لا انتخابات رئاسية في لبنان قبل اجراء الانتخابات البرلمانية في سوريا او اجراء استفتاء على الدستور او انتخاب رئيس جمهورية جديد في سوريا يكون الرئيس بشار الأسد، اما دون ذلك فلا انتخابات رئاسية ستجري في لبنان، بل ستبقى الانتخابات يتم تأجيلها كل شهر مرة، لحين انتهاء الوضع ووضوح الصورة في سوريا.
العماد ميشال عون تناسبه اللعبة ويناسبه القرار، فهو اتخذ قرارا بأن لا يكون رئيس للبنان غيره لانه يعتبر نفسه رئيس اكبر كتلة مسيحية، ويحق له مثلما يحق للرئيس سعد الحريري والرئيس نبيه بري اللذين يختارهما الشيعي والسني ان يكون هو رئيسا للجمهورية، وحزب الله معركته الإقليمية في سوريا ولا يرى ضرورة لانتخاب رئيس جمهورية بسرعة في لبنان، فالاولوية عنده هي معرفة احداث سوريا ونتائجها وماذا سيحل بالرئيس بشار الأسد، هل يكمل ولايته حتى سنة 2021 ؟ هل تجري انتخابات جديدة في سوريا؟ بالنسبة لاتفاق الحل السياسي يترشح فيه الرئيس بشار الأسد ومرشحون اخرون ضده، ولذلك حزب الله غير مستعجل على الانتخابات الرئاسية لانه ينتظر ماذا سيحصل في سوريا، وكيف ستتصرف الدول الغربية وروسيا وأميركا حيال انتخاب الرئيس بشار الأسد رئيسا جديدا لسوريا.
قبل ذلك لا انتخابات رئاسية في لبنان، والذين يحددون تواريخ انها بعد شهر او شهرين او ثلاثة انما هم يدخلون في اطار التبصير بشأن انتخابات الرئاسة، فالانتخابات الرئاسية اللبنانية مرتبطة مباشرة بأحداث سوريا وبالتحديد بمصير الرئيس بشار الأسد، فاذا لم تقم الدول الغربية بالاعتراف بالرئيس بشار الأسد فلن تسمح 8 اذار بانتخاب رئيس جمهورية في لبنان، اما اذا وافقت الدول الغربية على بقاء الرئيس بشار الأسد رئيسا للجمهورية حتى انتهاء ولايته سنة 2021 فان 8 اذار ستسمح بانتخاب رئيس جمهورية جديد في لبنان لا يمكن تحديد اسمه منذ الان انما قد يكون مرشحاً وفاقياً وتتم تسوية مع العماد ميشال عون بانسحابه من معركة الرئاسة فور قبول الدول الغربية بالرئيس بشار الأسد رئيسا لجمهورية سوريا.
لكن طالما ان فرنسا تقول انها لا تقبل بالرئيس بشار الأسد ان يستمر في الحكم وفي مركزه، وبالتالي لا تقبل به رئيسا للجمهورية، وطالما ان السعودية تقول ان الرئيس بشار الأسد عليه الرحيل وطالما ان المانيا وبريطانيا تقولان بأنهما لن تتعاونا مع الرئيس بشار الأسد وعليه الرحيل او اخذ فترة انتقالية لمدة ستة اشهر لتغيير الحكم في سوريا، وطالما ان واشنطن ترفض بقاء الأسد فان حزب الله و8 اذار لن يقبلوا بانتخاب رئيس جمهورية في لبنان، انها لعبة ورقة مقابل ورقة، اذا ارادت الدول الغربية انتخاب رئيس في لبنان عليها التسليم برئاسة الرئيس بشار الأسد لسوريا، وهذه الورقة مقابل هذه الورقة، اما اذا بقيت الدول الغربية ترفض بقاء الرئيس بشار الأسد رئيسا للجمهورية فستلمس جديا ان 8 اذار لا تناور بل فعلا تمنع انتخاب رئيس جمهورية جديد في لبنان وستعرف فرنسا وأميركا وبقية الدول ان القضية ليست مزحة او تسلية، بل قضية جدية بكل معنى الكلمة فكل طاقات هذه الدول لن تستطيع اجراء انتخابات رئاسية في لبنان الا بعد موافقة 8 اذار وكي توافق 8 اذار على انتخاب رئيس جديد للبنان على هذه الدول الغربية الموافقة مع الدول العربية على بقاء الأسد بكامل ولايته لسنة 2021، وطالما انه لا انتخابات رئاسية فان حزب الله يتمسك بالحكومة ويرفض استقالتها ويفضل ان تعمل الحكومة برئاسة الرئيس تمام سلام وان يستمر الحوار بينه وبين تيار المستقبل لتهدئة الأوضاع وعدم حصول مشاكل على الساحة اللبنانية لان ساحة حزب الله هي الجبهة في الجنوب مع العدو الاسرائيلي وجبهة سوريا المفتوحة حربا ضد التكفيريين والإرهابيين.
