من جديد يضرب الارهاب وسط الضاحية الجنوبية , برسالة دموية , ولبنان يرد بالتضامن
السفير :
إنها الرسالة الأكثر دموية وإيلاما.. ووضوحا في الحرب المفتوحة مع قوى التكفير الحاقدة والعمياء.
إنها مصيبة وطنية تتجاوز محلة برج البراجنة ومنطقة الضاحية الجنوبية وجمهور المقاومة. تتجاوز كل من فقد عزيزا أو أصابته سهام الإرهاب في جسده أو مسكنه أو متجره أو مسجده أو في أي مكان عام كان يفترض أنه آمن.
إنها إشارة إنذار متجددة بوجوب عدم التهاون مع هذه المجموعات التي يلفظها كل دين وأخلاق وشعور إنساني.
إنها دعوة مفتوحة للمسؤولية الوطنية التي يفتقدها لبنان، ولو بحدها الأدنى، بدليل ما شهده مجلس النواب في جلسة الأمس، من «عبوات» ونكايات ومزايدات و «حروب طائفية» وإنتاج قوانين عشوائية وعنصرية وإرساء تقاليد لا تمت بصلة للمصلحة الوطنية.
نعم، المجرم واحد. من آخر تفجير استهدف مسجدا في نجران قرب حدود اليمن إلى تفجير برج البراجنة، مرورا بكارثة الطائرة الروسية في سماء شرم الشيخ وتفجيرات صنعاء وبغداد وتركيا...
ولأنه كذلك، يفترض أن يكون الرد واحدا، من صنعاء إلى بيروت، وعنوانه التماسك الوطني، ولو أن الأحقاد والمصالح تعمي العيون هنا وهناك. من الدول التي تصر على ممارسة سياسة التعامي، فيتسلح الإرهاب من مالها وحدودها ومنابرها ومستودعاتها، إلى «الشعوب» التي تطلق النار أو توزع الحلوى، عندما تحرق النار، من يخاصمها سياسيا عند الضفة السياسية المقابلة!
عندما نشهد معركة كتلك الجارية في أرجاء المنطقة اليوم، تكون جريمة كتلك التي أصابت برج البراجنة متوقعة سياسيا، في كل ساعة وكل يوم. ولعل الإجراءات المتخذة في مناطق لبنانية عدة، وخصوصا في الضاحية الجنوبية، منذ سنوات عدة، خير تعبير على أن فرضية الاستهداف قائمة في كل حين.
حتما، تتصاعد وتيرة التدابير أو تتراجع، تبعا لإيقاع الميادين الملتهبة عند الحدود أو في سوريا وربما أبعد من ذلك. ثمة مناسبات تستدعي أكبر قدر من الجهوزية والاستنفار (نموذج إحياء مناسبتي عاشوراء ويوم الشهيد) وثمة أوقات يغلب على الاجراءات طابعها الروتيني، فيما تبقى العبرة في أحيان كثيرة في قدرة الاستعلام والأمن الاستباقي لدى الأجهزة، على شاكلة آخر عملية شهدتها العاصمة يوم اقتحم الأمن العام في الخامس والعشرين من حزيران 2014، فندق «ديروي» في الروشة فأقدم انتحاري على تفجير نفسه، لينجو مطعم «الساحة» في الضاحية من عمل أمني كبير.
ومن يدقق في أرشيف التحقيقات مع عشرات، لا بل مئات الموقوفين الإرهابيين في السنوات الأخيرة، يتبين له أن هذه المجموعات باتت تملك بنية تحتية متكاملة من التخطيط إلى التجنيد والتسليح.. وصولا إلى التنفيذ على الأرض بكل متطلباته اللوجستية والبشرية والأمنية، والمؤسف أكثر هو وجود «بيئات حاضنة» متعددة الجنسيات!
تختلف أساليب المجموعات، بحيث يختار بعضها عادة التوقيت الذي يناسبه سياسيا لتنفيذ عملية إرهابية، وبعضها الآخر يتسلل عندما يجد نقطة الضعف بمعزل عن التوقيت السياسي، لكن النتيجة واحدة.
بهذا المعنى، لا يمكن فصل ما جرى في برج البراجنة، وما يمكن أن يتكرر في أية منطقة لبنانية، عما يجري على أرض سوريا من جهة، وعما تقوم به الأجهزة العسكرية والأمنية اللبنانية من انجازات متتالية في مواجهة الإرهاب من جهة ثانية.
لقد اختار الإرهابيون المكان بهدف إيقاع أكبر عدد ممكن من الضحايا. منطقة برج البراجنة في الضاحية الجنوبية. شارع سكني وتجاري. توقيت الذروة. عشية يوم جمعة. وقت الصلاة. حسينية ومسجد وفرن ومقهى وطريق عام، بالإضافة إلى عدد كبير من المحلات التجارية. لا تشهد الضاحية زحمة كتلك التي تشهدها هذه المنطقة المستهدفة، إلا في عمق خزانها البشري: حي السلم.
ويشكل الشارع المستهدف امتدادا طبيعيا لمخيم برج البراجنة للاجئين الفلسطينيين، ولعل من اختار المكان أراد أن يصيب خزان المقاومة.. والأخطر محاولة دق إسفين في العلاقة بين جمهور المقاومة والمخيمات الفلسطينية، من دون إغفال الواقع الاجتماعي المأساوي لهذه التجمعات، وما يمكن ان تولده من ظواهر لا تمت بصلة إلى حقيقة معظم أهلها.
