كل الاتصالات لتقريب وجهات النظر في شأن الجلسة التشريعية لم تفض الى نتيجة، في ظل تمسك محور بري - الحريري - جنبلاط بعقد الجلسة التشريعية في موعدها، مستندين الى الضرورات المالية التي تبيح المحظورات السياسية وحتى الميثاقية، مع تمسك المكونات المسيحية الاساسية وهي التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية والكتائب بالأخذ بمطالبهم كي يحضروا الجلسة التشريعية، والا فان الجلسة يجب ان لا تعقد في غياب 85% من الشارع المسيحي.
ويبدو ان موضوع «قانون الانتخابات» هو نقطة الخلاف الاساسية في ظل اصرار بري - جنبلاط - الحريري على عدم ادراجه على جدول اعمال الجلسة التشريعية، مقابل اصرار القوات والتيار الوطني على ادراجه، فيما حزب الكتائب يرفض التشريع في ظل غياب رئيس الجمهورية.
وقد تصاعدت هذه المواقف امس، مع فشل كل اتصالات «سعاة الخير»، وقال الرئيس نبيه بري امام زواره رداً على سؤال ما اذا كان موقفه من المكونات المسيحية يسبب احراجاً له في الشارع المسيحي، وقال «انا اقبل استفتاء لدى المسيحيين بيني وبينهم، اي «القوات والتيار والكتائب» حيال اهمية الدعوة الى عقد الجلسة التشريعية. وحول التصعيد في وجهه قال «اعتقد ان هذا التصعيد مرده الى ان الشارع المسيحي «معي» في عقد الجلسة التشريعية».
وكان بري التقى الوزير بطرس حرب والنائبين عاطف مجدلاني واحمد فتفت، وابلغهم انه في موضوع قانون الانتخابات مع تشكيل لجنة فرعية، فاذا توصلت الى نتيجة أمر جيد، والا لتناقش اللجان من حيث وصلت اللجنة في الموضوع، فاذا تم التوافق في اللجان المشتركة على صيغة مشروع، فاني ادعو المجلس الى جلسة خلال 5 ايام لاقرار قانون الانتخابات.
وقال بري امام نقابة الصحافة «انا الذي خلق الميثاقية، ولمجلس النواب الحق في التشريع ولو في غياب رئيس الجمهورية، لكنني راعيت الحساسيات اللبنانية. وتساءل بري «لماذا هذه الحملة العريضة الطويلة ضدي، لا أعرف لماذا؟ هل لأنني اريد عقد جلسة تشريعية؟
ـ المكونات المسيحية ـ
في المقابل، توسعت دائرة الاتصالات بين المكونات المسيحية، وترجمت بلقاء عُقد في بكفيا في دارة النائب سامي الجميّل وفي حضور النائب ابراهيم كنعان ورئيس جهاز الاعلام في القوات اللبنانية ملحم رياشي، وتم التوافق على الخطوات التصعيدية اذا لم يتم الاتفاق خلال الساعات المقبلة، على ان يصدر بيان مشترك عن القوات والتيار الوطني والكتائب ظهر اليوم، يحدد الخطوات الاعتراضية من اضراب عام واعتصامات وعصيان مدني رفضاً لتجاوز المطلب المسيحي الموحد وتجاوز الميثاقية.
ـ التصعيد حتمي اذا لم يدرج قانون الانتخاب ـ
وقال مصدر في الاحزاب المسيحية لـ«الديار» ان الاتجاه حتمي نحو التصعيد بسبب عدم ادراج قانون الانتخاب على جدول الجلسة التشريعية. واعتبر المصدر ان عدم ادراج هذا القانون غير مقنع، واذا كان رئيس مجلس النواب نبيه بري يبرر عدم ادراج قانون الانتخاب على قاعدة عدم التوافق على قانون واحد من الكتل النيابية، فذلك ليس سببا كافيا، اذ يمكنه طرح عدة قوانين للانتخاب، على ان يتم التصويت عليها، وعلى اساس نتيجة التصويت يتم تبني القانون الذي حصل على الاكثرية.
ـ الوزير جريصاتي... خطوات تصعيدية ـ
وفي السياق ذاته، قال الوزير السابق القاضي سليم جريصاتي لـ«الديار» ان «الكتائب» اخذوا موقفاً مبدئياً معتبرين ان كل جلسة تعقد لعدم انتخاب رئيس للجمهورية هي غير دستورية، اما حزبا القوات اللبنانية والتيار العوني، فقد وافقا على تشريع الضرورة ولفت الى ان العماد ميشال عون كان اول من اقر بالتشريع الضروري الذي ينص على اعادة تكوين السلطة، ما يعني قانون انتخاب اعضاء مجلس النواب كما الى تعديل الدستور لجعل الشعب يصوت والتركيز على مصلحة الدولة العليا، والمقصود من ذلك المشاريع المالية الملحة والمشاريع المتعلقة بالهوية اللبنانية. وهنا، رأى جريصاتي ان الآخرين استفاقوا على اهمية تشريع الضرورة بعد سبات عميق، ذلك انهم اهتموا بالقوانين المالية وتوزيع عائدات الخليوي المباشر الى البلديات فيما تناسوا الامر الاساسي وهو اعادة تكوين السلطة عبر اقرار قانون انتخاب. وعليه، هذه السلطة التشريعية لم تعد تشريع نفسها. وحذر القاضي سليم جريصاتي من ان الاحزاب المسيحية الممثلة بالتيار العوني والكتائب والقوات سيغيبون عن الجلسة وسترافق ذلك خطوات تصعيدية. قد اصبح واضحا ذلك من خلال ما صرح به العماد عون «اننا سنعود الى الشعب» ما يعني الاضراب والاقفال والعصيان المدني الذين يصبون ضمن خانة التعبير الديموقراطي السلمي.
