يتعلق بأزمة الفراغ الرئاسي، لم يكن أفضل من الضغوط الأخرى التي فشلت في وضع حد لهذه الازمة منذ 18 شهرا، اكتسب البيان الاخير الذي أصدره المجلس دلالات بارزة، إذ خصص لاعلان موقف اجماعي من التفجير المزدوج في برج البراجنة ومن ثم اعادة التشديد على انتخاب رئيس للجمهورية. وعشية احياء الذكرى الـ72 للاستقلال التي ستمر للمرة الثانية وسط فراغ رئاسي بدا المشهد الداخلي منشدّاً الى الهواجس الامنية في ظل موجة شائعات جوالة واكبت الحملات التي تتولاها الاجهزة الامنية في حين تؤكد الاوساط الامنية المعنية متانة الاجراءات الامنية واتساعها في كل المناطق.
وأفاد مراسل "النهار" في نيويورك علي بردى امس ان مجلس الأمن ندد بشدة مجدداً بالهجوم الإرهابي الذي دبرته "الدولة الإسلامية" (داعش) في برج البراجنة، مؤكدا "دعمه القوي" لمؤسسات الدولة، وخصوصاً الجيش والأجهزة الأمنية، في "جهودها لصون استقرار البلاد". واعتبر أن استمرار الفراغ في رئاسة الجمهورية "يضر الى حد خطير" بقدرة لبنان على التعامل مع التحديات التي يواجهها، داعيا جميع الزعماء اللبنانيين الى عدم التحزب، والتحلي بالمسؤولية وعقد جلسة نيابية لانتخاب الرئيس.
وعقب الإستماع الى احاطة من المنسقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان سيغريد كاغ في شأن أحدث تقارير الأمين العام للمنظمة الدولية بان كي - مون عن تنفيذ القرار ١٧٠١، وزعت البعثة الفرنسية مشروع بيان صحافي نال إجماع الأعضاء الـ١٥ في المجلس، الذين كرروا "التنديد بأشد العبارات بالهجوم الإرهابي الذي دبرته الدولة الإسلامية (داعش) في ١٢ تشرين الثاني في بيروت وأدى الى مقتل ما لا يقل عن ٤٣ شخصاً وجرح أكثر من ٢٠٠ آخرين"، مشددين على "ضرورة تقديم مرتكبي هذه الهجمات الإرهابية الى العدالة". وجددوا "في هذه الظروف العصيبة دعمهم القوي لمؤسسات دولة لبنان، بما في ذلك القوات المسلحة اللبنانية والأجهزة الأمنية، في جهودها لصون أمن البلاد واستقرارها". وأبدوا "قلقهم المتواصل من الأثر السلبي للأزمة السورية على استقرار لبنان والتهديد الآني لأمنه"، مبرزين "أهمية سياسة النأي بالنفس" ومطالبين "كل الأطراف اللبنانيين بالإمتناع عن أي تورط في الأزمة السورية، طبقاً لالتزامهم في البيان الوزاري للحكومة الراهنة وفي اعلان بعبدا تاريخ ١٢ حزيران ٢٠١٢".
وعبر أعضاء المجلس عن "قلق عميق من الشغور لمدة ١٨ شهراً في رئاسة الجمهورية، مما يضر الى حد خطير بقدرة لبنان على التعامل مع التحديات الأمنية والإقتصادية والإجتماعية والإنسانية التي تواجه البلاد"، داعين جميع الزعماء اللبنانيين الى "التقيد بدستور لبنان واتفاق الطائف والميثاق الوطني، وتقديم استقرار لبنان ومصالحه القومية على سياسات التحزب، والتحلي بمسؤولية وبقيادية ومرونة من أجل عقد جلسة نيابية والشروع في انتخاب الرئيس".
