إذا كان رئيس "كتلة الوفاء للمقاومة" النائب محمد رعد لا يرى ضرورة لتشريع الضرورة، بل تشريع عادي مفتوح، فان ذلك يسمح بادراج مشاريع كثيرة على جدول الاعمال ومنها مشروع قانون الانتخاب والمضي في بحثها ومناقشتها. واذا كان الرئيس حسين الحسيني يرى في الميثاقية لعقد الجلسات بدعة، فان ذلك يعني ان كل الخطوات السابقة في المجلس إقفالا وإرجاء للجلسات وحججا ميثاقية، كانت غير دستورية. واذا كان حزبا "التيار الوطني الحر" و"القوات اللبنانية" تعهدا إقرار القوانين المالية الملحة، فان السؤال عن التمسك بموعد ما سمي "جلسة تشريع الضرورة" يصبح مشروعا، الا اذا كانت معركة كسر عظم بين الرئيس نبيه بري والعماد ميشال عون بلغت اقصاها وانعكست على مجمل الملفات. أما مشروع قانون الانتخاب المؤجل منذ ما قبل التمديد الاول للمجلس الحالي في العام 2013، فلم يحرك على رغم وعود وتعهدات بأن يشكل مادة البحث بعد التمديد مباشرة، ويخشى مع هذا التأخير غير المبرر بلوغ نهاية السنوات الاربع للمجلس الممدد لنفسه من دون التوصل الى اقرار قانون جديد، وابقاء القديم على قدمه ما دام يحقق المبتغى لبعض الاطراف.
موقف "القوات" و"التيار" حتى مساء أمس، كان محسوماً بأنهما يريدان قانون الانتخاب واستعادة الجنسية معاً، والكرة ليست في ملعبهما بل في ملعب رئيس المجلس كما في ملاعب الحلفاء، لأن المضي بعقد جلسة تشريعية في غياب الكتل المسيحية الرئيسية الثلاث (مع الكتائب) سابقة خطرة تضرب الميثاقية وتترتّب عليها نتائج سلبية لن تبقى بعدها التحالفات كما كانت قبلها. وأفادت معلومات ان الاتصالات الناشطة في الساعات الفاصلة عن الجلسة، يفترض ان تظهر الالتزام الجدي للتصويت لاستعادة الجنسية، وإقرار عائدات البلديات من الهاتف الخليوي، وإيجاد المخرج لقانون الانتخاب. وعلم في هذا الاطار ان "حزب الله" فعّل اتصالاته بعيدا من الاعلام بعدما لمس لدى العماد عون استياء جدياً من عدم تحرك الحزب حيال حليفه الرئيس بري.
وقدمت "كتلة الوفاء للمقاومة" موعد اجتماعها الاسبوعي من الخميس الى اليوم الثلثاء، ليتزامن موقفها مع موقفين لـ "تكتل التغيير والاصلاح" و"كتلة المستقبل" يصدران عصر اليوم مبدئيا في ظل اتجاه للمستقبل الى ارجاء القرار الى غد الاربعاء إفساحا في المجال لمزيد من الاتصالات واللقاءات المقررة اليوم، وفي انتظار عودة الرئيس فؤاد السنيورة من السفر.
وأمس عقد رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع مؤتمرا صحافيا صرح فيه: "إننا نؤيد إقرار القروض التي تنتهي آجالها قريبا، فلماذا تزايدون علينا؟ همّنا إدراج هذين المشروعين (استعادة الجنسية وقانون الانتخاب) لأهميتهما، فما الفارق بين إقرار القوانين المالية في 13 أو 14 من الجاري أو في أي يوم آخر ضمن المهلة المحددة"؟ وتساءل: "هل مطالبتنا بالقانونين تجعلنا مسؤولين عن انهيار الوضعين الاقتصادي والمالي في لبنان، وليس من يُقاتل في سوريا أو من يُعطّل الانتخابات الرئاسية"؟. وأكّد جعجع استعداده للاتفاق مع العماد عون على قانون انتخابي واحد إذا أعلنت كتلتان كبيرتان تأييدهما لهذا الطرح، "ولكن نحن ندعو الى التصويت على القوانين الانتخابية المطروحة لأن هناك 17 طرحاً مقدماً في المجلس". وتوجّه الى الرئيس بري قائلا: "أنت أبو الميثاقية بمفهومها الحديث ولا أظن أن أي أب يتخلى عن ابنه فكم بالحري ان يقتله". أما للرئيس سعد الحريري فقال: "أهم إرث تركه الرئيس رفيق الحريري هو ما قاله: "أوقفنا العد"، نحن مع المناصفة والاعتدال والشركة والميثاقية وانت الأحرص على الحفاظ على إرث أبيك".
في المقابل، علمت "النهار" أن الرئيس بري أبلغ النائبين جورج عدوان وابرهيم كنعان توجهه إلى التصويت على قانون استعادة الجنسية كما قدمه نواب "التيار" و"القوات" في خطوة لتطرية الأجواء، ولكن يبدو أن طرفي ورقة "إعلان النيات" لن يتزحزحا عن مطلبهما المتعلق بقانون الانتخاب، وأهمية بدء عملية درسه، وليس بالضرورة إقراره في جلستي الخميس والجمعة، آخذين في الاعتبار أن موعد الانتخابات سوف يحلّ بعد نحو سنة وثلاثة أشهر، وأن بعض الجهات السياسية قد يكون يفضّل إبقاء "قانون الستين" الذي لا يؤيده بري.
وأجمعت المعطيات على أن الأجواء تتجه إلى مزيد من التصعيد في الأيام المقبلة وقد تترجمها مواقف سياسية وإعلامية أعلى نبرة، أو عملية من خلال الدعوة إلى إضرابات وربما أكثر. وأقرت شخصية حزبية بارزة لـ"النهار" بأن الأمور وصلت إلى هذا الحدّ وبأن التحركات المعبرة عن رفض انعقاد جلسة تشريع في غياب الكتل المسيحية الكبرى ستكون مؤثرة، وقد تسبق موعد الجلسة الخميس أو تتزامن معها وربما تلتها، والقرار في شأنها لا يزال قيد البحث.
وعوّلت مصادر في الكتل النيابية المسيحية على الرئيس سعد الحريري الذي يمكنه، في رأيها، أن يغيّر مسار الامور اذا أبلغ الرئيس بري أن "كتلة المستقبل" لن تشارك في جلسة تغيب عنها الكتل المسيحية وتتحمّل التأجيل أياماً قليلة ريثما تنجح الاتصالات في التوصل إلى مخرج.