قرابة السادسة من مساء أمس، تسلل انتحاريان على الأقل، إلى شارع سوق الحسينية في منطقة عين السكة، وتحديدا إلى نقطة قريبة من «فرن مكي» (يسكن فوقه ذوو قيادي كبير في «حزب الله») وحسينية جامع الرمل التي يؤمها عادة الشيخ احمد قبلان، وكان موجودا فيها، لحظة الانفجار. كان الفارق بين كل انتحاري والآخر حوالي 15 إلى 20 مترا، وما أن فجر الأول نفسه وهو يعتلي دراجة نارية بالقرب من «فرن مكي»، حتى خرج المحتشدون في الحسينية القريبة على وقع الانفجار، فدوى صوت الانفجار الثاني، ليسقط عندها العدد الأكبر من الضحايا من الشهداء والجرحى.
النهار :
وقف لبنان مذهولاً أمام الحصيلة الدموية الباهظة للتفجيرين الانتحاريين اللذين ضربا منطقة برج البراجنة مساء أمس واضعين البلاد في مواجهة موجة ارهابية اجرامية بدت بصمات "داعش" واضحة عليها، مما استدعى استنفاراً واسعاً سياسياً وأمنياً وعسكرياً. وفيما كان المشهد الداخلي يستكين الى رؤية مجلس النواب في انعقاد "نادر" للمرة الاولى منذ سنة تماما في اليوم الاول من الجلسة التشريعية، سدد تنظيم "داعش" هجمته الاجرامية الارهابية على الآمنين في حي مكتظ بعد صلاة الغروب عبر نمط "متطور" في الاجرام استعان فيه بمجموعة من ثلاثة انتحاريين فجروا أحزمة ناسفة في ساعة الذروة فأوقعوا أكبر حصيلة دموية من الشهداء والجرحى لم ترس حتى ساعات الليل المتقدمة على رقم نهائي، لكن آخر حصيلة شبه نهائية اعلنتها وزارة الصحة ليلا أفادت ان عدد الشهداء بلغ 43، وعدد الجرحى 239.
وشكّل دخول "داعش" على خط معاودة الهجمات الارهابية في قلب الضاحية الجنوبية والعمق اللبناني بعدما سارع التنظيم الى اعلان تبنيه التفجير المزدوج في برج البراجنة عاملاً طارئاً يتسم بخطورة شديدة، فيما بدا واضحاً ان التفجير الذي يعتبر الاضخم في سلسلة العمليات التفجيرية الارهابية التي استهدفت لبنان لم يكن متصلاً فقط بالنمط الاجرامي لـ"داعش " وانما "ركبت" للتفجير أيضاً ساعة توقيت سياسية من خلال تزامن التفجير مع استعادة المشهد السياسي الداخلي حداً معقولاً من التماسك ترجمته التسوية السياسية التي اثمرت انعقاد الجلسة التشريعية لمجلس النواب. وأثار التفجير المزدوج بحصيلته الضخمة المفجعة مخاوف من تجدد الموجة الارهابية وخصوصاً في ظل مؤشرات سبقته كان من أبرزها الشريط الذي نشره "داعش" قبل أيام مهدداً فيه مجموعة شخصيات سنية سياسية ودينية لبنانية، وقت تكثفت عمليات مخابرات الجيش والاجهزة الامنية وتمكنت من توقيف عدد من الرؤوس الارهابية المنخرطة في خلايا لـ"داعش".
وللمرة الاولى منذ سنة ونصف سنة وتحديداً منذ 23 حزيران 2014 تاريخ التفجير الاخير في الضاحية الجنوبية، ضرب "داعش" ضربته امام حسينية برج البراجنة على دفعتين، اذ تولى انتحاري أول تفجير نفسه بحزام ناسف، وبعد أقل من خمس دقائق حذا حذوه انتحاري ثان، فيما عثر على انتحاري ثالث مقتولاً بفعل احد التفجيرين قبل ان يتمكن من تفجير نفسه. وبعد ساعات قليلة من التفجيرين، نشر تنظيم "داعش" في مواقع التواصل الاجتماعي صورة من مكان العملية وبياناً تبنى فيه التفجيرين.
وأبلغت مصادر وزارية "النهار" ان أكثر من وزير اتصل أمس برئيس الوزراء تمام سلام عقب تفجيري برج البراجنة لإقتراح انعقاد مجلس الوزراء في صورة طارئة لمواكبة التطورات التي تنذر بتداعيات دراماتيكية على غرار انفجار الطائرة الروسية في شرم الشيخ. وقد رد الرئيس سلام على هذا الاقتراح بأنه سيجري مشاورات قبل إتخاذ مبادرة، علما أن سلام كما قالت المصادر يحسّ بالمسؤولية الملقاة على عاتقه في هذه الظروف الدقيقة المستجدة. وكانت الخلوة التي عقدها رئيس الوزراء ورئيس مجلس النواب نبيه بري عقب رفع الجلسة التشريعية لدى تبلغ الرئيس بري والنواب نبأ التفجيرين تناولت ما يمكن اتخاذه من اجراءات لمواجهة هذا الحدث الذي اخترق المناخ الداخلي في عز انصراف المجلس الى استكمال اقرار جدول أعمال الجلسة. وأعلن سلام لاحقا الحداد العام على شهداء التفجير الارهابي وتنكيس الاعلام فيما اعلن وزير التربية الياس بو صعب إقفال المدارس الرسمية والخاصة والجامعات. ومساء أعلنت الامانة العامة لمجلس النواب ارجاء موعد الجلسة التشريعية من الاولى بعد ظهر اليوم الى الخامسة عصراً ليتسنى للنواب المشاركة في مراسم العزاء بشهداء التفجيرين.
وعلمت "النهار" أن سفارات الدول الكبرى العاملة في لبنان وباقي السفارات الغربية بعثت برسائل نصيّة الى رعاياها تدعوهم الى إلتزام الحيطة والحذر وعدم التجوّل عند الحاجة.
