نجت طرابلس، يوم أمس، من مخططين إرهابيين، الأول مجهول الاتجاه والهدف، والثاني كان معدّاً باتقان، ويهدف الى إيقاع أكبر عدد من الإصابات في صفوف المدنيين وربما العسكريين. لكن المخططين كانا يؤسسان في الوقت نفسه لمشروع فتنة جديد في المدينة.
وإذا كانت الصدفة لعبت دورها في تمكّن شعبة المعلومات في قوى الأمن الداخلي من توقيف المدعو ب. ج. في محلة القبة، والذي كان مزنّراً بحزام ناسف زنته خمسة كيلوغرامات من المواد شديدة الانفجار مجهّز للتفجير، فإن العناية الإلهية تدخلت وساهمت في حماية جبل محسن من تفجير جديد، حيث تم العثور صباحا على عبوة ناسفة زنة عشرة كيلوغرامات معدّة للتفجير، ومجهّزة بساعة توقيت وبقطع معدنية وغالونين من مادتيّ التنر والدهان، كانت موضوعة بالقرب من مقهى كنعان في حيّ الأميركان، وقد عمل الخبير العسكري على تعطيلها.
ولم تستبعد مصادر أمنية أن يكون هناك ارتباط بين حامل الحزام الناسف وبين من وضع العبوة الناسفة، وأن يكون الشخصان قد خططا لعملية إرهابية واحدة في جبل محسن لم يكتب لها النجاح، تاركة ذلك لما ستظهره التحقيقات مع الموقوف ب. ج. الذي سبق وقاتل في سوريا، وهو شقيق المطلوب الفار إ. ج. الموجود على الحدود السورية ـ التركية والمنتمي الى تنظيم "داعش"، في حين علمت "السفير" أن الجيش أوقف شخصاً يشتبه بعلاقته بوضع العبوة الناسفة.
وترجح هذه المصادر أن المدعو ب. ج. ليس هو الانتحاري الذي كان سيستخدم الحزام الناسف، وإنما كان عبارة عن وسيط لإيصاله الى شخص آخر، لافتة الانتباه الى أن ب. ج. كان يحمل مسدسا، وبحوزته قنبلة يدوية، وعندما تمت محاصرته من قبل العناصر الأمنية هدد بتفجير نفسه لكنه لم يجرؤ على القيام بذلك، فعملت العناصر الأمنية على إجراء مفاوضات معه وإقناعه بتسليم نفسه.
ثمة فرضيتان يتم تداولهما بين الأجهزة الأمنية: الأولى أن يكون انفجار العبوة الناسفة مقدمة لهجوم انتحاري عندما يجتمع المواطنون والعناصر الأمنية في حي الأميركان، والثانية أن لا يكون هناك أي إرتباط بين العبوة وبين الانتحاري الافتراضي، الذي ربما كان يريد استهداف موقع للجيش اللبناني، وذلك بحسب الاعترافات التي أدلى بها عدد من المطلوبين الذين تم توقيفهم مؤخرا بأن هناك مخططا لدى تنظيم "داعش" لتجنيد أشخاص بهدف القيام بعمليات انتحارية ضد مواقع عسكرية.
في حين تشير مصادر أمنية الى أن معدّ العبوة الناسفة التي عثر عليها، هو خبير متمرّس في صناعة العبوات، وكان يهدف من خلال تصنيعها وتوقيتها الى إيقاع أكبر عدد من الاصابات في صفوف المواطنين الذين يتجمعون أمام مقهى كنعان، والعسكريين وطلاب المدارس الذين يسلكون طريق الأميركان صباح كل يوم، علما أن مكان العبوة يبعد نحو 60 متراً عن مركزين للجيش الأول في محلة الأميركان والثاني عند آخر "مشروع الحريري".
ما شهدته طرابلس أمس ترك تساؤلات عدة حول إختيار التوقيت، وهل أن العبوة هي رسالة الى الجيش والقوى الأمنية ردا على التوقيفات؟ وهل عاد جبل محسن ومعه طرابلس الى دائرة الخطر؟
مصادر في "الحزب العربي الديموقراطي" رفضت التعليق على العبوة الناسفة.