عنوانان بَرزا إلى الواجهة في الساعات الأخيرة: أمنيّ في عرسال، واقتصاديّ مع دقِّ الهيئات الاقتصادية ناقوسَ الخطر خشية وضعِ لبنان خارجَ الشرعية الدولية. وفي الوقت الذي أكّدت معلومات متقاطعة أنّ الوضع الأمني في عرسال وكلّ لبنان تحت السيطرة، وأنّ ما جرى لن يخرج عن هذه الحدود ، لفتَت زيارة قائد الجيش العماد جان قهوجي التفقّدية إلى جهاز أمن المطار، واطّلاعه على الإجراءات التي تكفل سلامة هذا المرفق الحيوي للبلاد، وذلك تزامناً مع الاستنفار الدولي من حصول عمليات تستهدف الملاحة الجوّية في ظلّ الشكوك الواسعة من أن تكون الطائرة الروسية تعرَّضت لعمل إرهابي، حيث استنفرَت واشنطن بدورها مطارات الشرق الأوسط، طالبةً تعزيز الإجراءات الأمنية بالنسبة للرحلات المتّجهة إلى الولايات المتحدة كإجراء «احتياطي» بعد تحطّم الطائرة الروسيّة في مصر، وبالتالي، التحرّك السريع لقهوجي جاء ليؤكّد مدى الجهوزية الأمنية في مطار بيروت، ويوجّه رسالة إلى كلّ دوَل العالم بأنّ لبنان يتّخذ أساساً كلّ التدابير التي تحفَظ الأمن في المطار وغيره. فيما تراجَع الحديث عن خطة النفايات بعد تعثّر خطة الوزير أكرم شهيّب، ومع استمرار التعطيل الرئاسي والشلل الحكومي، تتّجه الأنظار إلى الجلسة التشريعية التي تنعقد الأسبوع المقبل في 12 و13 الشهر الجاري على وقعِ مطرقة الإنذارات المالية الدولية وسِندان المشاركة المسيحية فيها، وفي غياب قانون الانتخابات النيابية، ما يَطرح التساؤل عن إمكان مشاركة قوى مسيحية فيها بعدما ربَط «التيار الوطني الحر» مشاركته بإدراج قانون الانتخاب على جدول أعمال الجلسة، وجاهرَ حزب «القوات اللبنانية» عَلناً بعدم حضوره أيَّ جلسة لم يدرَج على جدول أعمالها هذا القانون، فيما حسَم حزب الكتائب عدمَ مشاركته في أيّ جلسة قبل انتخاب رئيس جمهورية جديد.

وقالت مصادر متقاطعة بين «القوات» و«التيّار» لـ«الجمهورية» إنّهما ليسا بوارد التراجع عن موقفهما بضرورة التوفيق بين البعدَين المالي والميثاقي.

الحريري ـ الراعي

وفي سياق متابعة أزمة رئاسة الجمهورية، ومحاولة بكركي المستمرّة تحريكَ هذا الملفّ بالتشاور مع الأفرقاء السياسيين، برَز أمس الاتصال بين البطريرك الماروني الكاردينال بشارة الراعي والرئيس سعد الحريري، حيث تمّ التطرّق إلى الأوضاع السياسية في البلاد وانعكاس الفراغ الرئاسي على الوضع السياسي والأمني والاقتصادي على لبنان.

وفي هذا الإطار، أكّدت مصادر بكركي لـ«الجمهوريّة» أنّ «أجواء النقاش بين البطريرك والحريري كانت ممتازة كالعادة، وتمّ بحث المسائل التي تؤثّر سلباً على الحياة السياسية وتشلّ المؤسسات الدستوريّة، وعلى رأسها الفراغ الرئاسي، والتأكيد على استمرار النقاش والمبادرات من أجل الوصول إلى انتخاب رئيس في أسرع وقت، لكي تحَلّ بقيّة الملفات العالقة، وتمّ الاتّفاق على استمرار التواصل بين الرَجلين».

من جهتها، لفتَت مصادر قيادية بارزة في تيار «المستقبل» إلى أنّ «الاتصال كان عمومياً ولم يدخل في التفاصيل، ولم يتطرّق لا من قريب ولا من بعيد إلى جلسة التشريع أو مواقف البطريرك الراعي منها».

فتفت

وأكّد عضو كتلة «المستقبل» النائب أحمد فتفت لـ«الجمهورية» أنّ التواصل مع «القوات» و«الكتائب» مستمرّ، والتنسيق معهما قائم بشكل دائم، وسيكون هناك أكثر من لقاء من اليوم وحتى موعد الجلسة أيّاً تكن القرارات. أمّا بالنسبة إلى «التيار الوطني الحر» فلا تواصُل سياسياً معه.