تنديد فرنسي وأميركي
واعرب الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند عن "صدمته وسخطه" لهذا الاعتداء الذي وصفه بانه "عمل دنيء". وقالت الرئاسة الفرنسية في بيان إن "رئيس الجمهورية يعبر عن سخطه وصدمته اثر الاعتداء الذي خلف عشرات القتلى وأكثر من مئة من الجرحى في حي برج البراجنة في بيروت ويندد بهذا العمل الدنيء ويتقدم بتعازيه من اسر الضحايا واقاربهم. ان الفرنسيين يشاطرون اللبنانيين الحداد الوطني وان فرنسا ملتزمة أكثر من أي وقت مضى السلام في لبنان ووحدته واستقراره".
كما نددت السفارة الاميركية في بيروت "بشدة بالاعتداء الحاقد" في برج البراجنة وقدمت تعازيها الى عائلات الضحايا.
ووسط موجة استنكارات داخلية عارمة للتفجيرين، اعتبر "حزب الله" بلسان المعاون السياسي للامين العام للحزب حسين خليل ان هذه الجريمة "ليست موجهة ضد حزب أو منطقة أو فئة انما هي جريمة ضد الانسانية جمعاء ومن قام بها هم وحوش لا ينتمون الى البشرية". وأكد ان "مواجهتنا ضد القوى الارهابية مستمرة ونحن في الطريق الصحيح وسنمضي في محاربتنا لهذه المجموعات التكفيرية".
وبرزت في هذا السياق زيارة وزير العمل سجعان قزي لمكان التفجيرين معلناً استنكاره وحزب الكتائب لهما ومقدماً التعازي بالشهداء باسم الرئيس امين الجميل ورئيس الحزب النائب سامي الجميل.
المستقبل :
هو الإرهاب الأعمى عينه يضرب مجدداً حاصداً مزيداً من المدنيين في رصيد مجازره النازفة على مذبح بلاد الشام. بالأمس كانت بيروت على موعد مع مجزرة دموية مدوية استهدفت حيّاً تجارياً مكتظاً في برج البراجنة إثر هجوم انتحاري مزدوج ذهب ضحيته أكثر من 40 شهيداً و200 جريح في محصلة هي الأكبر من نوعها منذ دخول لبنان في دوامة الانفجار والانتحار ربطاً بالحرب السورية. ولأنّ المصيبة تجمع، بدا الوطن متّحداً في مواجهة مجزرة «البرج» قطعاً للطرق الفتنوية ودرءاً للمخططات التخريبية الرامية إلى زجّ اللبنانيين في أتون النيران المستعرة في المنطقة. فعلى المستوى الرسمي، ينكّس لبنان اليوم الأعلام معلناً الحداد العام على ضحايا التفجيرين الإرهابيين، أما على المستوى السياسي والحزبي، وبغض النظر عن الهتافات الطائفية والمذهبية التي أطلقها بعض صبية «حزب الله» عبر شاشات التلفزة، فقد سادت لغة العقل على ألسنة السواد الأعظم من المسؤولين والقيادات من مختلف الانتماءات السياسية والحزبية والطائفية توكيداً على أهمية الاتحاد اللبناني في هذه المرحلة الدقيقة والحساسة من تاريخ المنطقة والوطن.
وبينما تتالت الإدانات والاستنكارات محلياً منذ لحظات التفجير الأولى، على أمل من رئيس مجلس الوزراء تمام سلام في أن تشكل «هذه الفاجعة حافزاً لجميع المسؤولين لتخطي الخلافات والعمل على دعم المؤسسات الدستورية والأمنية لكي نتمكن معاً من حماية جبهتنا الداخلية وتحصينها»، برزت على المستوى الدولي إدانة فرنسية شديدة اللهجة أبدى فيها الرئيس فرنسوا هولاند «صدمته وسخطه» جراء هذا «العمل الدنيء« وفق ما جاء في بيان صادر عن الأليزيه أكد أنّ «الفرنسيين يشاطرون اللبنانيين الحداد الوطني» مع التشديد على كون «فرنسا ملتزمة أكثر من أي وقت مضى (العمل) من أجل السلام في لبنان ووحدته واستقراره». في حين أعربت السفارة الأميركية في بيروت عن إدانتها هذا «الهجوم الحاقد» متوجهةً إلى عائلات الضحايا بالتعزية.
وفي تفاصيل الاعتداء الإرهابي، أنّ ثلاثة انتحاريين كانوا قد تسللوا مشياً على الأقدام إلى محلة «حيّ السكة» في منطقة برج البراجنة حيث سرعان ما أقدم أحدهم على تفجير نفسه وسط حشد من المواطنين قبيل نحو 5 دقائق من تفجير انتحاري ثانٍ نفسه على مقربة من الانفجار الأول إلى جانب إحدى حسينيات المنطقة، الأمر الذي ضاعف أعداد الشهداء والجرحى وأدى إلى مقتل الانتحاري الثالث قبل التمكن من إتمام مهمته الإرهابية. وفي حين سرت شائعات في اللحظات الأولى للاعتداء تتحدث عن استشهاد نجل نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الشيخ عبد الأمير قبلان عادت مصادر المجلس لتنفي صحة هذه الشائعات، بينما أوضحت مصادر ميدانية أنّ قبلان كان بالفعل يصلي داخل الحسينية لحظة وقوع الانفجار إلا أنه شوهد أثناء خروجه سليماً ليستقل سيارته قبل مغادرته المنطقة.
وبحسب المحصلة شبه النهائية التي أعلنتها وزارة الصحة قبيل منتصف الليل، فقد أسفر الهجوم الانتحاري المزدوج عن استشهاد 43 شخصاً بالإضافة إلى إصابة 249 آخرين بجروح جرى نقلهم للمعالجة في مستشفيات بهمن والساحل والرسول الأعظم والبرج والزهراء ورفيق الحريري الجامعي والسان جورج.
الديار :
مهما فعلوا وتآمروا وحاولوا قتل الضاحية وروحها وكل امل بالحياة فيها سيفشلون وسينهزمون، وستنفض الضاحية غداً غبار مجازر الارهابيين وستعود دورة الحياة الطبيعية كما يعيشها اهل الضاحية ليشكل ذلك أكبر رد على هؤلاء المجرمين.