ـ ماروني: نرفض عدم احترام الاحزاب المسيحية ـ
قال النائب ايلي ماروني لـ«الديار» ان احتمالات التصعيد كلها واردة ضمن القوانين للتعبير عن الموقف الرافض بالاخلال للميثاقية الوطنية ولعدم احترام الكتل الوازنة المسيحية الشعبية. هناك اتفاق بين حزب الكتائب والقوات اللبنانية والتيار العوني على التواصل وعلى توحيد التحركات التي ستقوم بها الاحزاب المسيحية اذا لم يتم التوصل الى حلول قبل انعقاد الجلسة التشريعية التي دعا اليها رئيس مجلس النواب نبيه بري غدا.
وكشف ماروني ان دولة الرئيس بري يتحجج بعدم ادراج قانون الانتخاب، على انه ليس هنالك قانون واحد قد اتفق عليه جميع الاطراف السياسية. ولذلك من غير الضروري وضعه على جدول الجلسة التشريعية.
ورغم هذه الاجواء، فان الاتصالات لم تتوقف إذ تولى تيار المستقبل فتح خطوط التواصل بين القوات اللبنانية والرئيس بري، فيما تولى حزب الله فتح خطوط الاتصالات بين العماد عون والرئيس بري للوصول الى تفاهم «الحد الأدنى» للخروج من هذا المأزق، علماً ان العماد عون والدكتور جعجع اكدا على ثوابتهما السياسية وتحالفاتهما، فأكد العماد عون ان تحالفه مع حزب الله «كقلعة بعلبك» وكذلك الدكتور جعجع الذي تمسك بهذا التحالف مع المستقبل.
بدوره اكد حزب الله على التحالف مع العماد ميشال عون، واعلن ان هذا التحالف ثابت وراسخ بغض النظر عن الاشكالية التي لها علاقة بجلسة تشريع الضرورة. واكد الحزب «اننا مررنا بعدة مراحل قيل فيها الكثير عن التفرقة بين الحلفاء، الا ان المراهنين على ذلك فشلوا في رهاناتهم»، لكن نواب حزب الله اكدوا على استمرار المساعي الحثيثة من اجل مشاركة جميع الاطراف في الجلسة التشريعية فالوقت ما زال متاحا.
ـ كلمة للسيد نصرالله اليوم ـ
وفي ظل هذه الاجواء، يطل الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله اليوم في ذكرى يوم الشهيد، حيث سيلقي كلمة من المتوقع ان يتطرق فيها الى الاوضاع الداخلية والعربية والاقليمية وكل ما يراه مناسباً.
ـ العماد عون ـ
اما العماد ميشال عون فأكد على موقفه بأن أولوية التشريع هي لقانون الانتخاب والمضي في جلسة غير ميثاقية امر خطر جداً مشيراً الى ان الاجراءات التي سنتخذها ستكون قوية وحاسمة وسنعلن عنها غداً (اليوم).
ـ المستقبل واهمية الجلسة التشريعية ـ
في المقابل دعت كتلة المستقبل الى الاهمية القصوى لمشاريع واقتراحات القوانين المعروضة على جدول اعمال الجلسة التشريعية لمجلس النواب، معتبرة ان اقرار هذه القوانين يجنّب لبنان واللبنانيين كأساً مرة يمكنه تجنبها اذا أقر هذه المشاريع.
وذكرت مصادر نيابية انه مهما حاول الاقطاب السياسيون التأكيد على تحالفاتهم، فإن هذه التحالفات «تصدعت»، خصوصاً بين العماد عون والنائب سليمان فرنجيه الذي اعلن موقفاً واضحاً داعما لعقد الجلسة التشريعية منتقدا العماد عون دون ان يسميه بشأن مطالبه من عقد الجلسة التشريعية، فيما اشاد بموقف سامي الجميّل. كما ان العلاقة بين الرئيس الحريري وجعجع «تصدعت» ايضاً، في ظل موقف المستقبل من استعادة الجنسية وقانون الانتخابات ورفضه لادراجهما في مقابل تمسك جعجع بموقفه وحلفه مع الجنرال.