في خطوة بالغة الدلالة في مضامينها وتوقيتها، استقبل رئيس كتلة الوفاء للمقاومة محمد رعد أمس، القائم بأعمال السفارة التركية الجديد في لبنان شاغاتاي ارجييس، في زيارة أحيطت بالكتمان. هذه الزيارة التي أتت بعدما أعاد حزب العدالة والتنمية الإمساك بالسلطة في تركيا، وصفتها مصادر دبلوماسية لـ «الأخبار» بـ»زيارة التعارف».
ورغم أن الطرفين حرصا على إبقائها بعيدة عن الأضواء الإعلامية، فإنها تشكل على ما يبدو محطة جديدة في العلاقة بينهما، بعد الفتور والتوتر اللذين سيطرا عليها، تبعاً لموقفي الحزب اللبناني والسلطة التركية من الحرب في سوريا. ووصل التوتر بينهما إلى ذروته على خلفية أزمة الزوار اللبنانيين الذين اختطفتهم الجماعات السورية المسلحة المدعومة من أنقرة، في ريف حلب الشمالي عام 2012.
على صعيد آخر، تستمر القوى السياسية بالتفرج على الدولة تتفكك وتدخل في شلل تام. أبرز علامات هذا التفكك تظهر في العجز عن إيجاد حل لأزمة النفايات، وخاصة بعدما «طُمِرَت» خطة الوزير أكرم شهيب، بفعل الرفض الشعبي في كافة المناطق لإنشاء مطامر يصعب العثور على من يثق في أنها ستكون «صحية». وإزاء هذا الواقع، لم تجد السلطة سوى حل وحيد تفكّر فيه: تصدير الزبالة. في المجالس السياسية، يجري التداول باقتراح يُقال إن رجال أعمال سوريين تقدموا به، يقضي بترحيل نفايات لبنان إلى سوريا! لكن مصادر معنية بمتابعة ملف النفايات تنفي ذلك، مؤكدة أن هذا الخيار غير مطروح. أما المقترحات التي تجري دراستها بجدية، فهي تصدير النفايات إلى قبرص التركية، وإحدى الدول الأفريقية، ولاتفيا.
البدء بترحيل النفايات يحتاج لنحو 3 أشهر من الإعداد التقني
وقالت مصادر وزارية لـ «الأخبار» إن رئيس الحكومة تمام سلام يدرس عرضاً تقدّمت به شركة بريطانية، وأن هذا العرض جدي، وبحاجة لنحو أسبوعين في حد أقصى لإنضاجه. وقالت مصادر معنية بالملف لـ»الأخبار» إن البدء بترحيل النفايات يحتاج لنحو 3 أشهر من الإعداد التقني. وإلى أن يُتَّفَق على حل ما، ستبقى النفايات في شوارع جبل لبنان، لتستمر «سوكلين» بجمع نفايات بيروت والضاحية الجنوبية، ونقلها إلى المكانين المخصصين لها في الكرنتينا وقرب المطار.
وزير الزراعة أكرم شهيب قال إن «لجنتنا المكلفة إيجاد حل للنفايات غير مكلفة البحث في خيار التصدير». أما وزير الشؤون الاجتماعية رشيد درباس، فلفت إلى أن النفايات القائمة غير صالحة للتصدير لأنها تخمرت، مشيراً إلى أنّ رئيس الحكومة تمام سلام أكدّ أن كلفة الترحيل باهظة جدّاً، وأنّه منزعج من رفض خطة شهيب. وأبدى درباس استغرابه «حرص البيئيين على ما في باطن الأرض، ولا يهتمون بمن يوجد على سطح الأرض»!
بدوره، عبّر الوزير السابق شربل نحاس عن «امتعاضه من التجاذبات السياسية التي تطاول ملف النفايات بحيث سيدفع لبنان ما يقارب 200 أو 300 دولار لتصديرها للخارج». وقال نحاس في حديث تلفزيوني إن «الطرحين الواردين حالياً هما التصدير إلى محرقة قرب دمشق، أو التصدير إلى قبرص التركية، وكلاهما سيكون موضوع جدل، والمهزلة والمأساة ستستمران للأسف».
من جهته، أشار رئيس بلدية صيدا السابق الدكتور عبد الرحمن البزري إلى أن «تراكم النفايات لا يكفي لتشكيل مرض الطاعون»، مشيراً إلى أنه «إذا كان هناك طاعون حقيقي في البلد فهو الطاعون السياسي الذي أوصل البلد إلى ما وصل إليه».
أما وزير السياحة ميشال فرعون، فلفت إلى أن جبل النفايات قرب مرفأ بيروت «لم يعد قادراً على استيعاب المزيد». ولفت إلى أن «ما نراه من قمامة في منطقة الكرنتينا يشكل كارثة بيئية وصلت إلى 40 ألف طن من البالات المفتوحة»، مذكّراً بـ»أننا قلنا في شهر تموز إن مكب الكرنتينا موجود لمدة 10 أيام، وها هو يستمر لأكثر من 3 أشهر ولا إمكانية لإضافة المزيد من النفايات إليه». وقال فرعون: «النفايات تتكدس ولا نستطيع توزيعها بسبب عدم توافر مطامر صحية، ونفايات بيروت يجب أن تتوزع على 5 مكبات، ويبدو أن لا حل إلا بترحيلها».