«الضاحية الشموس» التي تدفع دائماً الضريبة عن الوطن كله، منذ العام 1982 وحتى يومنا هذا، اسقطت كل المؤامرات الاسرائيلية والارهابية، واذا استطاع الارهابيون والاسرائيليون تدمير منزل او قتل شاب فانهم عاجزون عن قتل روح ابناء الضاحية الشامخة الأبية القادرة على هزيمة كل المؤامرات. فمهما فعلوا وعملوا لن ينالوا من صمود الضاحية وعزة اهلها وشموخهم. وستبقى الضاحية «مقلعاً للرجال الاشاوس» في مواجهة الاسرائيلي والتكفيريين وقدرهم دائماً ان يدفعوا الشهداء دفاعاً عن عزة الوطن والامة وكرامتها.
فالاسرائيلي الذي شن خلال حرب تموز اكثر من 100 الف غارة على احياء الضاحية، لم يتمكن من فعل شيء، والارهابيون الذين استهدفوا الضاحية بتفجيرين عجزوا عن فعل اي شيء، وما ان توقف العدوان في تموز 2006 حتى عادت الحياة الى الضاحية، وتم اعمارها من جديد...
مهما فعلوا لن ينجحوا في كسر شوكة الصمود والاباء كونهم مجرمين «انذالاً» لا يعرفون الا لغة القتل والتفجير وأكل الاكباد واستهداف المدنيين، فيما هم يتقهقرون في ساحات القتال الحقيقية ويهربون امام عظمة الرجال، وقتال الرجال، فليجأون الى اساليب اجرامية لا تمت الى الدين ولا الى الاسلام بشيء.
الارهاب الذي ضرب الضاحية امس هو ارهاب اسرائيلي بايد تكفيرية اذ نجحوا في «التسلل خلسة» كالافاعي ونفذوا ضربتهم فانهم لن يغيروا شيئاً لان دماء شهداء الضاحية امس «ستنبت» عزة وصموداً وفخراً.
ما حصل في الضاحية امس، صورة طبق الاصل عن الاستهدافات الانتحارية في العراق وباكستان وافغانستان والسعودية عبر عمليات انتحارية باحزمة ناسفة امام الحسينيات والجوامع مستغلين ساعات الذروة.
ما شهدته الضاحية امس يفرض على اهل السلطة ان يتجاوزوا خلافاتهم ويدركوا ان لبنان في قلب «العاصفة» ولا يمكن مواجهة الارهاب الا بدولة قوية موحدة الرؤيا لانه مهما حققت القوى الامنية من انجازات ستبقى ناقصة اذا لم تتم مواكبتها بدولة محصنة وضرورة مغادرة البعض «للترف السياسي» عبر مناكفات من هنا وهناك، خصوصاً ان المسؤولين في الدولة كان عليهم قراءة الرسالة الاولى منذ اسبوعين في عرسال والتي استهدفت الجيش اللبناني ووصفها البعض بانها بداية لمرحلة جديدة في لبنان بعد التطورات السورية وتبدلات القوى على الارض.
كما ان المؤامرة الاسرائيلية الارهابية جاءت بعد 24 ساعة على كلام الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله والذي دعا فيه الى التسوية الشاملة وتحصين لبنان من خلال الدخول في هذه التسوية، حيث تركت كلمة الامين العام اصداء جيدة ومرحباً بها من قبل كل اللبنانيين وكل الاطراف السياسية واعتبرها العديدون مدخلا لحل سياسي في لبنان، سرعان ما رد التكفيريون على هذه المبادرة الشاملة بتفجير ارهابي للقضاء على كل «بصيص امل» بالحل في هذا البلد واعادة توتر الساحة الداخلية وزجها بتوترات مذهبية.
الاجهزة الامنية كانت قد سربت معلومات عن تحركات ارهابية في المخيمات في الفترة الاخيرة واعتقال اشخاص اعترفوا بالتخطيط لتنفيذ عمليات ارهابية في عين الحلوة وبرج البراجنة ومخيمات بيروت، ورصدت اتصالات ونشاطات لخلايا ارهابية في هذه المناطق. واتخذت الاجراءات الامنية الاستثنائية في الضاحية الجنوبية ومناطق البقاع الغربي، لكن الجميع يدرك ان وقف هذه العمليات بشكل نهائي امر صعب جداً في ظل «التشابك» السكاني في منطقة الانفجار وكثافة النازحين السوريين، حيث انتشار العناصر الارهابية بينهم امر معروف وموثق.
الانفجاران الانتحاريان وضعا عند السادسة عصر أمس، والفارق بينهما 5 دقائق فقط. وقد اختار المخططون اهدافهم بدقة لقتل اكبر عدد من الناس الابرياء خصوصاً ان المنطقة المستهدفة تشهد اكتظاظا سكانياً يصل الى الذروة عند ساعات المساء وتحديداً بعد صلاة المغرب، ووجود جامع ومصلى وعجقة محلات وابنية سكنية قريبة من بعضها البعض وهذا ما ضاعف عدد الشهداء نتيجة عصف الانفجارين.
وفي المعلومات ان الارهابي الاول كان يستقل دراجة نارية ركنها عند مدخل الجامع وحاول الدخول الىه لكن الشاب الشهيد عادل ترمس منعه، فعاد الانتحاري الى دراجته وفجّر نفسه امام مسجد الامام الحسين في منطقة برج البراجنة. وفي المعلومات ان الشهيد ترمس اشتبه بالانتحاري ورمى نفسه عليه، لكن الارهابي تمكن من تفجير عبوته. وعلى الاثر تجمع الناس وهبوا لسحب الشهداء والجرحى فوقع الانفجار الثاني على بعد 20 متراً عبر عملية انتحارية وبحزام ناسف، مما زاد عدد الشهداء. لكن عصف الانفجار الثاني ادى الى مقتل الانتحاري الثالث قبل ان يتمكن من تفجير نفسه. واشارت معلومات الى ان هناك انتحارياً رابعاً تم القاء القبض عليه وظهر ذلك في شريط فيديو. وتكتمت المصادر الامنية على هذه «المعلومة» لكنها لم تؤكدها او تنفها.
