لبلدة عرسال تاريخ طويل في النضال وحافل بالتضحيات دفاعاً عن القضايا الوطنية والقومية ، إلا أن هذا التاريخ النضالي لم يشفع لها ولم يستطع ان يشكل لها حماية من تداعيات الأزمة السورية وانعكاساتها العسكرية والأمنية على لبنان ، وذلك يعود إلى الموقع الجغرافي الذي تتميز به هذه البلدة.
فعرسال تقع في سفح السلسلة الشرقية في المنطقة الحدودية بين لبنان وسوريا حيث تستخدم معبرا حيويا للتهريب بين البلدين ، ونظراً لقربها من بعض البلدات السورية في منطقة القلمون فإن جرودها الواسعة والوعرة شكلت ملجأً مثاليا لبعض الجماعات المسلحة المعارضة للنظام السوري والتي استفادت من الروابط بعائلات من سكان البلدة حيث كانت لها بمثابة حاضنة مذهبية وأقامت علاقات مع أشخاص من السكان تداخلت فيها المصالح الشخصية والمنافع إضافة إلى وجود قاسم مشترك وهو العداء للنظام العلوي الحاكم في سوريا.
هذا التداخل في العلاقة فرض أمرا واقعا في البلدة اضطرها لأن تدفع اثمانا باهظة من أمنها واستقرارها وأدى بها إلى أن تعيش شبه عزلة عن محيطها للقرى والبلدات اللبنانية.
خصوصا بعد أن أقدمت عناصر من هذه الجماعات المسلحة والمتمركزة في البلدة وفي الجرود على الاعتداء على الجيش اللبناني الذي خاض معركة شرسة مع مسلحي هذه الجماعات الإرهابية في ما عرف بمعركة عرسال في أوائل شهر اب من العام الماضي وأدت إلى خطف عشرات من عناصر الجيش وقوى الأمن الداخلي على يد هؤلاء الإرهابيين.
وتوالت الأحداث الأمنية والاغتيالات الجسدية والعمليات التفجيرية مع تزايد عناصر هذه الجماعات والتي دخلت في مرحلة تصفية حسابات في ما بينها للإمساك بالقرار والسيطرة على الأرض والتي كان آخرها التفجير الذي استهدف اجتماع لهيئة علماء القلمون منذ يومين والذين كانوا مجتمعين في مقر الهيئة الواقع في حي السبيل شمال غرب بلدة عرسال وكان ويضم 12 شيخا.
والانفجار ناتج عن عملية انتحارية أوقعت ستة قتلى وسبعة جرحى ، وأكد شاهد عيان أن انتحاريا كان يستقل دراجة نارية اتجه بسرعة نحو الاجتماع وفجر نفسه على المدخل .
مصادر أمنية رجحت وقوف تنظيم داعش وراء العملية لأنها تستهدف أحد المشايخ الذي يقطن قرب حاجز للجيش اللبناني في وادي حميد وعلى تواصل دائم معه ويسهل عمليات دخول السوريين وخروجهم على الحاجز نظرا لحساسية الموقع هناك.
كما لعب دورا مهما وكبيرا في ملف العسكريين المخطوفين والمفاوضات القائمة.
أحد فاعليات عرسال أشار إلى أن المجموعات المسلحة لا تزال تسرح وتمرح في البلدة وأن الأهالي يتخوفون من الأيام المقبلة وما سيكون عليه مصير البلدة في ظل ما تشهده من أحداث وغياب تام لدوريات الجيش والأجهزة الأمنية ، سيما وأن هذا التفجير الانتحاري أعاد عرسال إلى الواجهة الأم .