منذ آذار من عام ٢٠١١ والعالم يستمع دائماً الى معزوفة واحدة هي "الشعب السوري هو الذي يقرر مستقبله ومصير الاسد"، النظام السوري قال هذا وكذلك الروس والايرانيون وحتى الأمين العام للأمم المتحدة بان كي - مون.
هذا الشعار رُفع في البداية في مواجهة أي مطالبة بضرورة استجابة الأسد مطالب المعارضة بالإصلاح، ثم في وجه كل دعوة الى ضرورة خروج الأسد من السلطة تسهيلاً لحل يقوم على قاعدة عملية إنتقال سياسي، دعت اليها "مبادرة الجامعة العربية" قبل عقد مؤتمر "جنيف - ١" حيث تولى سيرغي لافروف هناك نسف فكرة الإنتقال السياسي وتشكيل حكومة جديدة تتولى صلاحيات الاسد، مكرراً القول إن من حق الشعب السوري ان يقرر مصيره!
الآن هناك انقلاب واضح يحاول إنكار وحتى إسقاط حق الشعب السوري في تقرير مستقبله، هذا الانقلاب يأتي على يد النظام نفسه وبتأييد من حلفائه الإيرانيين، ولكن ليس واضحاً اذا كان الروس سيؤيدون هذا التوجه الغريب والمثير !
لماذا حصل هذا الانقلاب؟
في بساطة لأن البند السابع في البيان الصادر عن إجتماع "فيينا - ٢" دعا حرفياً الى " جمع ممثلي الحكومة والمعارضة في سوريا في عملية سياسية تفضي الى تشكيل حكومة ذات مصداقية وشاملة وغير طائفية على أن يعقب تشكيلها وضع دستور جديد وإجراء انتخابات بإشراف الأمم المتحدة يحق لكل السوريين ومنهم المغتربون المشاركة فيها".
النظام السوري سارع الى إعلان رفضين لمحتوى هذا البند بما ينسف مساعي فيينا، أولاً عندما أعلن فيصل المقداد من طهران رفض فكرة الحكومة الإنتقالية مؤكداً "اننا نتحدث عن حوار وطني وحكومة موسعة وعملية دستورية ولا نتحدث نهائياً عما يسمّى فترة انتقالية موجودة فقط في أذهان من لا يعيشون على أرض الواقع".
أما الثاني فهو رفض النظام مشاركة اللاجئين السوريين الذين فروا الى الخارج في الإنتخابات، بحجة انهم سيكونون عرضة لضغوط تعارض النظام والأسد من البلاد التي لجأوا اليها، وهذا يعني عملياً ان النظام يعرف تماماً وبالأرقام ان الشعب السوري ضده كلياً، ذلك ان ١٢ مليوناً من المهجرين سيصوتون ضده، اما الباقون فمعظمهم يعارضونه وحتى الكثيرون ممن هم داخل المناطق العلوية؟
اذاً أين أصبح حق الشعب السوري في تقرير مصيره، وهل سقط هذا الحق ليبقى الأمر كما كان دائماً النظام وحلفاؤه هم الذين يقررون مستقبل هذا الشعب ومصيره، بعدما أحرقوا البلد وجعلوا نصف السوريين في اللجوء. ثم اذا كان رهان طهران يقوم على الأسد شخصياً بغض النظر عن الشعب السوري الذي طالما نادت بحقه في تقرير مصيره، فعلى ماذا سيكون رهان موسكو بعد خمسة أعوام من تشدّق لافروف بحقوق السوريين!