منذ بدأ تدخل حزب الله في الحرب السورية لحماية النظام السوري ولضمان بقاء بشار الأسد على كرسيه ولكفالة معبر السلاح والإمدادات الإيرانية من عتاد وغيرها ، كانت الحجتين اللتين يعلنهما الحزب هما : حماية المقامات الدينية الشيعية في سوريا أولاً وحماية الحدود اللبنانية ولبنان من دخول الجماعات الإرهابية إليه ثانياً .
ومع سقوط الحجة الأولى ، إذ أن حزب الله لم تتمحور معاركه لجانب النظام حول مناطق المقامات تحت رفع شعار "زينب لن تسبى مرتين" ، وإنما كانت في كل حدب وصوب لأجل تكريس سلطة الأسد على الأراضي السورية هذه السلطة التي سقط بها العديد من الضحايا اللبنانيين الذين لا ذنب لهم سوى أنهم أطاعوا الأمين العام السيد حسن نصر لله وآمنوا بخطه الجهادي .
لم ينجح الحزب لا في حماية ما قال أنه مقامات دينية في سوريا ، ولا في تثبيت الأسد في قصره ، ولا سيما بعد تراجع حدة الزخم الإيراني الذي روَضه الإتفاق النووي مع الشيطان الأكبر ممّا حوّل أنظار الحزب اللبناني فرع سوريا نحو جدلية الأهمية التي ينطوي عليها التدخل الروسي لحماية الأسد ونتانياهو .
إلا أنّ الحجة الأولى الواهنة لم تكفِ لردع الحزب عن حربه الخارجية ، ليستمر تحت لواء الحجة الأكبر والأهم وهي حماية لبنان من الإرهاب والدواعش ولأجل هذه الحجة يستمر التدفق الحزبي لسوريا إضافة إلى تمركز المقاتلين من حزب الله إلى جانب الجيش اللبناني في جرود عرسال .
غير أنّ معطيات أخيرة أثبتت أن حزب الله افشل ما يكون في حماية الحدود اللبنانية ، فإن لم نحمل حجته التفجيرين الأخيرين في عرسال تحت ذريعة أن من قام بالعمليتين مجهول الهوية وأنه موجود أصلاً في داخل البلدة ، فماذا سيبقى منها أمام العمليات الإنتحارية التي شهدناها في عقرة داره .
هذا الفشل الحزبي في حماية الحدود وحتى مناطقه ، قابله دورُ رائد للقوى الأمنية في سرعة التحقيقات والكشف عن المجرمين وفي تفكيك شبكات إرهابية في كل أنحاء لبنان ، هذه الشبكات والتي كانت تخطط لعمليات إنتحارية واسعة ولإستهداف شخصيات ، تمكنت قوى الأمن اللبناني من ردعها ومن كشف مخابئها ...
وفي حين ما زال حزب الله "يغالي" في أدواره ، تتمظهر القوى الأمنية اللبنانية غير آبهة لا لعرض إعلامي ولا لإستعراض عضلات وإنما لحماية لبنان وأمن لبنان وأهل لبنان ...
ولا يسعنا في هذا المعترك سوى أن نقدم تحية شكر وإجلال لقوى الأمن التي تعمل ببسالة على إلقاء القبض وتفكيك الخلايا الإرهابية التي ما هي إلا "جلب" انخراطنا في الحرب السورية التي لا ناقة لنا بها ولا جلب ، هذه الحرب والتي أثبتت انعكاساتها علينا أن هناك أقله داعشين الأول موالي للنظام السوري وهو الذي كشفته التحقيقات في برج البراجنة والثاني معارض ، وبين الإثنين وحدها القوى الأمنية اللبنانية تتصدى لهؤلاء "الدواعش" على اختلافهم لحفظ أمن لبنان ، هذا الأمن الذي تاجرت به بعض الأحزاب ولم تحققه !