لم يكن تصريح المسؤول الايراني مجرد رأي أو احتمال وارد في السياسة الايرانية لجهة تعدد الآراء في مواضيع وملفات عديدة كاستمذاج طبيعي لأمزجة ايرانية مختلفة في تحديد المواقف من ملفات متعددة كما هو الحال في الملف السوري والحرب التي كلفت ايران أثمان باهظة للحفاظ على موقع قدم استراتيجي لها في منطقة محاطة بأنظمة تجد في ايران عدوة دائمة كونها تلعب بملاعب شعوب هذه الأنظمة بغية التحريض المؤدي الى ضرب الأمن والاستقرار فيها كما ترى النخب الحاكمة.
لقد اعتبر المسؤول الايراني محمد على جعفري القائد العام للحرس الثوري أن روسيا في سوريا تتجار على حساب الرئيس السوري بشار الأسد أيّ أنها هي غير مهتمة ببقائه حيّاً سياسياً وتعمل على رفع سقف الاستفادة من دخولها الحرب السورية لتحصيل مكاسب خليجية تحديداً باعتبارها الدول العربية القادرة على ايفاء روسيا حقها في الريع السريع وما يُلازم ذلك من علاقات تنعش الركود الاقتصادي الروسي وتحقق له مكاسب فورية واستراتيجية.
هذا الاستنتاج الطبيعي لمضمون التصريح الايراني يعكس حجم المخاوف الايرانية من الدور الروسي في سوريا وامكانية خسارة ايران الفادحة في حرب ضروس اذا ما باع الروسي سوريا لصالح السعودية ومن معها من دول عربية واقليمية وبذلك تخرج ايران خالية الوفاض بفعل فاعل روسي يمتهن التجارة الرابحة والسريعة أكثر مما يمتهن اللحظة التاريخية التي تمنح منتظرها الدور الريادي في السياسة والاقتصاد.
لقد جاعت ايران ولم تساوم على جوع شعبها وحاربت وحُربت ومازالت في مواقع القتال من اليمن الى لبنان ولم تتنازل عن حق تعتبره من مكتسباتها القومية وهي ابرمت اتفاقها مع الشيطان في اللحظة المناسبة والحرجة للتتمكن من مواصلة مشروعها الاقليمي تحت غطاء دولي لم يعد ينظر لايران النظرة الدولية المشؤومة حيال ايران.
في حين أن روسيا تجتهد ليل نهار كي ترضى عنها أميركا وأوروبا بغية استدراج عطفهم الاقتصادي واستحسانهم السياسي لمعالجة مشكلات روسيا التاريخية كما أن روسيا عرضت ولأكثر من مرة حضورها الطوعي في خدمة مجلس التعاون الخليجي على مستوي التسليح المطلوب والتأسيس لمشروعات اقتصادية واستثمارية تنعش كسلها الاقتصادي.
ان اهتجاس ايران من روسيا في سورية من شأنه أن يفتح أبواب الخلافات بين البلدين على مصارع جديدة من العلاقات المتوترة لتعيد ترتيب المواقف بين الدولتين بطريقة مختلفة على ما هي عليه