ولاحظوا "بقلق" الأثر الإقتصادي - الإجتماعي لأزمة اللاجئين على لبنان. وحضوا الدول الأعضاء على "زيادة الدعم" له. وجددوا دعم القوة الموقتة للأمم المتحدة في لبنان "اليونيفيل"، مطالبين كل الأطراف مجدداً بـ"التزام واجبهم بدقة لجهة احترام سلامة اليونيفيل والعاملين الآخرين في الأمم المتحدة". وعبروا عن "تقديرهم لنتيجة الاجتماع" الوزاري لمجموعة الدعم الدولية للبنان الذي عقده الأمين العام في ٣٠ أيلول الماضي وحضوا المجموعة على "مواصلة عملها بالتنسيق مع المنسقة الخاصة" و"السعي الى فرص تساعد على التعامل مع التحديات المتصاعدة لأمن لبنان واستقراره".
سلام وسلامة
في غضون ذلك، تحول افتتاح المؤتمر المصرفي العربي السنوي في فندق فينيسيا امس الى مناسبة للطمأنة الى الاستقرار المالي في لبنان، اذ لفت رئيس الوزراء تمام سلام الى ان لبنان "تمكن على رغم كل الضغوط من تثبيت استقراره النقدي ونجح القطاع المصرفي اللبناني في المحافظة على ملاءة عالية ونمو مستمر في موازنته المجمعة". وأكد ان السلطة التنفيذية "ستقوم بواجباتها لان الاستحقاقات الداخلية داهمة والمخاطر الخارجية حقيقية وخطيرة". واعتبر ان القوى السياسية جميعا "مدعوة الى التواضع والتواصل والتوافق بما يسمح بتسيير العمل الحكومي في انتظار التسوية السياسية الكبرى التي يشكل مدخلها حتما انتخاب رئيس الجمهورية".
كذلك، أكد حاكم مصرف لبنان رياض سلامة ان "الليرة اللبنانية مستقرة وستبقى مستقرة وان كل الشائعات التي سرَت في الشهر الاخير لم تترجم في الأسواق".
وفي المقابل تلقى رئيس مجلس النواب نبيه بري امس رسالة من هيئة ادارة النفط تبلغه فيها ان مخزون النفط اللبناني في البحر في "خطر حقيقي" جراء الاعمال الاسرائيلية وتهديدها لثروة لبنان وسرقتها.
ملف النفايات
وعلمت "النهار" ان الرئيس سلام أبلغ المتصلين به امس انه لا يزال يتابع موضوع النفايات كي يدعو الى عقد جلسة لمجلس الوزراء. ووسط مؤشرات تفيد أن خطة ترحيل النفايات تتقدم، أفادت مصادر وزارية مواكبة ان العد العكسي لإنطلاق التنفيذ عبْر مجلس الوزراء سيكون الثلثاء المقبل بعد عطلة الاستقلال، مشيرة الى ان عطلة نهاية الاسبوع الجاري ستكون محكا لمعرفة ما إذا كانت الخطة قد فشلت أم لا.
الى ذلك، علمت "النهار" ان سريان مفعول القوانين التي أقرها مجلس النواب في جلسته التشريعية الاخيرة سيبدأ بعد مرور 15 يوما مضافة اليها خمسة أيام على هذه الجلسة كي تنقضي المهلة المعطاة أصلا لرئيس الجمهورية والتي تحوّلت الى أعضاء مجلس الوزراء مجتمعين. وبما ان وزراء الكتائب لن يوقعوا هذه القوانين انطلاقا من موقف دستوري، صار لزاما انقضاء هذه المهلة كي يتم نشرها. وقالت مصادر وزارية كتائبية لـ"النهار" في هذا الصدد إن موقف الحزب يؤخّر لكنه لا يعطل. وأعادت الى الاذهان موقفا مماثلا اتخذه الحزب قبل بضعة أشهر حيال جلسة نيابية مماثلة أقر فيها قانون السير.
وليل امس عقدت قيادات 14 آذار اجتماعا قوّمت خلاله نتائج الاجتماع النيابي للحوار وما هو مرتقب في ما يتعلق بمرحلة إعداد قانون الانتخاب.
الحريري وفرنجية
وسرَت شائعات امس في بيروت عن أن لقاء عقد في اليومين الاخيرين في باريس وجمع الرئيس سعد الحريري ورئيس تيار "المردة" النائب سليمان فرنجية، لكن كلا الجانبين أصدر نفيا لحصول هذا اللقاء.