توالت الدعوات إلى تشديد إجراءات تأمين المطارات عالمياً، خصوصاً في المناطق التي ينشط فيها تنظيم «داعش»، على خلفية كارثة سقوط الطائرة الروسية في سيناء. وفي وقت قال عضو في لجنة التحقيق أن فرضية انفجار قنبلة باتت «مؤكدة بنسبة 90 في المئة»، شكت مصر «حرباً إعلامية واستخباراتية عاتية» ضد اقتصادها.
وقال وزير الخارجية البريطاني فيليب هاموند في مقابلة تلفزيونية: «إذا اتضح أن سقوط الطائرة الروسية ناجم عن عبوة ناسفة وضعت من قبل عضو في داعش أو من قبل شخص متأثر بالتنظيم، علينا من دون أدنى شك أن نعيد النظر في مستوى الأمن الذي نريده في المطارات الواقعة ضمن المناطق التي ينشط فيها التنظيم». وأضاف: «علينا أن نضمن أن أمن المطارات في جميع أنحاء العالم في مستوياته القصوى وأنه يعكس الظروف المحلية»، ما يعني أنه «حيث يكون مستوى التهديدات المحلية عالياً، فستكون مستويات الأمن المرتفعة إلزامية».
ونفى هاموند تقريراً عن تفادي طائرة بريطانية تابعة لشركة «طومسون» صاروخاً قرب مطار شرم الشيخ في آب (أغسطس) الماضي، مؤكداً أن تحقيقاً جرى في الأمر أوضح أن الطائرة «لم تكن تواجه أي خطر في أي وقت». وأضاف: «كان سوء فهم، ولدينا تفسير جيد جداً لما حدث فعلاً، كانت هناك مناورات عسكرية مصرية تجري على الأرض وأعتقد بأنني اقتنعت واقتنع الجميع في نظامنا في نهاية هذا التحقيق بأن ذلك لم يكن هجوماً على الطائرة».
ونفت وزارة الخارجية المصرية التقرير أيضاً، موضحة أن «الواقعة المشار إليها تتعلق بتدريب إطلاق نيران أرض - أرض في معسكر تدريب يبعد بضعة كيلومترات عن مطار شرم الشيخ، ولم يكن هناك أبداً إطلاق نيران أرض - جو... الحكومتان المصرية والبريطانية تدركان أن الطائرة لم تكن تواجه أي خطر».
وقال رئيس شركة «طيران الإمارات» تيم كلارك أمس إن «ما حدث في شرم الشيخ الأسبوع الماضي وبدرجة أقل ما حدث مع طائرة شركة جيرمان وينغز (الألمانية التي أسقطها مساعد الطيار في آذار/مارس الماضي) يمثلان نقطة تحول في صناعتنا». وأضاف خلال كلمة في معرض دبي للطيران: «ينبغي التعامل مع (هذه الحوادث) على مستوى الصناعة لأنه لا شك في أن دولاً مثل الولايات المتحدة وأوروبا... ستكون لها حسب اعتقادي مطالب صارمة وقاسية في شأن الطريقة التي يتعامل بها قطاع الطيران مع الأمن».
ونقلت وكالة «رويترز» عن عضو في لجنة التحقيق في حادث سقوط الطائرة الروسية أن المحققين «متأكدون بنسبة 90 في المئة» من أن صوت الضوضاء الذي سمع في تسجيلات مسجل صوت غرفة القيادة في الثانية الأخيرة من الرحلة كان انفجار قنبلة. وقال عضو اللجنة الذي قالت «رويترز» إنه مصري، إن «المؤشرات والتحليل حتى الآن للصوت المسجل في الصندوق الأسود يشير إلى أنه انفجار ناتج من وجود مواد متفجرة... متأكدون بنسبة 90 في المئة أن الانفجار ناتج من مواد متفجرة».
وسُئل عن الأسباب وراء وجود هامش من الشك بنسبة عشرة في المئة في أن الطائرة سقطت نتيجة انفجار، فقال: «لا يمكن أن أناقش ذلك الآن». لكن رئيس اللجنة كان تحدث عن احتمالات أخرى ممكنة مثل انفجار مستودع الوقود أو تفكك جسم الطائرة أو ارتفاع شديد في درجة حرارة بطاريات الليثيوم.
