يعد التيار الوطني الحر وحزبا القوات اللبنانية والكتائب لنقل الاعتراض على الجلسة التشريعية إلى الشارع عبر اضراب في المناطق المسيحية غداً. الخطابات السائدة تذكّر بشعارات الحرب الأهلية، حين رفع بعض القوى شعار عزل المسيحيين، بينما ترفع الأحزاب المسيحية اليوم شعار «لا لعزل المسيحيين»
استمر الكباش السياسي حول الجلسة التشريعية المقررة غداً، في ظلّ انقسام سياسي ــ طائفي واضح بين أغلبية «محمدية» ستلبّي دعوة الرئيس نبيه برّي الى الجلسة، وأغلبية «مسيحية» تصرّ على ربط الحضور بإدراج بند قانون الانتخاب على جدول الأعمال. وزادت المواقف تصلّباً أمس مع تأكيد رئيس تكتّل التغيير والاصلاح النائب ميشال عون أن الجلسة «غير ميثاقية وناقصة، ومن دون حضورنا خطيرة»، في تلازم مع موقف القوات اللبنانية، فيما استمر الكتائبيون في التغريد تحت عنوان «عدم دستورية أي جلسة لا تخصص لانتخاب رئيس للجمهورية». ولم تفلح الاتصالات واللقاءات التي امتدت طوال يوم أمس حتى ساعات متأخرة من الليل في تغيير المواقف، مع تكرار فريق بري التأكيد أن الجلسة ستعقد في موعدها، وتأكيد تيار المستقبل ورئيس تيار المردة سليمان فرنجية وحزب الله والنائب وليد جنبلاط على الحضور.
وضَمن جنبلاط حضور النواب المسيحيين الخمسة في كتلته، بعد معلومات عن محاولات لاستمالة عددٍ منهم من قبل «المقاطعين»، فيما لا يزال موقف حزب الطاشناق متذبذباً، إذ أكّدت مصادره ليلاً لـ«الأخبار» أنه «يفضّل عقد الجلسة وحضورها وعدم القطع مع الرئيس بري، لكنّه لا يحتمل الانفراد في الموقف خارج المزاج المسيحي، لكونه لا يملك الهامش الذي يملكه الوزير فرنجية، ولديه قواعد مشتركة مع كل القوى المسيحية في المتن».
الطاشناق حائر بين
القطع مع بري ومخالفة
المزاج المسيحي
وسَجّل اليوم الطويل لقاءات واتصالات عدة، أبرزها لقاء جمع نواب تيار المستقبل والقوات والتيار في مجلس النواب للبحث في اقتراح قانون استعادة الجنسية، وغداء جمع فرنجية برئيس الكتائب النائب سامي الجميل في منزل الأخير في بكفيا، وزيارة النواب بطرس حرب وعاطف مجدلاني وأحمد فتفت لعين التينة ظهراً، ولقاء مسائي جمع النائب إبراهيم كنعان ورئيس جهاز التواصل في القوات ملحم رياشي مع الجميل في الصيفي.
وفيما تتجه الأنظار اليوم إلى الموقف الذي سيعلنه الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله في محاولة لتقريب وجهات النظر بين عون وبرّي، علمت «الأخبار» أن معاونه السياسي حسين خليل ورئيس جهاز التنسيق والارتباط في الحزب وفيق صفا أخفقا في تحقيق اختراق في موقف عون الذي زاراه أول من أمس، بعدما ضمّهما عشاء إلى جانب فرنجية في منزل الوزير جبران باسيل ليل الأحد الماضي، علماً بأن «كتلة الوفاء للمقاومة» أكدت في بيان بعد اجتماعها أمس أنها «لا تزال حتى الآن تبذل مساعي للوصول إلى تفاهم إيجابي».
