على الرغم من مرور ما يقارب العشرة أيام على كارثة الطائرة الروسية المنكوبة التي سقطت فوق صحراء سيناء ، فإنّ لجنة التحقيق التي تمّ تشكيلها من عدة دول للكشف على الأسباب التي أدت إلى سقوط الطائرة فإنّها حتى اليوم لم تتوصل إلى نتائج ملموسة يمكن أن يتوضح من خلالها السبب الحقيقي الذي أدى إلى هذه الكارثة والتي ذهب ضحيتها ما يقارب 230 ضحية ، وما إذا كان هناك عمل إرهابي أم أنه خلل فني حدث للطائرة .
إلا أن ما يرجح فرضية العمل الإرهابي ، وبغض النظر عن تبني داعش لهذه العملية هو مسارعة الولايات المتحدة الأميركية وبعض الدول الأوروبية وأولها بريطانيا إلى دعوة رعاياها للخروج من مصر وخصوصا من المنطقة السياحية في شرم الشيخ لحمايتهم من اي عمل مماثل.
حتى الحكومة الروسية فإنها في النهاية اضطرت واسوة بالحكومات الغربية ، وعلى رغم ترددها على مدى أسبوع إلى دعوة ما يقارب الثمانين ألفا من رعاياها إلى مغادرة مصر ما يعني أنها هي ايضا باتت مقتنعة بفرضية التفجير التي سعت إلى إنكارها في البداية مثلما انكرتها الحكومة المصرية .
لا شك أن تفجير الطائرة يشكل رسالة قاسية لمصر وروسيا وهذا هو السبب وراء التردد المصري والروسي في تصديق التأكيدات الغربية وخصوصا البريطانية والأميركية حول عملية التفجير.
فبالنسبة لمصر فإن عمل إرهابي كهذا يعني ضربة قاصمة لاقتصادها الذي يقوم جزء كبير منه على اعادة تنشيط قطاع السياحة وخصوصاً في منتجع شرم الشيخ الذي بات مقصداً مهماً للسياح الأوروبيين والروس .
كما أنه إشارة إلى أن الوضع الأمني في شبه جزيرة سيناء الذي تؤكد الحكومة المصرية على أنه تحت السيطرة لا يزال يثير القلق لدى الحكومات الغربية وأن الإجراءات التي تتخذها الأجهزة الأمنية المصرية غير كافية وحدها لمواجهة الأخطار التي تهدد حياة السياح الذين يزورون تلك المنطقة .
أما بالنسبة إلى الحكومة الروسية فإنّ تبني داعش لهذه العملية الإرهابية يعتبر أول رد انتقامي على التدخل الروسي في الحرب السورية وعلى الدور الذي تلعبه موسكو في تلك الحرب وهذا يضع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أمام أحد خيارين ، إما الانسحاب من المستنقع السوري وهو أمر يبدو مستبعداً جداً ، وإما دخول روسيا في حرب مباشرة مع داعش وبهذا يكون تنظيم الدولة الإسلامية داعش قد جر النقمة الروسية عليه.
على أي حال فإنه من الضروري بمكان أن تبادر الحكومة المصرية إلى إتخاذ أقصى إجراءات السلامة في مطاراتها وأن لا تمانع إذا لزم الأمر في إشراك خبراء غربيين في عملية كهذه مع التغاضي وبحدود معينه إلى مسألة السيادة.
فالشكوك لا تدور فقط حول احتمال دخول جهاز التفجير إلى مخزن الأمتعة في الطائرة الروسية بل حول إجراءات التفتيش والسلامة في المطار نفسه...