من المفهوم أن تضيء دول على رموزها المكانية، علم فرنسا تضامناً معها، ومن الطبيعي أن يتضامن العالم مع ضحايا قتلوا بلا ذنب ، لكن ما معنى أن يحصل ذلك في بلد شهد مسرحاً دموياً لتوه ، وقد قالت إحداهن بعد حدوثه إنها "تذكرت مجزرة قانا".
من دون أن ننسى أن الذين قتلوا قُدّر لهم أن يعيشوا في الفقر والتهميش والحرمان وأن يموتوا في الأرض التي تحملوا فيها كل الصعاب ، فيما تبدو السلطة الرسمية، في تضامنها الفرنسي ، لا تعرف من برج البراجنة غير اسمها، وقد استكثرت على ضحاياها يوم حداد كاملاً ، وإن بدا في حينها أن كل استنكار أو تضامن لا معنى له.
نشعر بالأسف لما أصاب الشعب الفرنسي، إنما مصابنا أليم أيضاً ، لكن ما يبدو مبالغاً فيه، في المقابل، التضامن الاستعراضي للسلطة اللبنانية مع ضحايا دول أخرى، بينما لم يدفعها غرق مواطنيها بالنفايات لأشهر إلى تحمل مسؤولياتها "الانسانية" تجاههم.
فكم من مرة قصف الطيران الصهيوني مدينة بيروت ولم تتضامن فرنسا معنا ولم تضئ برج ايفل من أجلنا؟!!
وكم من مرة ضربنا الإرهاب والشعب اللبناني الذي استهدف ما بين شهيد وجريح ولم تُرفع صورة لنا ؟!
ليس رفض الخطوة انتقاصاً من قيمة ضحايا أي بلد ، بالعكس تماماً، فالتضامن واجب مع ضحايا العراق وسوريا وفلسطين وفرنسا وغيرهم ، لكننا فقط تعبنا من أن نكون أرقاماً وصوراً، وأن نقف إلى جانب الجميع من دون أن نجد من يقف إلى جانبنا.
أيام ويحتفل لبنان بذكرى إستقلاله الثانية والسبعون للإنتداب الفرنسي عنه ونحنا نضيء الصخرة بعلم فرنسا بعيد الإستقلال فـ "معقول بكرا نضوي علم اسرائيل بعيد التحرير!!"