غير أن المستشار الإعلامي لوزير الطيران المصري محمد رحمة كذّب في بيان تلك الرواية، مشدداً على أن لجنة التحقيق «لن تلتفت إلى الإشاعات التي ترددها وكالات الأنباء الغربية التي تسعى إلى الإضرار بمصر»، وأن «المحققين الدوليين المشاركين في التحقيق وقعوا على البيان الذي لم يؤكد حدوث انفجار».
وأوضح أن «اللجنة تواصل عملها بشفافية وهي ليست تحت وصاية أحد من مصر أو غيرها، ولا يمكن أن يفرض أحد عليها رأياً أو توجهاً معيناً وإذا سعت مصر إلى ذلك فستقف ضدها روسيا، وإذا أرادت روسيا فرض رأي معين يخالف الحقيقة فستقف أمامها الدول الأوروبية، إذ تشارك مصر وروسيا وارلندا وألمانيا وفرنسا في لجنة التحقيق بنحو 47 محققاً إضافة إلى 11 محققاً من خبراء الطيران الدوليين». وأضاف: «للأسف الشديد نواجه حرباً إعلامية واستخباراتية عاتية لاستغلال حادثة الطائرة الروسية لضرب الاقتصاد المصري والسياحة».
وواصلت روسيا وبريطانيا إجلاء رعاياهما من شرم الشيخ. وأعلنت موسكو أنها أعادت 11 ألفاً من سائحيها من مصر أول من أمس، وهم جزء من 80 ألف روسي تقطعت بهم السبل بعد القرار الذي أصدره الكرملين بتعليق كل الرحلات الجوية الى مصر.
وقال محمد منصور شاكياً وهو يرى السياح الروس يغادرون فندقه الفخم في شرم الشيخ: «اننا تحت الصدمة. خمسين في المئة تقريباً من نزلائي من الروس، وحصل الأمر مباشرة قبل موسم عطل عيد الميلاد».
ودانت صحف مصرية إعادة الدول الغربية رعاياها من شرم الشيخ قبل انتهاء التحقيقات. وخرجت صحيفة «الوطن» اليومية الخاصة بعنوانها الرئيس: «مصر تتحدى إرهاب الغرب»، فيما خرجت صحيفة «الجمهورية» اليومية المملوكة للدولة بعنوان رئيس يقول: «الشعب يتحدى المؤامرة».
وأطلقت الصحف حملات تدعو المصريين إلى السفر لشرم الشيخ لتعويض الخسائر المتوقعة جراء قرارات الدول الأجنبية إعادة رعاياها. وقررت قنوات مصرية فضائية عدة خروج برامجها الحوارية على الهواء من شرم الشيخ.
من جهة أخرى، وجهت النيابة العسكرية في مصر أمس اتهامات بـ «نشر معلومات وبيانات كاذبة» إلى الصحافي حسام بهجت، بعد ساعات من استدعائه للتحقيق أمام الاستخبارات العسكرية.
وقالت رئيسة تحرير موقع «مدى مصر» المستقل لينا عطا الله إن بهجت (37 عاماً) الذي يعمل صحافياً للتحقيقات الاستقصائية في الموقع، «اتصل بمحاميه وأبلغه بأنه متهم بنشر معلومات وبيانات كاذبة من شأنها الإضرار بالصالح العام». وأضافت أنه «دخل إلى مبنى المخابرات العسكرية في التاسعة صباحاً بناء على الاستدعاء الذي تلقاه ثم جرى نقله من دون معرفتنا إلى النيابة العسكرية حيث أجرى معنا اتصالاً هاتفياً قبل قليل».
ولم تتضح أسباب توجيه الاتهام إلى بهجت الذي يعد أيضاً حقوقياً بارزاً. لكنه سبق وأن نشر الشهر الماضي تحقيقا عن محاكمات عسكرية لضباط في الجيش متهمين بـ «محاولة انقلاب»، وهي محاكمة لم تفصح عنها السلطات.