وعن إدراج قانون الانتخاب في جدول الأعمال لإرضاء «التيار» و«القوات» من دون إقراره، قال: «المشكلة ليست في وضعه لمجرّد وضعه، فهل سنضحك على الناس ونقول لهم إنّنا نضع اقتراحاً على جدول الأعمال لكي لا يُبحث ويُقر؟ هناك 17 اقتراح قانون، واقتراح قانون كهذا لا يعالَج بهذه الطريقة بل بهدوء، ويتطلّب حدّاً أدنى من التوافق الوطني لكي يُبَتّ ويُقرّ.

تصَوّروا أن يكون هناك حضور لـ 64 نائباً، إذا صوّت 32 لاقتراح قانون، يمرّ، وبالتالي عندما نضع قانون انتخاب بـ 32 نائباً نكون بذلك نخلق مشكلة كبيرة. لدينا اقتراح قانون واضح وضَعناه مع «القوات» ونَلتزم به، وفي الماضي كان النائب وليد جنبلاط معنا قبل أن يعتبر نفسه غيرَ ملتزم به.

فلا اقتراح في المجلس لديه أكثرية. فلماذا إذن سنَحشر أنفسَنا في الزاوية بهذه الطريقة ونفرض واقعاً غير منطقي في مرحلة نتعرّض معها لضغوط دولية كبيرة لكي نقِرّ مشاريع قوانين كان يجب إقرارها منذ زمن.

وأكّد فتفت أنّ موقفَه بعدم حضور الجلسة إذا غاب عنها «القوات» و«التيار» و«الكتائب» لا يزال هو نفسه»، وهذا لا يعني أنّه موقف صحّ، بل أقول إنّ موقف «القوات» و«الكتائب» و«التيار» خطأ لجهة المصلحة الوطنية.

ولكن بما أنّنا نطبّق مبدأ الميثاقية بهذه الطريقة منذ 9 سنوات، فإمّا نلتزم بها وإمّا نعود للدستور، وبما أن لا نيّة للعودة إلى الدستور، يجب إذن أن يكون هناك التزام بالمبدأ. لذلك أقول إنّني لن أحضر، وعلى العكس، أتمنّى أن تشارك القوى الثلاث وتُعطَى الأمور حقّها».

هل ستكون إذن كالطائر الذي سيغرّد خارج السرب في جلسة الخميس؟: «ليس بالضرورة، سنرى ماذا يمكن أن يحصل، فمن اليوم وحتى الخميس يمكن أن يأتي «التيار» و«القوات» إلى الجلسة».

عرسال مجدّداً

أمنياً، لم يمضِ 24 ساعة على استهداف «علماء القلمون»، حتى استُهدِف الجيش اللبناني ظهر أمس بعبوة ناسفة قريبة من مكان الانفجار الأوّل في منطقة السبيل - طريق الجمالة في عرسال، أدّت إلى جرح خمسة عناصر.

قهوجي

وتفقَّد قائد الجيش العماد جان قهوجي جهاز أمن المطار، واطّلعَ على الإجراءات الأمنية المشدّدة للحفاظ على أمن المطار والمناطق المحيطة به، داعياً إلى «الاستمرار في تعزيز هذه الإجراءات بالتنسيق مع الأجهزة المختصة، لضمان سلامة هذا المرفق الحيوي للبلاد».

وزار قهوجي رئيسَ مجلس إدارة شركة طيران الشرق الأوسط محمد الحوت في مكتبه، بحضور أعضاء مجلس الإدارة، الذي وضَعه بصورة الأوضاع العامة للشركة والمطار، وتدابير السلامة العالمية المتّخَذة، خصوصاً الإجراءات الأمنية العالية المستوى في مبنى الشحن الجديد.

وأثنى قائد الجيش على أداء إدارة الشركة، لا سيّما «نجاحها اللافت في تحقيق أهدافها المرسومة على الصعيدين الإداري والمالي، وقدرتها على مواجهة المصاعب ومواكبة التطوّرات، بروح العمل المؤسساتي والمسؤولية الوطنية العالية».

مصادر عسكرية

وفي السياق، أوضحَت مصادر عسكرية لـ«الجمهورية» أنّ «زيارة قهوجي إلى المطار تأتي في سياق متابعة الأوضاع الأمنية عن كثب، وحِرص قيادة الجيش على تأمين أعلى حماية ممكنة لمؤسسات الدولة عموماً، وللمؤسسات التي تُعتبَر واجهة لبنان وعلى رأسها مطار بيروت الدولي».