ان حزب الله معني بحرب سوريا مثل نظام بشار الأسد واكثر، وحزب الله يعتبر انه لا يستطيع ان ينكسر في سوريا حتى لو قدم تضحيات كبيرة، وبالتالي فحزب الله الآن ليست ساحته ساحة معركة رئاسة جمهورية، ولا ساحة حروب سياسية على الساحة اللبنانية، بل هو يريد الاستقرار وبقاء الحكومة وعمل مجلس النواب واذا كانت قد تمت الدعوة من بري لمجلس النواب كي يجتمع في 12 و13 تشرين الثاني فانما ذلك تم بدعم من حزب الله الذي عليه اقناع حليفه العماد ميشال عون لحضور الجلسات التشريعية ولو قاطعها لا يهم فان الجلسات التشريعية ضرورية لحزب الله كي تدور عجلة العمل في البلاد ولا تذهب الأموال هدرا على لبنان نتيجة عدم إقرار قوانين مالية متفق عليها مع البنك الدولي.
اما 14 اذار فلا حيلة لها فقد سعت مع السعودية وفرنسا لانتخاب رئيس للجمهورية في لبنان، فحاولت فرنسا مع طهران والسعودية انتخاب رئيس للبنان لكن المحاولة فشلت وعرفت 14 اذار انها لا تستطيع ان تفعل شيئا بشأن انتخاب رئيس فسار تيار المستقبل باتجاه الحوار مع حزب الله واكمل تمام سلام مهمته برئاسة الحكومة، حتى ولو هدد بالاستقالة عدة مرات فان تمام سلام لن يستقيل وسيستمر في الحكم حتى انتخاب رئيس جمهورية جديد للبلاد، وذلك مرتبط بتدخل الدول الكبرى، فأميركا ابلغت الرئيس تمام سلام مع باريس ولندن انها لا تقبل باستقالة الرئيس تمام سلام بأي شكل من الاشكال وان استقالة الحكومة خط احمر لدى هذه الدول وان المسؤولية ستقع على الرئيس تمام سلام اذا استقالت الحكومة، لذلك علم الرئيس تمام سلام انه لا يستطيع الاستقالة بل كل ما يستطيع ان يفعله هو عدم دعوة الحكومة للاجتماع الا عند حصول وفاق كامل والان مع اجتماع مجلس النواب في جلسة 12 و13 تشرين الثاني هنالك ملامح لانعقاد الحكومة من جديد خاصة لحل مشكلة النفايات وترحيلها بواسطة البواخر الى الخارج لان لبنان لم يعد يتحمل مشكلة النفايات.
بالنسبة الى الرئيس نبيه بري يعرف طريقه ويعرف خارطة الطريق ويعرف ان عليه رعاية الحوار بين تيار المستقبل وحزب الله ومسايرة العماد ميشال عون دون الخضوع له، ومسايرة كل الأطراف بما فيها الرئيس سعد الحريري واستمرار الحلف بينه وبين الوزير وليد جنبلاط كي يبقى التوازن الداخلي قائما إضافة الى علاقة خاصة مع الوزير سليمان فرنجية وعلاقة خاصة مع وزراء مسيحيين مستقلين مثل الشيخ بطرس حرب وغيره.
على هذا الأساس نصل الى نتيجة ان مجلس النواب سيجتمع ويعمل وان الحكومة خط احمر لا يمكن ان تستقيل الآن وان انتخابات رئاسة الجمهورية في لبنان مرتبطة بانتخاب الأسد رئيسا للجمهورية في سوريا، او القبول باستمرار ولايته حتى سنة 2021. والا فلا انتخابات رئاسية في لبنان، هذه هي الخلاصة وهذه هي الصورة. لذلك يجب على المواطن اللبناني ان يرسم خارطة طريقه وفق هذه المجموعة من المعلومات والمعطيات كي يدرك ان لا رئيس للجمهورية في الوقت القريب وان الحكومة باقية ضمن حدود التوافق السلبي وان مجلس النواب سيتحرك لاقرار مجموعة قوانين لكن لا حل في البلاد جذريا او جزئيا في لبنان.

