«العبوات الناسفة» اطلت مجدداً من بوابة عرسال بعد هدوء امني، دام لاشهر تخلله سقوط المزيد من رؤوس العصابات الارهابية في قبضة الاجهزة الامنية. ورغم ذلك فان ما يجري على حدود لبنان، وتحديداً في سوريا وعلى الحدود بين البلدين، يفرض استنفاراً امنياً شاملاً في ظل استراتيجية القوى الارهابية القائمة على نشر الدم والقتل والفوضى في كل الدول، ومن بينها لبنان. وهذا يفرض جهوزية عالية على كل المستويات مؤمنة من الاجهزة العسكرية ومفقودة كلياً في هيكلية مؤسسات الدولة والطبقة السياسية، مع الفراغ في رئاسة الجمهورية، وتعطيل المجلس النيابي والحكومة، وخلافات بدأت تأخذ المنحى الطائفي. ولا شك في ان هذه الاجواء ستزيد من حالة الشلل الموجودة في البلاد والخوف من ان «تتسلل» القوى الارهابية من هذه «النافذة» لضرب الاستقرار اللبناني وتعميم الفوضى في لبنان، في ظل عمل هذه المنظمات المكشوفة، وتحديداً في المخيمات، وهذا ما كشفته الاعتقالات الاخيرة. وجاء انفجار امس في عرسال ليؤكد على هذه المخاطر الامنية.
وفي المعلومات ان الانفجار وقع في محلة «السبيل» قرب مبنى البلدية الجديد في عرسال وامام مكتب هيئة علماء القلمون التي كانت تعقد اجتماعاً في المبنى. وادى الانفجار الى مقتل رئيس الهيئة عبدالله عثمان منصور الملقب بعبدالله اليبرودي وعمر الحلبي وعلاء بكور وفواز عرابي وعلي رشق والشيخ علي منقارة، وجميعهم سوريون.
كما اشارت المعلومات الى ان الانفجار استهدف في محل آل رايد قرب الهيئة الشرعية لجبهة النصرة الموفد القطري الذي كان يتباحث في شأن الجنود اللبنانيين الاسرى لدى جبهة النصرة. ولم يعرف ما اذا كان قد قتل ام لا، لكن مبنى الهيئة الشرعية لجبهة النصرة اصيب بدمار شامل. وفي وقت لاحق، نفى اهالي العسكريين المخطوفين ان يكون موفداً من قبلهم قد قتل في الانفجار الذي حصل في عرسال، وان يكون للانفجار علاقة بملف المخطوفين العسكريين.
كما تعددت الروايات حول الحادث، ومنها ان احد الشبان قرع باب الاجتماع وطلب التحدث الى الشيخ عمر الحلبي، وعند خروجه وقع الانفجار.
فيما اشارت معلومات اخرى الى عملية انتحارية بدراجة كان يقودها شاب وانه تحول الى اشلاء، فيما افادت معلومات عن انفجار سيارة مفخخة لكنها استبعدت هذا الاحتمال. في المقابل، ذكرت مصادر امنية لبنانية لوكالة «فرانس برس» ان الانفجار وقع داخل الاجتماع بعد ان فجر احدهم نفسه، وان 14 شخصاً كانوا يحضرون الاجتماع، منهم من قتل والاخرون اصيبوا بجروح خطرة.
والمعلوم ان هيئة علماء القلمون هي مجموعة من المشايخ السوريين القريبين من «جبهة النصرة». والهيئة قامت بوساطة لاطلاق المخطوفين العسكريين، بالاضافة الى تقديم مساعدات للسوريين.
وضرب الجيش اللبناني طوقاً امنياً حول مكان الانفجار، وطلب مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي صقر صقر من الاجهزة الامنية مباشرة التحقيقات الاولية حول الانفجار، علما ان القاضي سامي صادر هو الذي يشرف على التحقيقات الاولية.
ونقلت مصادر متابعة للحادث، ان تنظيم «داعش» هو المسؤول عن تفجير عرسال، وذلك بعد الانتقادات التي وجهتها الهيئة مؤخراً لـ «داعش». وهذا الامر ادى الى خلافات بين رئيس الهيئة ومسؤول «داعش» في المنطقة.
الجلسة التشريعية: المواقف على حالها
وفي موازاة الحدث الامني، كان المشهد السياسي لا يقل سخونة عن الاوضاع الامنية، في ظل تمسك الافرقاء السياسيين بمواقفهم، مع ارتفاع في حدة الخطاب السياسي واصرار الرئيس بري وتيار المستقبل وكتلة جنبلاط وفرنجية والمستقلين في 14 آذار على حضور الجلسة التشريعية، مقابل رفض عوني - قواتي - كتائبي لحضور الجلسة التشريعية وتمسك القوات والتيار بوضع قانون الانتخابات. اما الكتائب فهي ضد التشريع قبل انتخاب الرئيس.
وفي المقابل، حسم تيار المستقبل موقفه لجهة المشاركة، لان هناك ضرورة ملحة لاقرار المشاريع المالية. وقال النائب سمير الجسر: «البلد لم يعد يحتمل الترف السياسي، وهناك حاجة ضرورية لعقد الجلسة، ونعمل على اقناع حلفائنا، وتحديدا القوات اللبناية بالحضور». علماً ان مصادر القوات اللبنانية اوحت ان تيار المستقبل لن يحضر في غياب المكوّنات المسيحية الاساسية.
