علمت «الحياة» أن رئيس الحكومة العراقية حيدر العبادي رفض أخيراً طلباً إيرانياً مباشراً حمله قائد «فيلق القدس» المسؤول عن الملف العراقي قاسم سليماني، بالتراجع عن إقالة المالكي من منصب نائب رئيس الجمهورية، كما رفض استجابة طلب القوات الروسية توجيه ضربات جوية داخل الأراضي العراقية لضرب مواقع «داعش»، وأن هذا الرفض برّر الهجوم الإعلامي والسياسي الذي تعرض له رئيس الحكومة خلال الأسابيع الأخيرة.
وعلى رغم أن العبادي، لم يلتقِ خلال زيارته النجف أمس، المرجع الشيعي الأعلى علي السيستاني، شهدت الزيارة لقاءات مع ثلاثة مراجع دينيين بالإضافة إلى مقتدى الصدر، وتزامنت مع زيارة رئيس البرلمان سليم الجبوري للمدينة، وكشفت عن زخم جديد لجهود تشكيل جبهة سياسية «عابرة للطوائف» لدعم الإصلاحات.
ويحاول العبادي مدعوماً بتياري مقتدى الصدر وعمّار الحكيم، وقيادات سنّية وكردية، كسب ثقل برلماني لمصلحة الإصلاحات، يتجسّد في تأييد 250 نائباً من بين 328، فيما تمكنت الجبهة التي يقودها رئيس الوزراء السابق نوري المالكي وتحظى بدعم إيراني، لإعادة إنتاج الحكومة السابقة، من حصد نحو 70 مقعداً، وتسعى إلى إطاحة العبادي.
وأثنى زعيم تيار الصدر، مقتدى الصدر خلال لقاء جمعه بالعبادي أمس على إصلاحات الأخير، وقال: «لمستُ منه إصلاحاً كبيراً في كل النواحي الأمنية والسياسية».
ودعا العبادي كل القوى السياسية إلى «توحيد الجهود لمواجهة داعش والتحديات الأخرى المتمثلة بالأزمة المالية والاقتصادية».
والتقى رئيس الحكومة قبل اجتماعه مع الصدر في النجف، ثلاثة من المراجع الكبار، كلاً على حدة، وهم محمد سعيد الحكيم وبشير النجفي ومحمد اسحق الفياض، وأوضحت مصادر أن اللقاءات تمحورت حول أهمية تشكيل جبهة سياسية واسعة لتمرير الإصلاحات السياسية التي اقترحها العبادي.
مصادر مقربة من رئيس الحكومة ذكرت أن الأخير يسعى إلى أن يصل عدد مقاعد هذه الجبهة إلى مئتين على الأقل، تضم تياري الصدر والحكيم، ومجموعة القوى السنّية، بالإضافة إلى جزء من كتلة التحالف الكردستاني.
وأشارت المصادر إلى أن الضغوط التي يواجهها العبادي، حتّمت سعيه إلى أن يحظى بدعم من السيستاني في شكل مباشر، خصوصاً أن الجبهة المناوئة له التي يتزعمها المالكي وتضم نواباً في «دولة القانون»، تساندهم مجموعة من الفصائل الشيعية المسلحة ذات التأثير في القرار السياسي، وسّعت أخيراً محاولاتها لإطاحة الحكومة.
ونفت المصادر أن يكون سبب الخلافات السياسية الآن سعي العبادي إلى التفرُّد بالسلطة، معتبرة أن القضية تتعلق بفلسفتين مختلفتين لإدارة الحكم، تذهب إحداهما إلى ضرورة الانخراط الكامل في ملف «التحالف الرباعي» (العراق وسورية وإيران وروسيا) إقليمياً ودولياً، على أمل توسيع هذا التحالف، وبما يضمن تقليص قدرة واشنطن على التأثير في القرارات السياسية والعسكرية.
وترى الفلسفة الثانية ضرورة ألّا يتورط العراق بصراع دولي يتعلق بالدرجة الأساس بالأزمة السورية.
وكان رئيس البرلمان العراقي سليم الجبوري زار النجف أمس لحضور احتفال عشائري، لكنه اجتمع مع مقربين من السيستاني، فيما زار المالكي في الوقت ذاته، مدينة كربلاء المجاورة، للقاء قيادات في «الحشد الشعبي».