في الحياة قصص كثيرة تصادف مجتمعاتنا ولا سيما العلاقات الزوجية وأسرارها والتي تظل غامضة لحين وحينما يرفع الستار تفاجئنا ...
"أمل" هي قصة من تلك القصص ، فتاة جميلة تفيض حيوية ونشاط ، هذه الفتاة الجذابة كانت تمثل السحر لأبناء جيرانها جميعهم وكان الكل يحاول التودد لها والتقرب منها ولا سيما أحمد ، أما هي فلم تأبه بأي من هؤلاء ولم تنجح كل مساعي أحمد في الوصول إلى قلبها المعلق بهوى أخيه الأكبر سامر ...
سامر الشاب الجامعي الجدّي ، الذي كان يواكب على دراسته ويخطط لمستقبله لم يلحظ حب أمل ، ولم تثمر كل محاولاتها لإختطاف نظرة منه ، ومع بروده كان تزداد تعلقاً وترسم الأحلام والحكايات ...
ذات يوم وبعد أشهر من المحاولات الفاشلة في جذب سامر ، قررت أن تصارحه ضاربة بعرض الحائط كل المخاوف وكل مفاهيم الخجل والحياء ، وإختارت التوقيت لدى عودته من جامعته وهي التي حفظت مواعيد ذهابه وإيابه عن ظهر قلب .
ما إن أطلّ سامر من طرف الشارع حتى ركضت إليه مسرعة وأخبرته أنها تحتاجه بأمر ما ، تفاجأ هو فصحيح أنهما جيران ولكن لم يتحادثا قط قبل ، قام سامر بمجاراتها خجلاً لظنه أنّ خطباً ما بها ، وذهبا إلى زاوية الشارع حيث استند إلى الحائط لينظر إليها قائلاً : "خير ... شو القصة" .
لم تكن أمل تملك العديد من الخيارات فالأمر بالنسبة إليها يتمثل بأن تكسب عشقها أو أن تخسر كل شيء ، فبدأت تخبره عن مشاعرها وهواجسها وأحلامها به وعينيها تلمعان حباً وهو ينظر إليها بإنبهار حتى انتهت وصمتت ونظرت إليه بشغف تنتظر إجابة لطالما حلمت بها .
كلام أمل أصاب سامر بصدمة فأحاد نظره عنها ومضى إلى منزله تاركاً إياها دون أي تعليق ، في حينها شعرت هي بداومة تحاوطها وتخنقها وعادت لمنزلها لتقفل باب غرفتها وتنفجر بالبكاء فكل شيء توقعته إلاّ أن يعاملها بإستخفاف .
هذه الصدمة أصابتها بحمى ، أجلستها طريحة الفراش أكثر من أسبوعين لتستعيد عافيتها شيئاً فشيئاً وهي لا همّ لها سوى الثأر من سامر الذي داس على قلبها غير أنّ سؤالاً واحداً ظلّ يراودها وهو كيف ستنتقم؟
بعد انقطاع عن دراستها ، وفي اليوم الأول الذي نزلت به من منزلها وجدت أمل أحمد شقيق سامر أمامها وقد بادرها الحديث بلهفة "وينك يا عمي اشتقنالك" لترد عليها بإقتضاب وببسمة باردة "ليكني هون" ، غير أنّه في تلك اللحظة تراءت لها فكرة الإنتقام فهي تعلم أن أحمد يريدها وظنت أنها بتعليقه وبإرتباطها به تنتقم من أخيه غير أنّ حساباتها لم تكن صحيحة .
وبالفعل بدأت أمل تسمح لأحمد بالتقرب منها ، والذي ما إن وجد منها قبولاً حتى فاجأها بأنه يريد علاقة شرعية خطوبة وزواج وليس "مصاحبة" ، أمل لم تمانع فما بين فكرة الإنتقام وفكرة البقاء بالقرب من سامر يظهر عرض أحمد بمثابة جائزة .
في تلك الأوقات كان سامر بعيداً عن كل ما يحدث حتى خطوبة أخيه تجنب حضورها فهو كان يدرك ما تبتغيه "أمل" ، مرّ عام وسامر وأمل لم يلتقيا إلا مرات قليلة صدفة ولثواني ، وهذا ما كان يزيدها نقمةً عليه .
إلى أن تحدد موعد الزواج ولأن أحمد وضعه المادي لا يمكّنه من أن يتحمل مسؤولية بيت لوحده كان القرار هو أن يسكنا عند أهله وهذا ما كانت تتمناه هي بقوة فلم يعد بإمكان سامر الهروب منها ، وبالفعل تمت التحضيرات وتم تحديد موعد الزفاف ليأتي اليوم الذي تنتظره أمل وهو يوم الإنتقال لمنزل حبيبها لا لمنزل زوجها ، غير أنّ ما حصل خالف كل توقعاتها ففي ليلة العرس تأخر سامر عن الحضور الأمر الذي أصابها بريبة ليطل فجأة بثيابه "السبور" ممّا شكّل ذهولاً لها فاليوم عرس أخيه .
بخطوات ثابته تقدم سامر منهما ، بارك لهما زواجهما و ودعهما إذ أن منحة متابعة الدراسة والتخصص بالخارج قد حصل عليها وشاء قدره أن يكون موعد سفره الليلة ...
هذه الكلمات كانت قاتلة بالنسبة لأمل ، لتقف مشتتة وهي تراقب سامر يرحل ... يرحل للأبد ، في حينها فقط أدركت أنها لم تنتقم منه وإنما من نفسها ومن أحمد الذي لا ذنب له ..
اليوم أحمد وأمل يعيشان حياة تقليدية ، فأمل "زوجة" بلا روح ولا مشاعر ومع كل محاولات أحمد لكسب عشقها غير أنّ الوهم الذي بنت عليها أمالها لا زال يقف عائقاً بينها وبين حياة سوية .