الانفجاران الانتحاريان اديا الى سقوط اكثر من 43 شهيدا و239 جريحاً نقلوا الى مستشفيات الساحل والرسول الاعظم وبهمن والجامعة الاميركية وقد فرضت القوى الامنية طوقا حول مكان الحادث ومنعت المواطنين من الاقتراب، خصوصاً ان جثتي الانتحاريين الثاني والثالث يمكن التعرف على هويتهما بسبب عدم اصابتهما بتشوهات كبيرة.
وفي التفاصيل ايضاً ان معلومات كانت قد وصلت الى الاجهزة الامنية وجهاز امن المقاومة عن التحضير لعمليات ارهابية في الضاحية والجنوب والبقاع، وان الارهابيين كانوا يخططون لاعمال ارهابية في ليالي عاشوراء، وان يقظة الاجهزة الامنية احبطت هذه المحاولات وتمكن الامن العام اللبناني من القاء القبض على شبكة كانت تخطط لعمليات في الضاحية بقيادة جمال كعوش وتضم فلسطينيين وسوريين. وقد بقيت الاجراءات الامنية في الضاحية وخصوصا امس، حيث أُخضع الداخلون اليها لاجراءات استثنائية على الحواجز، وعندما فشلوا في ادخال سيارات عمدوا الى استخدام الاحزمة الناسفة وهذه عمليات من الصعوبة كشفها.
كما ان المعلومات اشارت الى وجود تحركات ارهابية منذ اسابيع في مخيمات بيروت وتحديداً في برج البراجنة من قبل قوى تكفيرية ارهابية عملت على استئجار منازل والقيام بتحركات والتخطيط لتفجيرات والعمل على وصل مخيمات بيروت بعضها ببعض وافتعال اشكالات مسلحة مع مناطق الضاحية، لكن تصدي الجيش اللبناني والقوى الامنية احبط هذ المخطط. لكنهم تمكنوا امس من تنفيذ مخططهم الارهابي، خصوصا ان العملية اثبتت ان «الخلايا النائمة» الارهابية قادرة على التخطيط والتنفيذ وتمتلك معلومات «الرصد» والاتصال. وهذا ما يفرض على القوى الامنية المزيد من الاجراءات. كما نجح حزب الله والقوى الامنية بـ«احباط» هذه العمليات ووقفها لسنتين تقريبا عبر اعتقال رموز قيادية من هذه الشبكات كنعيم الاطرش وجمال دفتردار، فان القوى الامنية قادرة على ضرب «الجيل الثاني» من هذه العصابات الاجرامية.
ـ «داعش» يتبنى العملية ـ
واصدر تنظيم داعش بيانا تبنى العملية وجاء فيه:
في عملية أمنية نوعية يسرها الله تعالى، تمكّن جنود الخلافة من ركن دراجة مفخخة وتفجيرها على تجمع للرافضة المشركين في ما يعرف بشارع «الحسينية» في منطقة (برج البراجنة) الواقعة في الضاحية الجنوبية لبيروت معقل حزب اللات الرافضيّ، وبعد تجمّع المرتدّين في مكان التفجير، فجّر احد فرسان الشهادة - تقبّله الله - حزامه الناسف في وسطهم، ليوقع فيهم ما يزيد على اربعين قتيلاً ومائتي جريح، ولله الحمد. وليعلم الرافضة المرتدون انّا لن يهدأ لنا بال حتى نثأر لعرض النبي صلّى الله عليه وسلّم وصحابته رضوان الله عليهم، والحمد للّه رب العالمين. واعلن تنظيم داعش اسماء المجرمين الذين نفذوا العملية الاجرامية وهم حامد رشيد البالغ (فلسطيني) وعمار سالم الريس (فلسطيني) وخالد احمد الخالد (سوري).
الجمهورية :
من السيارات المفخّخة إلى الأجساد المفخّخة بدّلَ الإرهاب أساليبه الإجرامية ليخترق أمن الضاحية الجنوبية لبيروت ويرتكب مجزرة مروّعة فيها، ذهبَ ضحيتها 43 شهيداً و239 جريحاً، في الوقت الذي تحرّكت الحياة السياسية إيجاباً عبر عودة التشريع إلى المجلس النيابي ليبنى عليها لاحقاً وعلى الحوار الجاري بين قادة الكتل النيابية، كذلك بين حزب الله وتيار «المستقبل» للوصول إلى «تسوية سياسية شاملة» نادى بها الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصرالله، وتتجسّد بنودها بجدول أعمال الحوار. إمتدّت يد الإرهاب مجدّداً إلى الضاحية الجنوبية لبيروت، وارتكبَت مجزرة مروّعة سَقط فيها 43 شهيداً و239 جريحاً، حسب إحصاء أوّلي، وذلك بتفجير مزدوج تبنّاه تنظيم «داعش» الإرهابي، ونفّذه انتحاريّان بحزامين ناسفين وبفارقِ دقائق، في محلّة برج البراجنة المكتظّة بالسكّان، ما استدعى من رئيس الحكومة تمّام سلام الدعوة إلى حداد وطنيّ عام اليوم على الشهداء.
وجاءت هذه المجزرة في وقتٍ بدأت الحياة السياسية تستعيد أنفاسها من البوّابة التشريعية، وتُحدِث خرقاً نسبياً في الطريق إلى إنهاء الشغور الرئاسي والتعطيل الحكومي. كذلك جاءَت بعد أقلّ من 24 ساعة على دعوة الأمين العام لـ»حزب الله» السيّد حسن نصرالله في مناسبة «يوم الشهيد» إلى تسوية سياسية شاملة.