وأوضحَت المصادر أنّ «منسوب الحذر الأمني مرتفع في المطار، والعماد قهوجي شدّد على أنّه لا يمكن التساهل بحماية مرفق عام كالمطار، وأنّه يجب فعل كلّ شيء من قبَل المؤسسة العسكرية وحتى الأفراد لمنع انتقال ما يحصل في سوريا والمنطقة إلى لبنان».

وأكّدت أنّ حماية أمن الطيران أمرٌ لا يمكن التلاعب به، خصوصاً بعد سقوط الطائرة الروسية وكثرة الحديث عن إمكان استهداف «داعش» والمنظّمات الإرهابية للطائرات».

من جهة ثانية، أوضحَت المصادر أنّ انفجار عرسال «عبارة عن عبوة ناسفة صغيرة الحجم انفجرَت أثناء مرور دورية للجيش كانت تنَفّذ عملية أمنية في المنطقة»، مشيرةً إلى أنّ «هذا الحادث يأتي ضمن سياق المواجهة المفتوحة بين الجيش والمسلحين».

وعن إمكان تفجُّر الوضع مجدداً، أكّدت المصادر أنّ «الجيش جاهز لكلّ الاحتمالات الخطيرة، ويأخذ الاحتياطات اللازمة لأيّ حرب محتملة قد تقع، وهو يتابع ضبط مخيّمات النازحين السوريين وينفّذ المداهمات بحثاً عن مطلوبين، لكي لا يتحوّل النازحون إلى دروع بشرية، لكنْ من المبكر الحديث عن حرب قد تقع».

تعزيز الإجراءات

وفي سياق متصل، أعلن وزير الأمن الداخلي الأميركي جي جونسون أنّ واشنطن طلبت من «بعض» مطارات الشرق الأوسط تعزيز الإجراءات الأمنية بالنسبة للرحلات المتّجهة إلى الولايات المتحدة، كإجراء «احتياطي» بعد تحطّم الطائرة الروسية في مصر.

وقال في بيان إنّه مع تقدّم التحقيق «سنُجري تقويماً بشكل دائم» لهذه الإجراءات «وسنقرّر ما إذا كانت تغييرات إضافية لازمة». وأضاف: «لقد قرّرنا اتّخاذ بعض الإجراءات المشدّدة الموَقّتة والتدابير الوقائية لضمان سلامة الرحلات المتّجهة إلى الولايات المتحدة من بعض مطارات المنطقة».

وشدّد جونسون على «وجوب توسيع عمليات تفتيش الأغراض» التي تُنقَل إلى الطائرات، وأيضاً «تقويم أمن المطارات بالتعاون مع شركائنا الدوليين»، واتّخاذ تدابير أخرى «سواء ظاهرة أم لا».

وإذ أوضَح أنّ هذه التدابير تضاف إلى تلك المعمول بها «منذ الصيف الماضي» في بعض المطارات الأجنبية، ذكرَ بأنّ «العديد من هذه التدابير اعتمدَها حلفاؤنا الأوروبّيون».

واشنطن

وبدوره طمأنَ القائم بالأعمال في السفارة الأميركية السفير ريتشارد جونز بعد زيارته رئيسَ مجلس النواب نبيه بري ورئيسَ الحكومة تمام سلام إلى استمرار المساعدات العسكرية الأميركية من أجل تجهيز الجيش اللبناني وتحديثه «لتعزيز قدرته على مواجهة تهديد التطرّف الحالي وممارسة مسؤولياته ككيانٍ وحيد لديه الشرعية والقدرة على الدفاع عن أراضي لبنان وشعبه».

مصادر ديبلوماسية

وقالت مصادر ديبلوماسية مطّلعة لـ«الجمهورية» إنّ الزيارة الأولى التي قام بها جونز إلى السراي الحكومي شكّلت محطة لاستذكاره المرحلة التي أمضاها في بيروت في بدايات تسعينيات القرن الماضي.

وتركّز البحث على أهمّية القرار الذي اتّخذه الرئيس الأميركي باراك أوباما لتعزيز قدرات الجيش اللبناني والأجهزة الأمنية لمواجهة التطوّرات المتلاحقة في المنطقة، ما جعلَ لبنان سادسَ دولة تتلقّى المساعدات الأميركية بحجم كبير ومميّز.

وقال مشاركون في اللقاء إنّ الرئيس سلام عبّر عن شكره للسفير جونز إزاءَ حجم التقديمات العسكرية والأمنية الأميركية، كذلك على مستوى مساعدة لبنان لمواجهة كلفة النازحين السوريين.