كشفت مصادر إسرائيليّة لموقع «والا» الإخباري، أنَّ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وجّه، خلال لقائه الرئيس السوري بشار الأسد في موسكو الشهر الماضي، إنذاراً طلب فيه بموجبه أن يتخلّى الأسد، ضمن تسوية، عن صلاحياته، وإلَّا فإنَّ روسيا ستوقف دعمها له. ويبدو أنَّ هذه النقطة، كانت بين الأمور التي سهَّلت على رئيس الحكومة البريطانية ديفيد كاميرون إعلان أنَّ قمة مجموعة العشرين جعلت «الهوة بين المقاربات بشأن مستقبل الأسد تتقلّص».
وأشار مراسل الشؤون العربية في موقع «والا»، أفي يسسخاروف، إلى أنَّ الرئيس الروسي قدَّم إنذاراً للرئيس السوري أثناء لقائهما في 20 تشرين الأول الماضي في موسكو، مبلغاً الأسد بأنَّ عليه أن يتنازل عن صلاحياته كرئيس، لصالح إنشاء حكومة انتقالية يُفترض أن تتشكّل في دمشق في الأشهر المقبلة، وأنَّه إذا لم يقبل بذلك، ستوقف روسيا دعمها له. وكتب أنَّ هذه المعلومات وصلته من مصادر إسرائيلية رفيعة المستوى في أعقاب اللقاء الذي عقده الرئيس السوري خارج حدود بلاده للمرة الأولى منذ بدء الحرب في سوريا.
وبحسب المصادر الإسرائيلية، فإنَّ اللقاء بين الزعيمين، برغم البساط الأحمر الذي فرش تكريماً للرئيس الأسد في حفل الاستقبال، كان فاتراً، وقد وصل الرئيس السوري برفقة حاشية مقلصة ومن دون مستشاريه العسكريين. وطلب بوتين من الأسد أن يجري مفاوضات مع جهات المعارضة «المعتدلة» في سوريا، بغية التوصّل إلى اتفاق على تشكيل حكومة انتقالية تعمل لفترة تصل إلى عام ونصف العام. وفي نهاية هذه الفترة، ستجري انتخابات عامة في سوريا.
وكتب يسسخاروف أنَّه في إطار الاتصالات التي جرت مؤخراً في فيينا بين ممثلي الدول الضالعة في محاولة إيجاد حلّ للأزمة السورية، بقيت عدّة خلافات بين الدول المشاركة في المحادثات، وبينها الأردن والسعودية ومصر وإيران وروسيا والولايات المتحدة. ويتعلّق الخلاف المركزي بالمستقبل المباشر للرئيس الأسد. إذ يطالب الإيرانيون ببقائه في كل الأحوال، بما في ذلك عند تشكيل حكومة انتقالية، فيما يبدي الروس استعداداً لانسحاب تدريجي للأسد أثناء ولاية الحكومة الانتقالية.
وبحسب «والا»، فإنَّ أميركا كانت قد طلبت في البداية، رحيل الرئيس السوري كشرط أوليّ، لكنَّها الآن، وفي ضوء فهم أنَّ عملية عسكرية مكثّفة ضدّ تنظيم «داعش» في سوريا باتت مطلوبة، وافقت على عزل تدريجيّ للأسد. وقبيل أن يتّضح ما إذا كان هناك اتفاق بشأن إجراء انتخابات في سوريا، وما إذا كان حقّ الانتخاب حصراً على السوريين الموجودين داخل البلاد، أم أنه سيسمح لملايين اللاجئين في الأردن وتركيا والعراق ولبنان ودول أوروبا، بالتصويت.
وهناك نقطة خلاف أخرى تتعلّق بالمشاركة في الانتخابات المستقبلية، إذ يطلب الأسد المشاركة فيها كمرشّح، فيما يعارض الأميركيون والسعوديون ذلك. أما الروس، فقد أوضحوا أنّهم سيوافقون على ذلك فقط إذا اعتزل منصبه كرئيس بعد قيام الحكومة الانتقالية. والخلافات بشأن مستقبل الرئيس السوري، تخلق توتراً غير بسيط بين طهران وموسكو، برغم التنسيق القائم بينهما في الميدان السوري. فالإيرانيون معنيّون بتعزيز المظلة الجوية التي توفّرها روسيا لنشاطاتهم على الأرض، لكنّهم غير معنيين بتوسيع السيطرة الروسية في المنطقة.
وبعد لقاءات مع قادة عدة دول على هامش قمة مجموعة العشرين، أعلن رئيس الحكومة البريطانية أنَّ الهوة في المقاربات بشأن مستقبل الأسد «كانت هائلة، بين من يؤمنون أنَّ عليه أن يرحل فوراً، وأولئك، مثل الرئيس بوتين، الذين يؤيّدون بقاءه». وأضاف، «ولكن حالياً الفجوة تتقلّص، وآمل أن نتمكّن من ردم الهوة، لكن هذا يتطلب تسويات من الطرفين».
ويعتقد معلّقون إسرائيليون أنَّ فرضية العمل في قمة مجموعة العشرين هي أن في الإمكان محاربة «داعش» فقط إذا تم توحيد جهود قوات المعارضة والجيش السوري. وكتب معلق الشؤون العربية في «هآرتس»، تسفي بارئيل، أنَّ «العمليّات في باريس قدّمت ريح إسناد للمداولات في فيينا، وذلك لأنَّ الإلحاح لبناء جبهة ناجعة للحرب ضدّ داعش، أصبح في أعقابها حرجاً. وفرضية العمل هي أنَّ تهدئة الازمة في سوريا وحدها يمكنها أن تسمح بتجنيد ميليشيات المعارضين، وبالطبع الجيش السوري للحرب ضدّ داعش».
وخلص بارئيل إلى القول: «إذا كانت استراتيجية داعش لم تتغير، فثمة بالتالي منطق في بلورة قوة قتالية مكثفة، برية وجوية يشكل فيها الجيش السوري عنصراً مركزياً، من أجل الخروج إلى هجوم على الأراضي الإقليمية لداعش.. تفكيك قاعدته الاقتصادية وإعادة المدن التي احتلها إلى مواطنيها. أما في المقابل، إذا تحول داعش إلى منظمة إرهاب دولية، فإنَّ جبهة القتال الأساس، ستنتقل إلى كل دولة يحاول المسّ بها، وعندها فإنَّ الجهود لتشكيل قوة سورية موحدة تحت نظام واحد، ستبدو ثانوية مقارنةً بالحرب التفصيلية ضدّ خلايا الإرهاب التي سيستخدمها داعش. سيكون هذا بالطبع فهماً خطيراً من شأنه أن يخلد النظام في سوريا. إذ إنَّ إلحاق الحرب ضدّ داعش بالحل السياسي في سوريا، لا يقترح حلاً لحالة لا يكون فيها اتفاق على نظام جديد. فأيّ استراتيجية أخرى ستقترحها عندها القوى العظمى!».
السفير