شهد العالم خلال الاسبوع الماضي سيلا من الهجمات الإرهابية كان آخرها التفجيرات التي حصلت في لبنان والتي ضربت منطقة برج البراجنة في الضاحية الجنوبية لبيروت والهجمات الوحشية التي تعرضت لها العاصمة الفرنسية باريس.
وجاءت هذه الهجمات لتقدم أبشع صورة عن الهجمات الإرهابية التي يقودها تنظيم داعش وأكدت على وحشية هذا التنظيم وابتعاده عن كل الضوابط والمعايير الاخلاقية والإنسانية في العالم.
ومن الطبيعي أن تحشد هذه الهجمات الإرهابية البشعة أشكالا عدة من حملات الإستنكار والتضامن والإدانة ،ومن الطبيعي جدا أن يستنفر العالم للإستنكار والإدانة كتعبير طبيعي عن رفض الإرهاب أينما وجد ، ومن الطبيعي أيضا أن تشكل شعوب العالم حملات للتضامن كتعبير وحيد تستطيع هذه الشعوب ان تقوم به كرد طبيعي على رفض الارهاب والقتل والخراب والحرب.
ولذلك فقد شهدت العديد من البلدان الأوروبية والعربية حملة تضامن واسعة مع باريس، وقد جاءت بصور مختلفة، منها استخدام العلم الفرنسي كوشاح على الابراج الرئيسية في بعض البلدان وعلى الأماكن السياحية في بلدان أخرى وانتقلت هذه الحالة تلقائيا الى صفحات مواقع التواصل الإجتماعي حيث شاهدنا العلم الفرنسي يملأ صفحات فايس بوك الذي تضامن هو بدوره وأتاح استخدام هذا التضامن للمشتركين وأنتشر بشكل سريع في الوطن العربي لينقلب هذا التضامن الى طرح الكثير من الأسئلة في واقع عربي يمزقه التطرف والإرهاب والقتل على امتداد الساعة وخصوصا في سوريا ولبنان والعراق ومصر وفلسطين وليبيا واليمن وغيرها من الدول العربية.
إن التضامن مع المظلومين رفضا للإرهاب والقتل أمر طبيعي أيا كانت جنسياتهم وأعراقهم وطوائفهم ، ولكن من غير الطبيعي أن نتنكر نحن العرب لقضايانا على حساب القضايا الأخرى ، ومن غير الطبيعي أيضا أن نتضامن ضد الإرهاب في مكان ما ونتنكر للإرهاب في أماكن أخرى خصوصا في وطننا العربي، ومن غير الطبيعي أن نتناسى محيطنا العربي على حساب بلدان أخرى.
إن انتشار ظاهرة التضامن مع فرنسا في الوطن العربي على أيجابيتها وكونها عملا إنسانيا بحتا ، إلا أنها في جوانب أخرى كانت محل استغراب في العديد من الأوساط المتابعة وللعديد من الشعوب العربية التي تعاني الإرهاب ساعة بساعة، وعلى رأس هذه الشعوب الشعب الفلسطيني الذي كان من حقه أن يستغرب هذا الإندفاع العربي تجاه الشعب الفرنسي في حين أن آلة البطش الإرهابي الصهيوني تنال كل يوم من الشعب الفلسطيني الأعزل.
أضف إلى ذلك أن شعوب المجتمع العربي هي التي تعاني بشكل أساسي من الإرهاب وهي التي تدفع أثمانا باهظة في مواجهة الإرهاب ولا ننسى على هذا الصعيد مصر والعراق وسوريا ولبنان على وجه التحديد هذه الدول التي ما زالت إلى اليوم تعاني الإرهاب وتدفع ضريبة مواجهة هذا الإرهاب من شعبها وجيشها واقتصادها وغير ذلك.
نتضامن ولكن على ليس حساب هويتنا وأوطاننا ، نتضامن ولكن ليس على حساب قضايانا وشعوبنا ، نتضامن ولكن ليس للتبعية ولا للتقليد نتضامن بحق ضد كل أنواع الإرهاب أينما وجد وأينما حل وهذه هو التضامن الحقيقي والجار أولى، والأقربون أولى بالمعروف.
والسؤال الأهم لماذا سيبقى الدم العربي رخيصا حتى عندنا نحن العرب.