تصعيد عوني ـ قواتي بغطاء من بكركي

وعلى صعيد الجلسة التشريعية، تصاعدت المواقف امس بعد تأكيد الرئيس بري عقد الجلسة التشريعية مدعوماً من الحريري وجنبلاط وسليمان وفرنجية، فقد صعدت المكونات المسيحية المتمثلة بالقوات اللبنانية والتيار الوطني الحر والكتائب البنانية صعدت مواقفها الرافضة لعقد الجلسة التشريعية دون اخذ مطالب المكونات المسيحية.
وكتب الزميل عيسى بوعيسى التقرير الآتي
وصل الدكتور سمير جعجع الى الصرح البطريركي في بكركي عند الرابعة والنصف بصورة مفاجئة حيث كان البطريرك الراعي مجتمعاً مع رئيسة وزراء النروج الا انه انتظر حوالى ثلثي الساعة للقاء سيد الصرح في خلوة استمرت ربع ساعة ووصل النائب ابراهيم كنعان موفداً من العماد ميشال عون وتحول اللقاء الثنائي الى ثلاثي وضم الراعي وكنعان وجعجع وتمحور الحديث حول موضوع وحيد هو تشريع الضرورة في المجلس النيابي، وما كان خافياً حسب ما علم من مصادر المجتمعين اوضحه جعجع الذي كان جاداً في بعض التعابير التي استعملها كمثل رده على سؤال حول عدم وجود مسيحيين في الجلسة: «خلونا ساكتين احسن» وبدا عليه التهكم من مجريات كل ما يثار حول امكانية وضع لبنان على قائمة الدول الفاشلة، وهو بالتالي لا يصدق هذه المقولة انما اعتبرها ضغطاً يمارسه البعض وتهويلاً لا فائدة منه على مواقف القوات والتيار الموحدة لناحية عدم حضور الجلسة التشريعية الا اذا وضع قانون الانتخابات، كما علم ان جعجع بدا مستاء جداً من ابتزاز بعض القوى حيال التشريع، دون ادراج بند قانون الانتخابات او حتى قانون استعادة الجنسية معرباً عن اعتقاده ان الجلسة حتى ولو عقدت لن يصدر عنها شيىء واذا تم انعقادها «لكل حادث حديث».
ولم يكن كنعان اقل منه شراسة تجاه هذا الموضوع وقد بدا التناغم القواتي - العوني في اوجه اذ جزم كنعان ان المطلوب هو «الشراكة الوطنية»، وهذا الامر يقرره الجميع وليس حكرا على فئات معينة دون غيرها، وليس هكذا تتم عملية العيش المشترك التي ستظل تنادي بها حتى ولو اقفل الاخرون آذانهم تجاهنا.
هذا الجو العوني - القواتي تضاف اليه مباركة بطريركية من قبل سيد بكركي الذي اكد بصورة نهائية ان لا «نزلة» الى المجلس النيابي وان البلد تتم قيادته من قبل الجميع وليس من قبل سائق واحد. واوضحت بعض المعلومات ان الراعي سوف يطلق كلاماً اليوم في عظة الاحد يكون فاصلاً لجهة هذا الامر لدعم موقفي التيار الوطني والقوات اللبنانية، الا ان مصادر مطلعة اوحت ان امام الداعين للجلسة التشريعية عدة ايام لايجاد مخرج ما كإدراج قانون الانتخابات كبند اخير في الجلسات وعندئذ يمكن الحديث عن حضور عوني - قواتي. اما الكلام عن جلسة عددية وغير ميثاقية فهو مخالف لكلام بري بالذات الذي اكد اكثر من مرة ان غياب مكون واحد مخالف للميثاقية.

اجتماع ليلاً في السراي

وليلاً، عقد اجتماع في السراي الحكومي ضم الى الرئيس سلام، الوزير بطرس حرب والنواب مروان حماده، احمد فتفت وجورج عدوان. وجرى البحث في عقد الجلسة التشريعية، ومحاولة اقناع القوات اللبنانية بالعدول عن موقفها المقاطع للجلسة التشريعية، ولكن عدوان تمسك بموقفه، كما ان تيار المستقبل اعلن انه من اكبر الداعمين لعقد الجلسة التشريعية، وقال حماده «ان الصوت الاقتصادي يضفي الميثاقية على الجلسة التشريعية».

سجال بين جنبلاط وجعجع

وكان لافتاً تصريح النائب وليد جنبلاط وعلق على موقف القيادات المسيحية من التشريع، وقال: «ان ما تفعله بعض القيادات المسيحية هو مزايدة ورسالة نحو المزيد من الانتحار الذاتي»، واضاف «اذا كان البعض منهم لم يتعلم من تجارب الماضي فهذا مؤسف لكننا لن نسير معهم في هذا الانتحار».
وقد رد جعجع على جنبلاط عبر تغريدة على «التويتر» بالقول : «صديقي وليد جنبلاط كلك لطف وعاطفة وذوق ومحبة... ولكن احياناً من الحب ما قتل».