على بُعد اثنتين وسبعين ساعة من «خميس التشريع»، وانطلاقاً من قاعدة الضرورات التي تبيح المحظورات في زمن الشغور الرئاسي، تتسارع الاتصالات وتتكثف الجهود في سباق محموم بين الضرورة والأولويات لبلوغ أرضية توافقية حول الجدول التشريعي بين مختلف الأفرقاء قبل صباح الخميس. وفي هذا السياق اندرج اجتماع ممثلي أحزاب ومستقلي قوى الرابع عشر من آذار أمس الأول وفق ما أوضحت مصادر قيادية في 14 آذار لـ«المستقبل» مؤكدةً أنّ الاجتماع تخللته «نقاشات جدية وصريحة ومحاولات لطرح مخرج توافقي يُؤمل التوصل إليه قبل موعد انعقاد الجلسة التشريعية». 

وعشية عقد رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع ظهر اليوم مؤتمراً صحافياً في معراب يتناول فيه موقف «القوات» من الجلسة التشريعية، برز أمس تنبيه البطريرك الماروني بشارة بطرس الراعي في عظة الأحد إلى «الخطر الداهم على الاستقرار النقدي والمالي في البلد»، داعياً القوى السياسية عموماً والمجلس النيابي خصوصاً إلى المبادرة و«القيام بإجراء تقني يسمح بمعالجة القضية المالية التي تفاقمت حتى على صعيد المجتمع الدولي». وفي معرض تضرّعه لكي يضع المسؤولون «في أولويات اهتماماتهم حماية الجمهورية لكي يسلم الجميع»، شدد الراعي على عدم جواز التشريع بشكل عادي في ظل الفراغ الرئاسي «ولا الخلط بين الضرورة الوطنية وغير الضروري، ولا انقسام المجلس النيابي وتعطيل كل شيء»، مذكّراً في الوقت عينه بضرورة أن تبقى «أولوية العمل في المجلس النيابي انتخاب رئيس للجمهورية».

«المستقبل»

وعلى أساس التراتبية الوطنية في الضرورات والأولويات، تبني كتلة «المستقبل» النيابية موقفها حيال الجلسة التشريعية سواءً في ما يتعلق بالضرورات المالية والاقتصادية التي توجب التشريع أو في ما خصّ الأولوية المطلقة التي توليها «المستقبل» لمسألة انتخاب رئيس جديد للجمهورية.

وتوضح مصادر رفيعة في «المستقبل» أنّ الكتلة تتجه إلى المشاركة في جلسات التشريع يومي الخميس والجمعة المقبلين انطلاقاً من كونه «تشريعاً ضرورياً لمشاريع وقوانين تُعنى بتحصين الأوضاع المالية والاقتصادية في البلد تحقيقاً للمصلحة الوطنية العليا». 

أما عن مشروع قانون الانتخابات النيابية، فتلفت المصادر إلى أنّ «تيار المستقبل» موقفه واضح من هذا الموضوع لجهة تأييده إقرار قانون انتخابي جديد، مذكّرة بأنه كان قد وافق على اعتماد قانون نسبي للانتخابات بدليل المشروع المشترك الذي سبق وقدمه مع «القوات اللبنانية» و«الحزب التقدمي الاشتراكي» في المجلس النيابي. غير أنّ مصادر «المستقبل» أوضحت في ما يتعلق بموقفه المؤيد لانعقاد تشريع الضرورة في ظل عدم إدراج مشروع القانون الانتخابي على جدول أعماله بأنّ «التيار» لا يزال ملتزماً في هذا الصدد الموقف الذي كانت قوى 14 آذار قد اتخذته والداعي إلى عدم بحث وإقرار قانون انتخابي جديد في ظل عدم وجود رئيس للجمهورية ربطاً بأهمية رأي الرئيس ووجوب الأخذ به في إقرار أي مشروع قانون جديد للانتخابات النيابية. وبالانتظار، تؤكد مصادر «المستقبل» العمل والسعي لإحداث خرق ما في جدار التصلب الحاصل في المواقف لعلّ الاتصالات والمشاورات الجارية تتمكن من إيجاد مخارج وتوافقات معينة حول أولويات وضرورات جدول التشريع قبل الخميس المقبل.

استعادة الجنسية

وعن مشروع القانون المعجّل المكرّر لشروط استعادة الجنسية للمتحدرين، استوضحت «المستقبل» النائب سمير الجسر بوصفه مواكباً عن كثب لتطورات المشاريع ذات الصلة، فقال: «كتلة «المستقبل» لا ترفض مطلقاً إقرار قانون استعادة الجنسية ولا تعترض عليه إنما لديها ملاحظات لتصويب بعض الأمور ولا سيما في ما يتصل بعملية التمييز بين مسألة استعادة الجنسية ومسألة التجنيس لأنّ ثمة خلطاً في المشروع المقدّم ما بين المسألتين»، موضحاً في سياق متصل أنّ «المستقبل» يتعامل مع قضية منح الأم اللبنانية الجنسية لأولادها من أب أجنبي باعتبارها «قضية محقة» إلا أنّ الكتلة تقترح وضع ضوابط محددة لهذا الموضوع من خلال «ربط هذا الحق بشرط الإقامة على الأراضي اللبنانية».