رغم إيجابية المواقف السياسية، لم يحدث اختراق مهم على مستوى الاتصالات السياسية. وحده اتفاق الجلسة التشريعية وُضِع على مسار التنفيذ، فشكّلت هيئة مكتب المجلس لجنة لبحث «معايير» قوانين الانتخابات، رغم أن التوصل إلى اتفاق أمر «شبه مستحيل»
تستمر الأجهزة الأمنية في ملاحقة عناصر المجموعات الإرهابية، وتحديداً عناصر الخلية التي ارتكبت جريمة برج البراجنة المزدوجة. وبعد توقيف غالبية المشتبه في انتمائهم إلى الخلية، ومن قدّموا لهم دعماً لوجستياً، يتركز العمل الأمني على عنصرين: الأول، هو اتخاذ إجراءات لملاحقة المهربين عبر الحدود اللبنانية ــ السورية، لمنع عناصر الجماعات الإرهابية من استغلال عمليات «التهريب التقليدي»، لإدخال انتحاريين إلى الأراضي اللبنانية.
أما العنصر الثاني، فيتصل بأحد أبرز أعضاء خلية تفجير برج البراجنة، وهو بلال البقار، الذي يُشتبه في أنه كان أحد أبرز المسؤولين اللوجستيين للخلية. ويُشتبه في أن له دوراً في عمل مجموعات إرهابية أخرى. فالبقار هو الذي تسلّم المتفجرات وأحد الانتحاريين من الموقوف إبراهيم رايد. وتبيّن أن البقار اختار مخزناً في طرابلس، قرب مسجد حمزة، لتخبئة المتفجرات والصواعق والكرات الحديدية التي زوده بها رايد. وتبيّن أن عدد الكرات الحديدية التي ضبطها فرع المعلومات في هذا المخزن يفوق الـ25 ألف كرة، توضع في الأحزمة الناسفة لإسقاط أكبر عدد من الضحايا بالتفجيرات. والبقار لا يزال متوارياً عن الأنظار. وتعتقد الأجهزة الأمنية أنه لا يزال في منطقة الشمال، حيث يتركز البحث عنه.
ودهمت استخبارات الجيش عدداً من المنازل في منطقتي الحمرا والجميزة في بيروت، وفي شارع المطران في طرابلس، وأوقفت عدداً من المشتبه فيهم.
المتفجرات من رايد واختار
لها مخزناً في طرابلس
على صعيد آخر، استمرت المشاورات بين القوى السياسية بشأن أزمة النفايات، التي حصل رئيس الحكومة تمام سلام على تغطية من طاولة الحوار لحلّها، على قاعدة «الترحيل». وأجري أكثر من اجتماع أمس، تمهيداً للتوصل إلى مسودة عقد مع إحدى الشركات التي عرضت «ترحيل» النفايات إلى دولة أفريقية، من دون أن يُحسَم الأمر بعد.
سياسياً، لا يزال فريقا النزاع السياسي يتبادلان الرسائل الإيجابية بعد مبادرة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله الداعية إلى عقد تسوية داخلية لأزمة رئاسة الجمهورية والعمل الحكومي والنيابي. لكن هذه الإيجابية لم يجرِ تثميرها بعد. الاختراق الوحيد الذي جرى تحقيقه متصل بالاتفاق الذي أدى إلى عقد الجلسة التشريعية يوم 12 تشرين الثاني الجاري، وتحديداً لناحية تأليف لجنة لبحث اقتراحات قانون الانتخابات النيابية. وهذا الاختراق تحقق في اجتماع لهيئة مكتب المجلس، ترأسه رئيس مجلس النواب نبيه بري، في حضور نائب الرئيس فريد مكاري والنواب مروان حمادة، ميشال موسى، أنطوان زهرا، أحمد فتفت، وسيرج طورسركيسيان والأمين العام للمجلس عدنان ضاهر.
وبعد الاجتماع قال مكاري إن هيئة المكتب اتفقت على «تشكيل لجنة لإعداد قانون الانتخابات مؤلفة من النواب السادة: ميشال موسى، علي فياض، ألان عون، جورج عدوان، سيرج طورسركيسيان، مروان حمادة، روبير فاضل، أحمد فتفت، ممثل عن حزب الكتائب، وممثل عن كتلة لبنان الموحد كتلة الوزير سليمان فرنجية. على أن تُعقَد كل اجتماعاتها بعيداً عن الإعلام ومن دون تصريحات، وتدار الجلسة من أحد الأطراف المتفق عليه. وتعتبر اللجنة منعقدة في حضور ستة من أعضائها، وتجتمع مرة أسبوعياً على الأقل وتعقد جلساتها في إحدى قاعات المجلس النيابي، وذلك لمدة شهرين كاملين ابتداءً من 1/12/2015. ويلحق أمين سر من موظفى المجلس بها لضبط المحاضر والأعمال اللوجستية».
ورداً على سؤال عن سبب توسيع اللجنة، قال مكاري إن الهدف هو إرضاء جميع القوى السياسية، «وفي الواقع كان هناك رغبة في أن تكون اللجنة مصغرة تعطي إنتاجية أكثر. لكن هناك أطرافاً تعتبر أنه يفترض أن تكون مشاركة وتقدم وجهات نظرها في هذه العمل الذي نأمل إن شاء الله أن تعود نتيجته بالخير على البلد. وبناءً على هذه الرغبة، وافق الرئيس بري على توسيع اللجنة». وقال إن اللجنة ستضع معايير لقانون الانتخابات.
وفي هذا السياق، أكّدت مصادر سياسية من مختلف القوى السياسية أن التوصل إلى اتفاق على قانون الانتخابات «شبه مستحيل» في هذا الوقت. فقانون الانتخابات موجود ضمن سلة واحدة مع رئاسة الجمهورية، وهذا الأمر لن يُحسم قبل أن تتضح وجهة الأزمة السورية. وهذه الأزمة متصلة أيضاً بموازين القوى في العراق واليمن. وتُجمِع مصادر في 14 آذار و8 آذار والقوى «الوسطية» على أن السعودية لن تقبل بالتفاوض مع إيران قبل تحقيق إنجاز في اليمن. وهذا الإنجاز يبدو أنه بعيد المنال.