لم يكن اختيار منطقة «الكوستابرافا» على شاطئ خلدة لإنشاء مطمر للنفايات، سوى إعلان لموت خطة الوزير أكرم شهيب. ونعي الخطة جاء أمس من منزل النائب طلال أرسلان. وعليه، فإن التقدّم الذي تحقّق في المرحلة الماضية باختيار مكبّ سرار في عكّار، وفرض تيار المستقبل فتح مكبّ مقابله في منطقة «شيعية»، لا بدّ سيتأثر، لتعود الأمور إلى النقطة الصفر في ملفّ النفايات. وعلى ما يؤكّد مصدر وزاري بارز معني بمكبّ سرار، فإن الخطة «فشلت بنسبة 95%، ولا خيارات بديلة واضحة حتى الآن».
وعلى طاولة الحوار في مجلس النواب أمس، نقل أرسلان للمشاركين رفض الأهالي وعدم قبولهم أي نقاش مهما كانت المغريات والضمانات. وكسر حديث النفايات رتابة الجلسة وتكرار المواقف حول رؤية الحاضرين لمواصفات رئيس الجمهورية. وفيما لفت أرسلان الى «أنني لا أستطيع أن ألزم الناس بأي شيء، لأن لا ثقة بالدولة»، دعاه النائب وليد جنبلاط الى القيام بجولة مع شهيّب في المنطقة لإقناع الأهالي بالقبول، فردّ بأنه مستعد للقيام بجولة معه (أي جنبلاط) وليس مع وزير الزراعة. ولما رفض جنبلاط الفكرة، ردّ أرسلان «إي وأنا ما بنزل»، فما كان من رئيس الحزب الاشتراكي إلّا أن غادر الجلسة.
المشنوق: هناك تهديد
جدّي لليرة اللبنانية في حال عدم انعقاد الجلسة التشريعية
واستكمل البحث في ملفّ النفايات بعد خروج جنبلاط، فطرح النائب سليمان فرنجية خيار ترحيل النفايات إلى الخارج، فأيّده عدد كبير من المشاركين، فيما عبّر رئيس الحكومة تمام سلام عن مخاوفه من اعتماد هذا الخيار، مؤكّداً أنه «لا ثقة بجدية العروض المطروحة حتى الآن، ولا بالمدة الزمنية التي يمكن أن يبدأ فيها العمل، فضلاً عن الكلفة المرتفعة للعملية». وعقد سلام وشهيّب اجتماعاً أمس لبحث التطورات الأخيرة، على أن يستكمل في لقاء آخر صباح اليوم. وأشارت مصادر وزارية لـ«الأخبار» الى أن هناك عروضاً جدية عدّة، أحدها من السفارة الألمانية، وآخر من شركة إنكليزية.
شهيّب علّق في اتصال مع «الأخبار» على التطورات الأخيرة، مشيراً إلى أن «هذه الخطة قامت على الشراكة واللامركزية، الشراكة غير موافق عليها، وكل فئة وقرية لا تريد حتى أن تعالج نفاياتها، والجميع راض بالمكبات العشوائية على المطمر الصحي... لن نقول فشلت الخطّة، لكنّ الأمور باتت صعبة للغاية».
وفي ظلّ فشل خطة شهيّب، و«الحل المؤقت» الذي اعتمد لأزمة الرواتب، استبعد أكثر من مصدر وزاري عقد جلسة لمجلس الوزراء قريباً. وأكّدت مصادر وزارية مقرّبة من سلام أن «الرئيس لا يزال عند موقفه بعدم عقد جلسة ما لم يتم التوصل إلى اتفاق نهائي على أزمة النفايات».
الجلسة التشريعية
وفي مقابل الفشل الحكومي، سُجّل أمس اختراق على صعيد العمل التشريعي، بعد التوصل في جلسة هيئة مكتب مجلس النواب إلى إدراج بندَي قانون استعادة الجنسية وقانون تحرير أموال البلديات من عائدات الخلوي على جدول أعمال الجلسة التشريعية المقبلة، مع استمرار التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية في المطالبة بإدراج بند قانون الانتخابات على جدول الأعمال.
