أوضح الوزير السابق زياد بارود، الذي يرأس اللجنة التي تعمل على وضع مشروع قانون اللامركزية الادارية، أن العمل في اللجنة انطلق من اتفاق الطائف كما من خطاب قسم رئيس الجمهورية والبيانات الوزارية المتتالية للحكومات وآخرها بيان حكومة نجيب ميقاتي، جازما بأن عمل اللجنة تقني بامتياز وبعيد كل البعد عن السياسة باعتبار أنّها لا تضم ممثلين عن الاحزاب والقوى السياسية ولكنّها ومن دون أدنى شك تأخذ بعين الاعتبار أفكارا سبق أن تم تداولها من قبل الأحزاب والتيارات السياسية كما من قبل معنيين بالشأن العام ورؤساء بلديات.
وفي حديث لـ"النشرة"، أشار بارود إلى أن اتفاق الطائف يبقى ركيزة اساسية للانطلاق منها باعتباره شكّل نصا جامعا اتفق عليه اللبنانيون بحيث لم تعد اللامركزية مطلبا فئويا بل دخلت حيّز الاجماع، وقال: "لكن المشكلة ان اللامركزية ظلّت ومنذ العام 1989 عنوانا لم يقترن بترجمة حاسمة بل بقيت أسيرة مشاريع واقتراحات عدة تم تداولها ولم ترتق لمستوى مشاريع قوانين بحثها مجلس النواب".
وعن موعد انتهاء العمل بمشروع القانون الجديد، لفت بارود الى ان قرار تشكيل اللجنة حدّد لها مهلة لانتهاء عملها لا تتعدى الـ3 أشهر ما يعني أنّه يتوجب أن تكون قد وضعت النص النهائي منتصف شهر شباط المقبل، واضاف: "الاجتماعات مكثفة وطويلة ونتجه لحسم خياراتنا والبدء بالصياغة"، مشيرا الى أن "المشروع الذي يُعمل عليه مشروع متكامل ومفصّل مرفق بتقرير يشرح الخيارات التي اعتمدت ليصبح هذا المشروع في النهاية ملكا للبنانيين وللنقاش العام".
نعمل من أجل كل لبنان لا لفريق على حساب آخر
وأكّد بارود أن "رئيسي الجمهورية والحكومة داعمان لعمل اللجنة كما كل الأطراف السياسية"، وقال: "لم تصلنا أي ملاحظات على المشروع بل بالعكس الكل رحّب وأيّد عملنا ووجوب التوصل لترجمة تشريعية فعلية لما ورد في اتفاق الطائف قبل عشرات السنوات".
وأوضح بارود أن "اللامركزية التي نحن بصددها تجمع ولا تفرق وهي باب لادارة التنوع ضمن وحدة الدولة ما يسقط كل المخاوف التي قد يحملها البعض في التعاطي مع مشروعنا"، وقال: "ما نطرحه تنمية فعلية للمناطق من دون الغاء دور السلطة المركزية. نحن سنعطي المناطق القادرة على تنمية ذاتها حوافز لذلك من خلال تحفيز الواردات وتحسين الجباية وابتكار وسائل قانونية لضخ الاموال الى صناديقها، هي ستكون حوافز كافية لتنطلق وتتشجع".
واشار بارود الى ان "ما يسعى اليه مشروع القانون هو تعزيز المشاركة المحلية للتخفيف من الصراع على المركز والتمكن من تقديم خدمات أفضل على المستوى المحلي"، وقال: "نحن نعمل من أجل كل لبنان وليس لفريق على حساب آخر باعتبار أن ما نسعى اليه هو القيام بنقلة نوعية على مستوى تعاطي المواطن مع الادارة".
لا يمكن للبنان أن يسبح عكس التيار!
وفي سياق آخر، وعمّا يحكى عن امكانية تأجيل الانتخابات النيابية لحين اقرار قانون جديد، قال بارود: "لم أسمع أي فريق يقول بالتأجيل، باعتبار ان هذا الخيار سيلقي مسؤوليات كبيرة وخطيرة على من يتبناه، علما ان لا مبررات حاليا تدعو لذلك اولا باعتبار أن العالم العربي كله ذاهب الى انتخابات واتمام استحقاقاته الدستورية وبالتالي لا يمكن للبنان الذي لطالما كان السبّاق في الديمقراطية أن يسبح عكس التيار...". وسأل: "كيف تتحمل أي مجموعة مسؤولية التأجيل في ظل المشهد العربي غير المؤاتي على الاطلاق لخيار مماثل؟".
وتابع: "ثانيا، واذا أردنا أن نتحدث بالأمن ففي أي لحظة قد تطرأ معادلة أمنية تهدد الانتخابات وبالتالي ذلك يبقى رهن وقته"، واضاف: "أما اذا تطرقنا للشق التقني فالكلام عن تأجيل حتى تعديل القانون كلام غير جدي باعتبار انّه ولو كان هناك نية بالتعديل لكان حصل بالأشهر الماضية حين كان الوقت متاحا وبالتالي الحديث عن تعديل عشية الانتخابات يثير المخاوف، وانا لا أثق بأن التأجيل سيؤدي لاقرار قانون اصلاحي".
وعمّا اذا كان الخيار ما بين العودة لقانون الستين أو تأجيل الانتخابات، قال بارود: "أنا ضد قانون الستين وأرفض أن نضع اللبناني دوما أمام خيارين مرين... حان وقت تحميل المسؤوليات فقانون الانتخابات ليس قانونا عاديا هو قانون ميثاقي باعتباره يفرز مجلس نواب يحكم البلاد على مدى 4 سنوات وهو مجلس ينتخب رئيس جمهورية كما تنبثق عنه حكومات".
من المبكر الحديث عن تشكيل لوائح
ورأى بارود أن المشكلة الاساسية التي تواجهنا هي السعي دائما لوضع كل اشكالاتنا في سلة واحدة ما يؤدي لعرقلة كل الملفات. وقال: "هم اليوم يضعون الانتخابات في نفس السلة مع موضوع الحكومة كما موضوع رئيس الجمهورية الجديد ما يهدد بالاطاحة بكل شيء أو البقاء حيث نحن في هذه الملفات حتى تصبح هناك حاجة ملحة لشبيه لاتفاق الدوحة يخرجنا من أزمتنا".
وأشار بارود الى أنّه وبمواجهة الافق المسدود، يطل رئيس الجمهورية الساعي الأول لتقريب وجهات النظر والداعي للحوار كما أفرقاء آخرون كالنائب وليد جنبلاط بمسعى للبحث في مخارج مؤاتية، وقال: "لماذا كلما كنّا بصدد استحقاق ما ندخل البلاد في دوامة تهدد الأمن والاستقرار؟ كل بلدان العالم تشهد انتخابات وتمر عليها استحقاقات بكل ديمقراطية فلماذا فقط في لبنان نتجه للفوضى والاقتتال والتشنج قبل كل استحقاق؟!".
وردا على سؤال عمّا اذا كان قد حسم مسألة ترشحه ومع أي فريق سياسي، قال بارود: "ما يحصل في البلد يتخطى مسألة تشكيل اللوائح والترشيحات الفردية علما أنني لم اغلق باب الترشح ولكن يبقى من المبكر جدا الحديث عن تشكيل لوائح ونحن لم نتفق بعد على قانون انتخاب". وأضاف: "يبقى ترشحي رهن الظروف وهو امكانية قائمة ولكن ليس غاية بحد ذاتها".