أجواء إيجابية... انقسام أقل... ولكن ما من تقدم فعلي في انتظار ترجمة النيات الحسنة أفعالاً. هذه هي خلاصة جلسة الحوار الوطني أمس التي أفضت إلى شبه اتفاق على ترحيل النفايات إلى خارج البلاد، وعلى تفعيل العمل الحكومي من دون إجراءات جديّة حول آليته وجدول الأعمال، فيما تُرك قانون الانتخاب للجنة التي سيشكلها الرئيس نبيه بري
للمرة الأولى، خرجت جلسة من جلسات الحوار الوطني من دون انقسام حاد بين المتحاورين، بعد شبه الإجماع الذي حازه خيار ترحيل النفايات إلى الخارج، والاتفاق الأوّلي على تفعيل عمل الحكومة، خلال الجلسة التي انعقدت أمس في عين التينة. وعبّر أكثر من مصدر مشارك في الجلسة عن الأجواء الإيجابية التي طبعت مداخلات الحاضرين، لا سيّما ردود الفعل حول مبادرة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله للوصول إلى سلّة حلّ متكاملة حول الأزمة السياسية اللبنانية.
وأعرب رئيس اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط عن تفاؤله بأجواء الجلسة، وقال لـ«الأخبار» إن «الجو كان إيجابياً جداً. الأوضاع منيحة في الوقت الحاضر. وُضعت نقاط معينة وثُمّنت الجلسة التشريعية. ونسير اليوم وفق سياسة الخطوة خطوة: بالأمس الجلسة التشريعية، وغداً الجلسة الوزارية، وبعدها حلّ مسألة النفايات».
بري للسنيورة:
الكل يتقدم وأنت ترجع
إلى الوراء
ورأى جنبلاط أن «مبادرة السيد نصرالله حول سلّة التسوية الشاملة وتلقّف الرئيس سعد الحريري لها بإيجابية، يفتحان آفاقاً جديدة... وإن شاء الله خير». بدوره، وصف الرئيس نبيه بري الجلسة بأنها «جيدة وإيجابية، وتحدثنا في كل المواضيع، وركزنا، الى رئاسة الجمهورية، على تفعيل عمل الحكومة، وكان هناك إجماع على ذلك، وعلى قانون الانتخاب». وأكد رئيس المجلس أمام زواره ليلاً أنه سيؤلف، في اجتماع هيئة مكتب المجلس اليوم، لجنة نيابية تكلف وضع قانون الانتخاب، و«ستكون سداسية أو خماسية، أحدد فيها معايير التمثيل بحيث لا تكون ثمة حجة لأحد بعدم وجوده فيها. سأبقى على موقفي بجعلها مختصرة قدر المستطاع». وقال إن «المهم في عمل اللجنة التوافق أياً يكن عدد المشاريع المطروحة أمامها، وقد تقدم مشاريع سواها. الأساس هو التوافق وطاولة الحوار ستساعد قدر الامكان. روح قانون الانتخاب تكمن في تقسيم الدوائر ونظام الاقتراع، وهذا دورنا في طاولة الحوار. بالتأكيد ستكون اللجنة النيابية من ممثلي طاولة الحوار وتستطيع أن تعود إلى الاقطاب. مهمة اللجنة تقتصر على النواحي التقنية، ولا أعتقد أن في ذلك مشكلة».
وشدد على أن تقسيم الدوائر ونظام الاقتراع «هما في أساس قانون الانتخاب ويساهمان في تكوين السلطة. سأتابع عمل اللجنة يومياً، وإذا اقتضى الأمر أن أكون معها فلن أُقصّر، وستكون هناك صلة وصل بينها وبيني».
جنبلاط: الأوضاع منيحة
ونسير وفق سياسة الخطوة خطوة
وبحسب أكثر من مشارك، فإن الانقسام حول قانون الانتخاب لا يزال موضع التجاذب الرئيسي بين الكتل السياسية، وقد ظهر الأمر واضحاً خلال النقاشات، لا سيّما التجاذب حول النسبية والأكثرية، على رغم عدم دخول المشاركين في التفاصيل بعد إعلان برّي نيته تشكيل لجنة نيابية لنقاش القانون. إلّا أن الرئيس فؤاد السنيورة عارض أن يستمر النقاش حول قانون الانتخاب في ظلّ وجود اللجنة، ليكون اقتراح من الرئيس نجيب ميقاتي مدعوماً من برّي بأن تقوم طاولة الحوار بوضع العناوين العريضة لعمل اللجنة، وتتكفّل اللجنة بترجمتها عبر التفاصيل التقنية. وأشار برّي إلى أن «طاولة الحوار بإمكانها وضع الخطوط العريضة»، مشبّهاً إيّاها «بطاولة الدوحة».
وفي ما خصّ تفعيل العمل الحكومي، أبدى المتحاورون إجماعاً لافتاً على ضرورة عودة الحكومة إلى العمل المنتظم في ظلّ الأوضاع التي تمر بها البلاد، إلّا أن أكثر من مصدر أكّد لـ«الأخبار» أن الاتفاق على تفعيل العمل الحكومي يبقى كلاماً في الهواء إن لم يتبع ذلك اتفاق واضح على آلية عمل الحكومة وطرح جدول الأعمال، وهو ما لم يحصل حتى الآن. وعلّقت مصادر مشاركة في قوى 8 آذار على هذه النقطة بالقول إن «الجلسة لم تكن خلافية، لكن ما من تقدّم فعلي».
«شغب» السنيورة
وكالعادة، حاول السنيورة استغلال الحديث عن الواقع الأمني للتصويب على المقاومة، عبر طرح موضوع سرايا المقاومة ومشاركة المقاومة في القتال في سوريا. فرأى أن «وجود سرايا المقاومة في بيروت وصيدا والمناطق الأخرى يروّع المواطنين، ويتسبّب في تنمية المشاعر الطائفية والمذهبية». وردّ برّي على كلام السنيورة بالقول إن «الأمور في العالم تطوّرت... وكل شيء يتقدّم إلّا أنت ترجع إلى الوراء وتكرّر ذات الاسطوانة». بدوره، ردّ النائب محمد رعد على كلام السنيورة، لافتاً إلى أن «الدم لم يجفّ بعد، وهذا الكلام ليس في وقته الآن. في سوريا هناك حرب عالمية، وفي حالات الأزمات تلتف الدول والشعوب بعضها على بعض، كما حصل في فرنسا، بدل تبادل الاتهامات». وتلقّى السنيورة ردّاً مطوّلاً من رئيس تكتّل التغيير والاصلاح النائب ميشال عون، دافع فيه عن المقاومة. وأشار عون إلى أن الأزمة السورية هي أزمة دولية كبرى وتشكّل خطراً بالنسبة إلى دول عديدة، مؤكّداً أن الإرهاب التكفيري بات يهدّد أمن العالم. ووصف مشاركة المقاومة في سوريا بـ«الحرب الوقائية»، لأن «الإرهابيين موجودون على حدود لبنان... ومن البساطة أن نقول لطرف إن انسحابه من سوريا قد يوقف الأزمة».