لم يعد ينقص اللبنانيين سوى الذباب على أنواعه كمشكلة تضاف إلى سجل مشكلاتهم اليومية.
هو أمر واقع زادت أزمة النفايات في لبنان من حدته وهو ما لا يبشر خيراً.
سيتكرر حتماً في الأيام المقبلة مشهد الذباب والحشرات التي اجتاحت الأشرفية،الغبيري وبلدة جدايل الجبلية ، فالنفايات المتخمّرة المكدّسة في كل شوارع ومناطق لبنان منذ نحو 3 أشهر ونصف شهر أمست موطن للذباب والحشرات التي تتضاعف أعدادها وتتكاثر بالألوف محدثة خللاً في التنوع البيولوجي، ومشكلة مصدر تلويث إضافي.
فالذباب يقتات على النفايات وينقل سمومها أينما حلّ سواء داخل المنازل أو في المطاعم وذلك عبر الأطعمة والمشروبات وغيرها.
كل البلدان هي عرضة للعوامل الطبيعية التي تصل الى حد الكوارث انما تلك الدول تستبق هذه الكوارث بحد أدنى من الاجراءات الوقائية، اما في لبنان فالحكومة تتنصل علناً من واجباتها وتعلن عجزها عن ولوج الحلول المنشودة بدم بارد.
فالمسؤولون يدركون أن النفايات المتراكمة في الشوارع هي قنبلة صحية موقوتة، انما في الوقت عينه هم غير مستعدين للتنازل عن امتيازاتهم وحصصهم والوصول الى حل يرضي جميع الاطراف، فالنفايات لا تزال في الشارع ونحن لا زلنا في منازلنا إعتدنا على مشهد الأرصفة مكسوة بالأوساخ أصبح وجودها أمراً واقعاً في حياتنا اليومية ، فالسلطة السياسية نجحت في دفع الحراك إلى إنهاء نفسه بنفسه حيث وجهت ضربة قاسية للمتظاهرين بإعتقالات تأديبية دفعت الكثير إلى التفكير قبل المشاركة في الحراك.
ومخاطر تكاثر البيئي والصحي في أن الذباب الذي يعيش وينمو في بيئة وسخة، ينقل معه جراثيم النفايات التي قد يحتوي على السالمونيلا أو غيرها، فيلوّث الأماكن التي يحط عليها داخل المنازل كأطباق الطعام وغيرها ناقلة هذه الجراثيم إلى الإنسان لدى ملامسة الأشياء الملوّثة أو تناولها إذا كانت أطعمة.
غداً سنشرب مياه النفايات سنغسل بها أجسادنا وطعام أطفالنا وسنهرع بهم إلى المستشفيات لمعالجتهم من أمراض الكوليرا وغيرها ، فهذه ضريبة إنتمائنا لبلد مدجج بالضرائب والمفرغ من الحقوق.