اما نواب جبهة النضال الوطني واللقاء الديموقراطي فسيحضرون الجلسة، خصوصاً ان جنبلاط اتهم «المقاطعين» بانهم لا يقدّرون اوضاع البلد. واكد جنبلاط انه من اشد المؤيدين لتشريع الضرورة وتفعيل المؤسسات.
كما تيار المردة سيحضر الجلسة، وهذا ما اعلنه النائب سليمان فرنجيه. كما ان حز بالطاشناق سيشارك وكذلك نواب كتلة الوفاء للمقاومة، والحزبان القومي والبعث، والرئيس نجيب ميقاتي واحمد كرامي والنائب محمد الصفدي وكتلة وحدة الجبل برئاسة طلال ارسلان، وبالتالي فان النصاب القانوني مؤمن.
بري: الجلسة ماشية
واكد الرئيس نبيه بري ان الجلسة التشريعية «ماشية ومستمرة» وجرى توزيع جدول اعمالها ونقل الزوار عنه مساء امس قوله: «انا ضميري مرتاح»، وما فعلته مع التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية واضح، فهما تقدما باقتراح حول موضوع استعادة الجنسية، فادرجته على جدول اعمال الجلسة رغم وجوده في اللجان، وما حصل مغاير للاصول. وكان يقتضي الانتظار، الا اذا طلبت الهيئة العامة ان تحصل عليه، ولا اريد ان اجعل من ذلك سابقة، ومع ذلك تجاوبنا ووضعنا الاقتراح على جدول الاعمال، بالاضافة الى مشروع عائدات البلديات.
واضاف، علينا ان نذهب الى الجلسة لاننا اذا لم نفعل ذلك «راح يروح البلد للمزبلة قبل ان نتوصل لمزبلة للنفايات».
ونقل الزوار عنه، انه سمع من حاكم مصرف لبنان رياض سلامه وجمعية المصارف بان الوضع المالي في خطر، «وانا اعرف قبل ان يقولا ذلك، وسمعت من الحاكم» ان «اصدقاءنا ما عاد فيهم يحمونا، اما بالنسبة للميثاقية فانها تعني حماية الوطن وليس تخريبه، وانا احافظ عليها من اجل لبنان وليس من اجل اطراف».
وعن الاحاديث عن لا ميثاقية الجلسة وغياب المكونات المسيحية، قال بري: هناك نواب مسيحيون وموارنة سيحضرون والميثاقية موجودة، وهي ليست مرتبطة بفلان او علتان.
اضاف: لقد تعاملت بتقدير واحترام مع التيار والقوات والمطلوب احترام البلد، ولقد وصلتني رسائل كثيرة لعقد الجلسة حتى لا يتوسل لبنان...
وسئل: اذا لم تعقد الجلسة هل نحن ذاهبون الى الانتحار، اجاب: ذاهبون الى الانتحار، نعم لمن يريد الحياة.
وتوقعت مصادر نيابية في كتلة التنمية والتحرير حضور اكثر من
33 نائباً مسيحياً واكثر، وهذا ما سيضفي على الجلسة الميثاقية. لان نصف النواب المسيحيين سيحضرون فيما نواب الكتائب والقوات والتيار 30 نائبا، ونائب جزين ميشال الحلو متوف.
التيار والقوات على رفضهما
وفي المقابل، فان الاتصالات تكثفت بين التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية عبر ثنائي كنعان - رياشي اللذين قاما بجولات بين الرابية ومعراب. وكشفت معلومات ان زيارة النائب ابراهيم كنعان الى معراب ليل امس ولقاءه الدكتور سمير جعجع في حضور المستشار الاعلامي لجعجع السيد ملحم رياشي، كانت اكثر من ممتازة، والتنسيق قائم على قدم وساق. ولقاء كنعان مع الحكيم في حضور رياشي كان ممتازاً. وتم الاتفاق على العناوين الاساسية المتعلقة بالجلسة التشريعية، وكان هناك توافق بان القوانين السيادية كاستعادة الجنسية وقانون الانتخابات توازي القوانين المالية وبالاهمية نفسها، وحتى ان قانون استعادة الجنسية وقانون الانتخابات يتقدمان على القوانين المالية.
واشارت المعلومات، ان التيار والقوات على موقفهما بطرح قانون الانتخاب على الجلسة التشريعية، واذا لم يستجب لطلب القوات والتيار فلن يحضرا الجلسة التشريعية، وهذا الامر ليس شرطا بل هو حقوق لن نتنازل عنها، ونحن ننتظر الاجوبة. وعلم ان التيار والقوات جددا شروطهما لحضور الجلسة التشريعية وهي: قانون الانتخابات، واستعادة الجنسية للبنانيين وليس للغرباء، وكيفية التعامل معها في الجلسة وتحرير اموال البلديات، والتأكيد ان الاولويات المالية مهمة ولكن مطالبنا محقة وسيادية وميثاقية وتهم جميع اللبنانيين.
وبالتالي، فان القوات والتيار طرحا مسلمات وثوابت لتشريع الضرورة وهي اهم من المشاركة في جلسة تشريعية او عدمها.
جولة الحاكم
وفي ظل التباعد السياسي، كانت لافتة جولة حاكم مصرف لبنان الدكتور رياض سلامة على الرئيسين بري وسلام والبحث في الوضع المالي. وشدد سلامة على ضرورة انعقاد مجلس الوزراء قريباً لاقرار قوانين تتعلق بفرص التنمية واصدار ديون، داعياً الى كسر الجمود السياسي الذي يلحق اضراراً بالاقتصاد.