أصدر البرلمان العراقي أمس قراراً رفض بموجبه منح رئيس الحكومة حيدر العبادي صلاحيات تشريعية تسمح له بالسير في الإصلاحات التي سبق أن أعلن النية في إجرائها من دون العودة إلى المجلس، ما يفتح الطريق أمام مراجعة هذه الإجراءات ويجمدها. لكن البرلمان أكد في الوقت نفسه دعمه الإصلاحات.
وكان البرلمان أقر في آب (أغسطس) الماضي، وسط تصاعد التظاهرات الشعبية، حزمة إصلاحات اقترحها العبادي الذي أصدر سلسلة قرارات بهدف ترشيق حكومته، من خلال إلغاء ودمج عدد من الوزارات، وخفض مرتبات ومخصصات كبار المسؤولين، كما ألغى 6 مناصب لنوابه ونواب رئيس الجمهورية.
ونالت تلك الخطوات تأييداً شعبياً، على رغم اعتراض قوى سياسية على بعضها واعتبارها غير دستورية، لكن القوى المعترضة تزايدت مع محاولة العبادي تعيين أحد المقربين من الإدارة الأميركية (عماد الخرسان) أميناً عاماً لمجلس الوزراء، كما أدى قرار خفض مرتبات الموظفين إلى تنظيم حركة احتجاج توجت بقرار البرلمان أمس.
وعلى رغم أن قرار البرلمان أكد دعمه الإصلاحات، إلا أنه لم يحوّل صلاحياته إلى أي جهة، ودعا العبادي إلى التزام الدستور.
وبهذا، لم يعد بإمكان العبادي تمرير قراراته من دون العودة إلى البرلمان، خصوصاً تلك التي تحتاج إلى تشريع لتمريرها. وعلى رغم عدم وضوح قرار أمس بالنسبة إلى الإصلاحات السابقة التي اتخذها رئيس الوزراء خلال الأسابيع الماضية، مثل إلغاء وزارات ومناصب، إلا أنه رفض منحه صلاحيات تشريعية، ما يجعل كل قراراته السابقة بحكم المجمدة إلى حين إقرارها من البرلمان. لكن مصادر سياسية أكدت لـ «الحياة» أن معظمها سيشرع.
وكان البرلمان صادق، بعد الضغط الشعبي، على حزمة إصلاحات. ويبدو قراره أمس بمثابة عرقلة لوضع هذه المصادقة موضع التطبيق. وقال الناطق باسم الحكومة سعد الحديثي، تعليقاً على القرار إن «كل ما صدر عن مجلس الوزراء كان تنفيذاً لتخويل مجلس النواب». وأوضح أن «الحكومة لم تمارس الدور التشريعي، فهذا ليس في سياستها ولا مواقفها. والدليل أن البرلمان كان يمارس دوره الرقابي خلال الأشهر الثلاثة الماضية، وأصدر الكثير من القوانين واستضاف (استدعى) وزراء ولم يتوقف عن ممارسة هذا الدور».
وعن أسباب صدور القرار قال: «يبدو أن هناك تصريحات لنواب وكتل سياسية أكدت ضرورة العودة إلى البرلمان وإرسال قرارات تتعلق بحزمة الإصلاحات بصيغة مشروع قانون إليه».
من جهة أخرى، قال مصدر في «التحالف الوطني» لـ «الحياة» إن قادة «دولة القانون»، بزعامة رئيس الوزراء السابق نوري المالكي، فشلوا في إقناع الكتل النيابية بسحب الثقة من حكومة العبادي، لكنهم لم يتراجعوا وهم في صدد البدء بجولة ثانية من المحادثات لهذا الغرض. وأضاف: على رغم الوعود الكبيرة التي قدمها أنصار المالكي إلى الكتل السياسية، رُفض هذا التوجه لأن الظروف غير مناسبة لإحداث أي تغيير في السلطة، فالأزمات الأمنية والاقتصادية لا تسمح بذلك». وزاد أن «الأسابيع القليلة المقبلة ستشهد تغيرات كبيرة في كل الإدارة».
وكان أكثر من 60 نائباً من «دولة القانون» هددوا الأسبوع الماضي بسحب دعم البرلمان إصلاحات العبادي التي تهدف إلى القضاء على الفساد وانعدام الكفاءة، إذا لم يستجب مطالبهم في إجراء مشاورات أوسع. ومعظم النواب الذين وقعوا هذا التهديد من الداعمين للمالكي الذي يصفه منتقدوه بأنه شخصية متسلطة تثير الانقسام.