وكانت أولى نتائج هذا التفجير انقلاب الصورة رأساً على عقب وانتقال الأولويات من ساحة النجمة، حيث كانت تُعقد جلسة «تشريع الضرورة»، إلى برج البراجنة حيث سالت دماء غزيرة، فرَفع رئيس مجلس النواب الجلسة ودعا الجميع إلى الوقوف دقيقة صمت حداداً على الشهداء.
وأفاد مصدر أمني أنّ «انتحاريَين يضعان حزامين ناسفين دخَلا سيراً إلى شارع (في منطقة برج البراجنة) وفجَّرا نفسَيهما قرب مركز تجاري، بفارق سبع دقائق بينهما». فيما أكدت قيادة الجيش في بيان لها العثورَ في موقع الانفجار الثاني على جثّة إرهابي ثالث لم يتمكّن من تفجير نفسه.
وخرجَت مراجع مطّلعة من قراءة أوّلية للجريمة بالملاحظات الآتية:
ـ يُعدّ التفجير المزدوج أوّل اختراق كبير لأمن الضاحية الجنوبية لبيروت بهذا المستوى، إذ تمكّنَ أربعة انتحاريين من تخطّي كلّ الحواجز الأمنية بأحزمتهم الناسفة.
ـ خِلافاً لكلّ أساليب التفجيرات السابقة التي كانت تحمل طابَع الإعداد الفردي، ظهرَ جليّاً أنّ العملية الأمنية أمس أعِدّ لها بإتقان وحِرفية عاليَين.
ـ تمكّنَ الإرهابيون من تحديد نقطة الضعف الامنية للنفاذ منها الى الضاحية، ونفّذوا جريمتهم في مكان حدّدوه سَلفاً بعد رصدٍ مسبَق.
ـ إختار المنفّذون بدقّة توقيت تنفيذ عمليتهم بحيث يكون عصراً، وهو وقتُ الذروة في الازدحام.
ـ تبيّن من التحقيقات الأوّلية أنّ الأحزمة الناسفة التي استُعملت في التفجير مغايِرة لتلك التي استُعملت في عمليات سابقة، بحيث تبيّن انّها تحتوي مادة الـ «سي. فور»ممزوجة بكرات حديد لإيقاع أكبر عدد ممكن من الضحايا.
ـ بعدما تبين انّ الانتحاري الثالث لاقى حتفه على يد «حزب الله» تمكّن انتحاري رابع من الفرار، ما يدل الى انّه يدرك جيداً المخارج التي يمكنه النفاد منها.
ـ تبنّي «داعش» التفجير جاء على طريقة تبني هذا التنظيم تفجير الطائرة الروسية في سماء سيناء، وهو الامر الذي يبعث على الاعتقاد بأنّ تهديد «داعش» وخطرها اصبح مباشراً.
تدابير وتعاميم
وأعقبت التفجير المزدوج تدابير امنية استثنائية اتخذتها وحدات الجيش والأجهزة الأمنية على مداخل الضاحية الجنوبية التي تقيم حواجز فيها منذ أكثر
من سنتين.
وإلى ذلك عمّم الحزب رسائل قصيرة على كوادره جاء في إحداها: «نطلب من المواطنين عدم التجمّع، خصوصاً في المقاهي، وأي شخص يحدث ريبةً لا تتهاونوا معه، فهناك معلومات عن وجود عدد من الانتحاريين، ونطلب عدم الركض امام الاخوة اثناء توقيفهم لهؤلاء تحت طائلة المسؤولية».
إستنكار عارم
وقوبلَ هذا التفجير المزدوج بموجة استنكار عارمة دولياً ومحلياً. ودانته السفارة الأميركية في بيروت بشدّة وقدمت التعازي لعائلات الضحايا، متمنّية الشفاء العاجل للجرحى. كذلك ندّدت فرنسا بالتفجير وأعلن الناطق باسم وزارة الشؤون الخارجية والتنمية الدولية رومان نادال وقوفَ بلاده إلى جانب لبنان في معركته ضد الإرهاب.
واتّصل الرئيس الفلسطيني محمود عباس برئيس مجلس النواب نبيه بري مستنكراً ومعزّياً، مؤكّداً وقوفَ الشعب الفلسطيني وقيادته مع وحدة وسلامة لبنان وشعبه، مستنكراً أيّ محاولات لخلق الفتنة، كذلك اتصل عباس برئيس الحكومة تمام سلام.
ودان بري التفجير، ورفع جلسة التشريع حتى الخامسة بعد ظهر اليوم، وقال: «إنهم يريدون تعطيل لبنان، ونحن يجب الّا نوافقهم في هذا التعطيل».
امّا سلام فدعا اللبنانيين الى «مزيد من اليقظة والوحدة والتضامن في وجه مخططات الفتنة التي تريد إيقاع الأذى ببلدنا»، آملا «ان تكون هذه الفاجعة حافزاً لجميع المسؤولين إلى تخطّي الخلافات والعمل على دعم المؤسسات الدستورية والامنية لكي نتمكن معاً من حماية جبهتنا الداخلية وتحصينها في مواجه هجمة الارهاب الذي يستهدف لبنان».
وبدوره، رئيس تكتل «التغيير والاصلاح» النائب ميشال عون سأل «كم من الانفجارات يجب ان تحدث بعد ليقتنع الجميع بوجوب اقتلاع الإرهاب التكفيري»؟ وقال: «انّ هذه المرحلة خطرة جداً، والانتصارات على الجبهة أوصلت المقاتلين الى مرحلة اليأس، واعتبر انّهم نفّذوا هذا التفجير لرفع معنويات الإرهابيين بعد هزائمهم في الميدان».