وأكّد الوزير نهاد المشنوق لـ«الأخبار» أن «عقد الجلسة التشريعية بات أكثر من ضرورة لإقرار مجموعة من القوانين المالية»، مشيراً إلى أنه «ولأول مرّة منذ 22 عاماً، هناك تهديد جدّي لليرة اللبنانية في حال تأخر لبنان عن إقرار القوانين قبل نهاية العام». والقوانين المالية الثلاثة التي ينتظر البنك الدولي والهيئات الدولية إقرارها من لبنان هي قانون مكافحة تبييض الأموال وقانون تعديل الإجراءات الضريبية وقانون نقل الأموال عبر الحدود. وبدا لافتاً تصريح المنسقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان سيغريد كاغ، بعد زيارتها الرئيس نبيه بري أمس، إذ أكّدت أن «هناك حاجة إلى المساءلة وإلى اتخاذ القرارات في لبنان»، مشيرةً إلى أنها بحثت مع بري «في عدم اجتماع المجلس النيابي، ما يؤثر سلباً على العديد من القرارات التي يجب أن تؤخذ، ليس في مسألة قروض البنك الدولي فحسب، بل في قرارات أخرى أيضاً».
التيار والقوات على موقفهما من الجلسة ومصادر 14 آذار
ترجح حضورهما
وعلمت «الأخبار» أن التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية يتجهان إلى رفض المشاركة في الجلسة ما لم يدرج قانون الانتخاب على جدول الأعمال، وأن القوات تتجه إلى التصعيد في هذا الملف. مصادر وزارية في التيار قالت لـ»الأخبار»: «لسنا واهمين في أن أي قانون للانتخابات سيقرّ في الجلسة، ولكننا مصرّون على وضعه على السكة عبر وضعه على جدول الأعمال»، مشيرة الى أن «الخشية من أن يمرّر تيار المستقبل والحزب الاشتراكي والقوات اللبنانية المشروع الذي اتفقوا عليه غير مبرر، لأن الرئيس بري قادر على إفقاد الجلسة النصاب ساعة يشاء». وقال النائب إبراهيم كنعان لـ«الأخبار»: «حتى الآن نحن والقوات اللبنانية مصران على مطلبنا، ويجب العمل بجهد لإدراج قانون الانتخاب على جدول الاعمال والعمل لإقراره، ونسعى لإيجاد صيغة مع الرئيس بري وهيئة المكتب لإيجاد صيغة مقبولة تحقق هذا الغرض. هذا الموضوع من الضرورات الوطنية، والميثاقية ليست مسألة تصلح في زمن ولا تصح في آخر».
من جهته، قال مصدر في القوات اللبنانية لـ«الأخبار» إن «القوات ترفض الاستنسابية في اختيار المواضيع المدرجة على جدول الأعمال. فكما أن البنود المالية مهمة، كذلك الأمر قانون الانتخاب، لأنه قانون سيادي، وضروري لإعادة تكوين السلطة خارج منظومة وصاية النظام السوري السابقة وإنتاجها لقوانين الانتخاب في تلك المرحلة». وأشار إلى أن «تصحيح التمثيل في قانون الانتخاب واستعادة التمثيل الفعلي للمسيحيين، هو في صلب إعلان النوايا والتضامن بين القوات والتيار الوطني الحر، تماماً كما مشروع استعادة الجنسية. وهو بالنسبة إلى الطرفين قضية وجود».
رغم ذلك، رجّحت مصادر وزارية بارزة في 14 آذار «أن يحضر العونيون والقواتيون الجلسة، على عكس ما يجري الحديث عنه»!
بدوره، علّق بري مساء أمس على نتائج جلسة الحوار الوطني، ملاحظاً أنه «يتقدم ببطء»، وأنه تم الانتهاء من جوجلة مواصفات الرئيس. لكن موضوع الرئاسة «سيبقى في رأس جدول الاعمال. وكاتفاق الدوحة، الموضوع الرئاسي هو البند التنفيذي الأول». وعزا إرجاء الاجتماع المقبل لطاولة الحوار إلى 17 تشرين الثاني، إلى سفر مجموعة من أقطاب الحوار. ولفت بري أمام زواره إلى أن هيئة مكتب مجلس النواب «أنهت وضع جدول أعمال الجلسة العامة نهائياً، ويتضمن 40 بنداً، ولن يطرأ أي تعديل لاحق على جدول الأعمال، ولن تكون جلسة أخرى لهيئة مكتب المجلس. أما موعد جلسة تشريع الضرورة فسيحدد في موعد لاحق». ورأى أن «لا سبب لتغيّب المكونات المسيحية عن الجلسة، لأنني أدرجت البندين اللذين يطالب بهما العماد ميشال عون، وهما استعادة الجنسية اللبنانية وتحويل عائدات الخلوي إلى البلديات. أما مشروع سلسلة الرتب والرواتب، فسيدرج في جدول أعمال الجلسة التي تلي الجلسة المقبلة». وبرّر عدم إدراج قانون الانتخاب في جدول الأعمال بـ«وجود عدد كبير من المشاريع، أضف أن لا صيغة توافقية على أيّ منها».