وفي ظل الانسداد الحاصل، ينتظر أن يُعلن اليوم عن تحرك ميداني للتيار الوطني الحر والقوات بالاتفاق مع مجموعات من المجتمع المدني، اعتراضاً على الجلسة التشريعية، وهو ما لمّح اليه عون أمس. ورجّحت مصادر التيار «إعلان إضراب عام في المناطق المسيحية» تحت عنوان «لا لعزل المسيحيين». وعلمت «الأخبار» أن المشاورات خلال زيارة كنعان ورياشي للجميّل أفضت الى الاتفاق على تنسيق في المواقف بين التيار والقوات والكتائب للقيام بتحرك موحّد. مصادر كتائبية أكّدت أن «الاتصالات القواتية بالكتائب استمرت لإقناع الجميل بتحرك مشترك ليظهر المسيحيون في موقف موحد». إلّا أنها أكّدت أن الحزب ينوي القيام باعتصام عند التاسعة من صباح غدٍ أمام البيت المركزي في الصيفي. وقالت إن «القوات والعونيين لا يريدون أن ينفرد أي طرف بالتحرك، إلّا أن الكتائب لا يريدون الانجرار للعبة عون، ورفع شعارات الميثاقية، فيما مشكلتنا دستورية».
وسئل بري مساء أمس أمام زواره عمّا إذا كان موقفا التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية يحرجانه في الشارع المسيحي، فردّ: «أقبل باستفتاء لدى المسيحيين فقط بيني وبين هذا الفريق، حيال أهمية انعقاد جلسة المجلس». وعلمت «الأخبار أن النائب جورج عدوان طرح خلال لقائه برّي أول من أمس مقايضة بند قانون الانتخاب على جدول الأعمال في جلسة الخميس مقابل الحصول على وعد بطرح القانون في الجلسات المقبلة خلال أسابيع، فكان جواب رئيس المجلس أنه «لا يمكنني أن أضمن ذلك».
حزب الله يسعى الى «تفاهم ايجابي» وعشاء الأحد في منزل باسيل لم يحقق خرقاً
مصادر نيابية بارزة في 8 آذار لمّحت إلى ما سمّته «رغبة قواتية في هزّ علاقة عون بمعسكر 8 آذار»، وسألت: «هل يستحق مكسب تكتيكي يتصل بوضع بند على جدول الأعمال غير متفق عليه كقانون الانتخاب، التفريط بمكسب استراتيجي يتمثل في انعقاد جلسة لتمرير قضايا حيوية يحتاج إليها البلد، وزجّ البلد في حالة اصطفاف طائفي مسيحي ــ مسلم؟». وذكّرت القوات اللبنانية بأنه تم الاتفاق في جلسة التمديد للمجلس على ألا يقرّ قانون الانتخاب إلا في حضور رئيس الجمهورية، وقد وردت توصية بذلك في محضر الجلسة ووافقت عليها جميع الكتل الحاضرة».
وعن إصرار برّي على عقد الجلسة، في ظلّ الحديث عن إمكانية انتظار بعض البنود المالية حتى كانون الأول، قالت مصادر نيابية في كتلة التنمية والتحرير لـ«الأخبار» إن «النصف الثاني من كانون الأول ميت بحكم الاجازات التي يأخذها عدد من النواب، لذلك عامل الوقت مهم جدّاً الآن». وربطت بين توقيع رئيس الجمهورية على القوانين التي يقرّها مجلس النواب، وبين مهلة الشهر التي تصبح فيها القوانين سارية في حال لم تحصل على توقيع رئيس الجمهورية، والتي يستحيل في ظل الظروف الحالية الحصول عليها بسبب عدم الاتفاق في الحكومة التي ترث صلاحيات رئاسة الجمهورية، لذلك «يستعجل الرئيس بري حتى تنقضي مهلة الشهر قبل نهاية العام في حال تعذّر الحصول على التوافق الحكومي».
من جهة أخرى، استمرت الاتصالات أمس بين القوات والمستقبل، عشية انعقاد الجلسة، في محاولة لتذليل العقبات والوصول الى تفاهمات حول نقاط الخلاف.