التنافس بين ريال مدريد وبرشلونة يتخطى حدود كرة القدم ، وهو يمثل صراع الثقافات بين الهوية الإسبانية القشتالية والكتلونية ، أو يمكن القول أنه يمثل صداماً تاريخياً بين نظام يمثل قوى القمع والاستبداد في مواجهة حركة اجتماعية تقدمية تسعى إلى الحرية والمساواة والانفصال عن إسبانيا لتحقيق مكون خاص بها.
وعلى الرغم من أن مباراة الكلاسيكو بين ريال مدريد وبرشلونة هي أعظم منافسة في تاريخ الرياضة سواء في لعبة كرة القدم أو كرة السلة ، إلا أن الأحداث التاريخية التي يبلغ عمرها عشرات السنوات ما زالت تظهر على السطح في كل مباراة ، حيث يتم تبادل الاتهامات والشتائم والمطالبة بفك الارتباط عن الحكومة المركزية.
اقيلم كاتالونيا كان في يوم من الأيام يعتبر دولة ذات سيادة ولها لغتها الخاصة وثقافتها وهويتها حتى 11أيلول من عام 1714، عندما غزا الملك فيليب الخامس تلك المنطقة ، وبعد ذلك بوقت قصير قام بضم عدد آخر من الأراضي المتبقية من شبه الجزيرة الآيبيرية ، وبالتالي تكّون البلد الذي نعرفه اليوم باسم إسبانيا.
أسباب سياسية وراء العداء بين برشلونة وريال مدريد
مدينة برشلونة كانت تعتبر في ثلاثينات القرن الماضي رمزاً للهوية الكتلونية ، قبل أن تنقلب الأمور رأساً على عقب في عام 1936 عندما قام الجنرال فرانسيسكو فرانكو بانقلاب عسكري ضد الجمهورية الإسبانية الثانية والتي كانت تحت حكم الديمقراطيين والاشتراكيين ، وهو ما أدى إلى نشوء الحرب الأهلية الإسبانية.
واندلعت الحرب الأهلية بين الجمهوريين المحسوبين على اقليم كاتالونيا والقوميين المحسوبين على العاصمة مدريد تحت قيادة الجنرال فرانكو الذي قام خلال تلك الفترة باعتقال جوسيب سونال عضو اليسار الجمهوري في اقليم كتالونيا ورئيس نادي برشلونة ، حيث جرى اعدامه دون محاكمة بسبب المناداة بالانفصال عن إسبانيا.
انتصار الجنرال فرانكو في تلك الحرب فرض عدم استخدام اللغة الكتلونية في وثائق النادي ، فضلاً عن منع رفع العلم الكتلوني في الملاعب الذي كانت تصل عقوبته إلى حدود الخيانة العظمى ، ولكن بعد وفاة الدكتاتور في عام 1975 فقد تنفس الكتلان الصعداء وعاد العلم الكتلوني يرفرف من جديد وسط مطالبات بالانفصال كما حدث مؤخراً.
أسباب رياضية
عزز الديكتاتور فرانشيسكو فرانكو المحسوب على نادي ريال مدريد شعور الكراهية بين الهوية القشتالية والكتلونية وقام بتأجيج الوضع بنسبة كبيرة جداً مع الإقليم الكتلوني من خلال استخدام لعبة كرة القدم من أجل اذلال برشلونة ، ولعل المباراة التي جمعت الفريقين في نصف نهائي كأس إسبانيا في عام 1943 خير دليل.
وتنامى الشعور العام في ذلك الوقت بأن ريال مدريد يحظى بدعم كبير جداً من الحكومة الإسبانية بقيادة الجنرال فرانكو الذي سميت كأس إسبانيا باسمه في ذلك الوقت "جنراليسمو" ، حتى أن البعض أكد بأن الحكام كانوا يخافون من خسارة الفريق الملكي خوفاً من عقاب محتمل ، وخصوصاً عند مواجهة فريق مقاطعة كاتالونيا.
وخلال عهد الدكتاتور فرانكو ، فقد تمكن برشلونة في عام 1943 في ذهاب الدور نصف النهائي من كأس فرانكو من الفوز 3/0 ، لكن مباراة الإياب شهدت أحداثاً مثيرة للجدل عندما خسر النادي الكتلوني 11/1 ، حيث اعتبر المشجعون أن التحكيم منحاز جداً ، فيما تم تصوير هؤلاء المشجعين كأعداء للدولة الإسبانية بسبب مواقفهم.
ويؤكد لاعبو برشلونة الذين شاركوا في تلك المباراة أن الخسارة جاءت تحت تهديد واضح من الجنرال فرانكو الذي أرسل جنوده إلى غرفة خلع الملابس قبل انطلاق المباراة حسبما أكد الكاتب جيمي بيرنز في كتابه وقال: "فرانكو أرسل رسالة تقول أنه لا يجب أن تنسوا بأنكم تلعبون بسبب سخاء النظام الذي غفر لكم نقصاً في الوطنية".
انتقال لويس فيجو إلى ريال مدريد .. قنبلة لم يتوقع أحد انفجارها
انتقال اللاعبين بين الخصمين الكبيرين هو أسوأ شيء يمكن للمرء أن يتصوره ، تماماً كما حدث مع المهاجم البرتغالي لويس فيجو الذي قرر في صيف عام 2000 الانتقال إلى ريال مدريد ، وذلك بعد أن قام فريق العاصمة الإسبانية بدفع قيمة الشرط الجزائي في عقده ، حتى دون معرفة مسؤولي برشلونة بالصفقة بما في ذلك الرئيس خوان جاسبارت.
وبعد انتقاله إلى ريال مدريد مقابل 61.1 مليون يورو في عام 2000 عن طريق الرئيس فلورنتينو بيريز ، فقد أصبح لويس فيجو الخائن الأكبر في برشلونة ، فيما اسُتقبل بطريقة عدائية عندما عاد إلى ملعب كامب نو لأول مرة بقميص ريال مدريد في 21 تشرين الأول / أكتوبر من عام 2000 ، حيث كان الضجيج في الملعب يصم الآذان بسبب الغضب العارم.
ولم تتردد جماهير برشلونة في توجيه شتائم من النوع الثقيل للبرتغالي لويس فيجو الذي قذف بالحجارة والألعاب النارية وحتى الهواتف المحمولة كلما حاول تنفيذ ركلة ركنية ، فيما رمُي رأس الخنزير على أرضية الملعب جنباً إلى جنب مع كرات الغولف والزجاجات ، بينما علقت لافتات في ارجاء الملعب تحمل كلمات مثل "خائن" ، "حثالة "، "مرتزق".