واتصل الرئيس سعد الحريري ببري معزياً بالشهداء ومستنكراً «الاعتداء الإرهابي الآثم على أهلنا في برج البراجنة». وقال: «إنّ استهداف المدنيين عمل دنيء وغير مبرر، لا تخفف من وطأته اي ادّعاءات. إنّ قتل الأبرياء جريمة موصوفة بكل المعايير من برج البراجنة الى كل مكان».
واستنكر حزب «القوات اللبنانية» بشدة التفجير ودعا الحكومة الى عقد «إجتماع طارئ واستثنائي لاتخاذ مزيد من التدابير والاجراءات للحفاظ على لبنان واللبنانيين». ودعا رئيس «اللقاء الديموقراطي» النائب وليد جنبلاط الى «رصّ الصفوف والترفّع عن الخلافات والتجاذبات السياسية لقطع الطريق على التفجيرات الارهابية».
من جهته، قال وزير الداخلية نهاد المشنوق: «لن نتوانى عن ملاحقة المجرمين أينما وجدوا». وإستنكرت سفارة الجمهورية الإسلامية الإيرانية في بيروت التفجير وقالت في بيان لها انّه «يفضح مرّة جديدة مدى وحشية وإجرام هذه المجموعات الارهابية الغاشمة».
وقالت: «يأتي هذا الحادث الارهابي اليوم في وقت تنعَم البلاد بأجواء داخلية إيجابية جرّاء التوافق السياسي بين الأفرقاء والأحزاب اللبنانية كافة، وفيما نشهد إنجازات أمنية لافتة وكبيرة للجيش والأجهزة الأمنية في مواجهتها للمجموعات الإرهابية، ليصبّ بشكل لا لبسَ فيه في مصلحة الكيان الصهيوني والداعمين لهذه المجموعات التكفيرية وليسدّد ضربة للاستقرار الأمني اللبناني وليختبر جهوزية المقاومة».
تشريع الضرورة
وكان مجلس النواب استأنف امس عمله التشريعي إثر تعطيل لنحو عام، بعدما اتفق السياسيون على تسوية تضمّنت إقرار قانون استعادة الجنسية وتحرير أموال البلديات، وإدراج قانون الانتخاب على رأس جدول أعمال الجلسة التشريعية المقبلة.
ومرّت الجلسة بسلاسة بعدما فعلت التسوية السياسية فعلها وترجمت بحضور كتلتي «التغيير والاصلاح» و«القوات اللبنانية». إلّا انّ رياح هذه التسوية لم تلفَح كتلة نواب حزب الكتائب التي شاركت في بداية الجلسة فقط، قبل أن تنسحب بعد رفض طلبها تحويلها «جلسة لانتخاب رئيس للجمهورية».
وأقرّ المجلس اتفاقات والتزامات مالية للبنان لدى الخارج، مُجنّباً لبنان خطر الإفلاس. ومن ابرز القوانين التي اقرّت: قانون سلامة الغذاء، اقتراح قانون استعادة الجنسية بمادة وحيدة من دون ايّ تعديل، تجهيز الجيش، اقتراح قانون بفتح اعتماد اضافي في الموازنة لتغطية العجز في الرواتب والاجور وملحقاتها.
قانون الانتخاب
وخلال الجلسة، وعد بري بتشكيل لجنة للبحث في قانون الانتخاب خلال مدة أقصاها شهران، فإذا لم تتوصل الى نتيجة حاسمة يُصار الى إحالة مشاريع قوانين الانتخاب المطروحة الى اللجان النيابية المشتركة لإعادة درسها.
«الكتائب»
وكان رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميّل تحدّث بعد خروجه من الجلسة في تظاهرة كتائبية، فشدّد على «ضرورة الشروع حالاً في انتخاب الرئيس تطبيقاً للمادة 75 من الدستور»، داعياً الى «تحويل الجلسة التشريعية جلسة انتخاب رئيس للجمهورية».
الاخبار :
فيما كان تيار المستقبل يتجه للرد بإيجابية على مبادرة الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله بشأن الأزمة السياسية، دوّى انفجارا برج البراجنة. لم يصدر الموقف، لكن بيانات إدانة الجريمة حملت الكثير من الإيجابية، وبلا أي سلبية اعتاد فريق 14 آذار إضافتها عند كل عمل إرهابي. هذا في السياسة. اما أمنياً، فأصابع الاتهام تتجه صوب تنظيم «داعش»، ويلاحق المحققون خيطاً رئيسياً: موقوف في طرابلس مع حزام ناسف
عاد الارهاب مجدّداً ليضرب الضاحية الجنوبية لبيروت، في مشهد دموي مروّع، خلّف في آخر الاحصاءات ليل أمس 43 شهيداً و244 جريحاً، بعضهم حالته خطرة. استهدف العمل الإرهابي الشارع الواصل بين مستشفى الرسول الأعظم وساحة عين السّكة، قرب حسينية الإمام الحسين ومسجد الإمام الحسين الذي يخطب فيه عادة نائب رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى، الشيخ عبد الأمير قبلان، ويحضر إليه إجمالاً ليل الخميس ــ الجمعة ابنه المفتي الجعفري الشيخ أحمد قبلان.
وهي منطقة مكتظة بالسكان وتضم سوقاً شعبية يرتادها سكّان الضاحية وأهالي مخيم برج البراجنة القريب للنازحين الفلسطينيين.
