بعد وصول المفاوضات النووية التي تضمّنت إعادة العلاقات الدبلوماسية بين إيران وأميركا، إلى نهاياتها السعيدة، بدأت القضية السورية تشكل المحطة الثانية لتلك العلاقات ، ويبدو أنّ ما يهم إدارة الرئيس أوباما هو استمرار المفاوضات مع إيران حتى حصول التطبيع بين الطرفين .
وإذا تمّت المفاوضات النووية ، بعد أن أبدت إيران مرونة في التفاوض مع أميركا عبّر المرشد الأعلى عنها بالمرونة البطولية ، اقتنعت الولايات المتحدة بإبداء المرونة تجاه إيران بإشراكها في مفاوضات فيينا السورية.
بدأ الأميركيون يُظهرون مرونتهم تجاه إيران بالتنازل عن اشتراط القبول ببيان جنيف 1 كشرط لدخول إيران في المفاوضات حول سوريا وبدأوا بالإيحاء بدور إيران المؤثر في مسار حل القضية السورية، ثم بإقناع حلفائهم الإقليميين وعلى رأسهم المملكة السعودية بضرورة مشاركة إيران في تلك المفاوضات، وبل لعبوا دور الوسيط بين إيران والسعودية في إجلاس الطرفين على طاولة المفاوضات بعد حصول التوتر بينهما في أكثر من ملف.
الرئيس أوباما يريد تحويل إيران من العدو الرئيسي في الشرق الأوسط إلى الشريك الاستراتيجي، كما تبدل الشركاء الاستراتيجين للولايات المتحدة من انكليز وفرنسا إلى كندا وكوريا الجنوبية واليابان، وإيران ستكون حلقة في تلك السلسلة، بحال تحقق التوقعات.
إن أميركا قبلت بأن تكون إيران جزء من الحل في سوريا كما اعترفت بالمصالح الإيرانية في سوريا وأعلن وزير الخارجية الأميركي أخيراً بأننا اتفقنا مع روسيا وإيران على بقاء سوريا موحدة وعلمانية، ممّا يدل على التقارب في وجهات نظر الطرفين رغم استمرار خلافهما على مصير الأسد ودوره في المرحلة الإنتقالية.
إن الرئيس الأميركي باراك أوباما خلافاً لسلفه جورج بوش الابن، الذي كان يستهل الحلول بإعلان الحروب، انتهج استراتيجية القوة الذكية القائمة على التعددية، ولهذا لم نعد نرى أميركا تستبد بشن حرب ضد بلد، وتتنازل عن الأحادية في القرارات، فإنّها تشارك في المفاوضات التي تشارك فيها 5 آخرون بجانبها وليست هي وحدها تتخذ القرار وتطلب من حلفائها الخضوع لقرارها ودعهما.
إن أميركا الرئيس أوباما تغيرت عمّا كانت عليه في عهد الرئيس بوش ، وفيما يتعلق بإيران ، أثبتت أميركا بأنها تريد إشراك إيران وتحويلها إلى شريك استراتيجي لها، وما يحفّزها على تغيير سياستها تجاه إيران عبارة عن موقع إيران الاستراتيجي والجيو استراتيجي.
إن الولايات المتحدة بحاجة إلى وضع إيران في معسكر شركائها ولا يمكن لها أن تتجاهل دور إيران الإقليمي وهذا ما نراه الآن في الملف السوري. ما يجمع بين إيران وأميركا في الموضوع السوري هو وحدة الأراضي السورية ومدنية الدولة وديمقراطية آلية الانتقال إلى المرحلة القادمة.
وهذه النقاط كفيلة للمزيد من التقارب بين الطرفين.