ولم تتّضح حتى ساعة متأخرة من ليل أمس الرواية الكاملة للعمل الإرهابي، مع استمرار الشرطة العسكرية واستخبارات الجيش في جمع المعلومات والأدلة لاكمال التحقيق. وبعيداً عن الروايات التي تمّ تداولها طوال الليل، رجّحت مصادر أمنية أن العملية نفذها انتحاريان اثنان، فجّر أحدهما دراجة نارية مفخخة، فيما فجّر الثاني حزامه الناسف بالجموع التي اتت لإسعاف جرحى التفجير الأول. وقللت المصادر من دقة المعلومات التي تحدّثت عن وجود ثلاثة انتحاريين، بعد العثور على جثّة أحد الإرهابيين مصاباً بقدميه، ولم ينفجر حزامه الناسف. التحقيقات تجريها استخبارات الجيش والشرطة العسكرية، ويجري التكتم على النتائج. لكن يبدو أن ثمة خيطاً مهماً يعوّل عليه المحققون، يتصل بالإرهابي الذي أوقفه فرع المعلومات فجر امس في طرابلس حاملاً حزاماً ناسفاً. فبحسب مصادر أمنية، لوحظ وجود شبهٍ كبير بين الحزام الذي لم ينفجر في الضاحية، وذلك الذي عُثر عليه مع الموقوف في طرابلس. ووصفت مصادر امنية موقوف الشمال بـ«الصيد الثمين»، مرجحة بصورة شبه مؤكدة وجود صلة بينه وبين المسؤولين عن تفجير الضاحية المزدوج.
وكانت دورية من فرع المعلومات قد اشتبهت بـ«إبراهيم ج.» عند الفجر في محلة القبة في طرابلس على دراجة نارية، ولدى محاولة توقيفه حاول استخدام مسدسه، ما دفع الدورية إلى مطاردته واعتقاله، ليتبين حيازته قنبلة يدوية وحزاماً ناسفاً. ولم يدل الموقوف طوال يوم أمس بأي اعتراف جدي، إلّا أن محققي فرع المعلومات حصلوا من المديرية العامة للأمن العام على سجل حركة سفره، فتبين أنه سافر إلى تركيا مؤخّراً. وتقاطعت هذه المعطيات مع معلومات حصل عليها فرع المعلومات، أكدت أنه قصد الأراضي السورية، قبل أشهر، عبر تركيا. وأقر الموقوف بذلك، لكنه أصر على انه «زار عائلة خطيبته في سوريا». وأوقف فرع المعلومات شقيقه بلال للاشتباه بانتمائه إلى مجموعات إرهابية، ودهمت منزلاً يسكنه إبراهيم في منطقة الضنية. وأوضحت المعلومات الأولية أن الموقوف «كان يقاتل في صفوف أحد التنظيمات المسلحة، وجرى تجنيده لتنفيذ عمليات إرهابية في الداخل اللبناني، كما يشتبه بأن شقيقه متورط معه». وتبيّن أن تنظيم «داعش» طلب منه العودة إلى لبنان للتخطيط لتنفيذ عمليات إرهابية.
الحدث الأمني الثالث، الذي برز امس تمثّل بالعثور، قرابة السابعة صباحاً، على عبوة ناسفة في ساحة الأميركان في جبل محسن، بالقرب من مركزين للجيش. وبلغت زنة المتفجرات نحو 10 كيلوغرامات معدّة للتفجير داخل دلوين من البلاستيك وضعا في علبة من الكرتون. وعُثر على جهاز توقيت بدائي كان مضبوطاً لتفجير العبوة من دون ان يتمكن المحققون من معرفة الوقت الدقيق بسبب بدائية الجهاز (يُستخدم في أفران الغاز القديمة).
وكانت مواقع قريبة من تنظيم «داعش» قد نشرت بياناً تبنى فيه التنظيم تفجيري الضاحية، وورد فيه أنهما نُفّذا بمواسطة دراجة مفخخة ثم بحزام ناسف فجره انتحاري. ولم يأتِ التنظيم على ذكر هوية الانتحاريين ولا جنسيتيهما. وأكدت مصادر امنية عدم صحة الأسماء التي جرى تداولها على مواقع التواصل الاجتماعي، وجرت نسبتها إلى بيان لـ «داعش» تبيّن بعد التدقيق أنه غير موجود. كذلك نفت المصادر الامنية أن تكون الصور التي جرى تداولها للانتحاريين صحيحة، مؤكدة أنها تعود إلى أنصار الشيخ الموقوف أحمد الأسير، قُتلوا في معركة عبرا او قبلها. وأكدت مصادر في «تنظيم القاعدة» لـ«الأخبار» أن هجوم الضاحية نفذه إرهابيون تابعون لتنظيم «داعش»، مشيرة إلى أن «بيان التبني (الذي تحدّث عن دراجة نارية مفخخة وحزام ناسف ولم يأتِ على ذكر هويتي الانتحاريين) نُشر على مواقع معتمدة من قبل تنظيم داعش». كذلك علمت «الأخبار» من مصادر مرتبطة بـ«داعش»، أنه سيصدر تبنٍّ للعملية قريباً على شكل تسجيلٍ صوتي.
المشهد الدموي أحدث تضامناً شعبياً وسياسياً واسعاً في البلاد من كافة القوى السياسية، انعكس سلسلة مواقف أبرزها لرئيس تيار المستقبل سعد الحريري وعدد كبير من أعضاء كتلة المستقبل النيابية، حيث أبدى التضامن الكامل وإدانة الإرهاب، مع غياب أي إشارة إلى تدخّل حزب الله في سوريا. ويأتي موقف الحريري مع الحديث عن إيجابية كبيرة ظهرت بعد خطاب الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله أول من أمس داخل تيار المستقبل، ومع نقاش كبير داخل التيار بضرورة الرّد بإيجابية على مبادرة نصرالله للوصول إلى تسوية وحل شاملين في البلاد حول رئاسة الجمهورية وعمل الحكومة وعمل مجلس النّواب. وكان لافتاً إعلان نائب رئيس مجلس النواب فريد مكاري، في معرض تنديده بالتفجيرين أمس، أن كلام نصر الله «فتح المجال لتسوية كبرى وأتمنى الاستجابة لهذه المطالب»، مؤكداً أنه «لا يجب أن نفكر بأننا فريقان لا يمكننا الالتقاء لاننا أصبحنا عاجزين ووضعنا الاقتصادي أصبح غير جيد».