من البديهي القول أن الجيش اللبناني خط أحمر , وهذا الكلام ليس جديدا وليس فيه مبالغة , بل هذا القول واجبا وطنيا بإمتياز , إنما القول الجديد هو أن الوقاحة وصلت عند السلطة السياسية وأحزابها الى مستوى الخيانة والرذيلة , وهل هناك خيانة أخطر من ضرب المؤسسة العسكرية , التي تساوي ضرب الامن القومي للبنان ..
إن الجيش هو مؤسسة سيادية كغيرها من مؤسسات الدولة التي نص عليها الدستور , وهي من أهم المؤسسات في الدولة لأنها تتمتع بالاستقلال والحياد التام تجاه النظام السياسي . ومن أهم سياسيات المؤسسة العسكرية عدم التدخل في الشأن السياسي , فلا تنتصر لفريق ضد فريق آخر , لأن التنافس السياسي في الدولة هو عملية مدنية ومجال مفتوح لجميع مكونات الوطن , وحق من الحقوق التي يضمنها الدستور لجميع المواطنين , ويكفل الدستور تشكيل الكتل السياسية والتحالفات السياسية , والحامي لهذا كله هو المؤسسة العسكرية مع الانفصال السياسي عنها .
الجيش جزءٌ أساسي من القوة السيادية للوطن , وركن من أركان الدولة , ولا يمارس إلا المهام المقررة له دستوريا والمحددة بحفظ كيان الوطن وسيادة الدولة من الاخطار الخارجية , يُشْتم من طريقة التعاطي مع المؤسسة العسكرية إنهيار وتبعثر السيادة , وتشظي الدولة وهذا إنقسام خطير على مستوى الوطن , ويُلقى مسؤولية جديدة على عاتق المؤسسة العسكرية في ظل هذا الانهيار في السيادة أن يحافظ الجيش على وحدته وتماسكه كونه المؤسسة الاخيرة في لبنان التي تمثّل السيادة الوطنية , مع أننا نعرف أن السيادة هي مسؤولية الجميع , ولكن نقول هذا باعتبار أن المؤسسة العسكرية تلعب دورا مهما في إعادة بناء الدولة , وبدون دورها يتعذر حفظ المؤسسات الاخرى التي تشكل العناصر المكملة للدولة فالجيش وإن كان عنصرا من العناصر إلا أنه هو العنصر الاقوى وعليه يدور قطب الرحى .
فالمؤسسة العسكرية هي آخر ما بقي من السيادة اللبنانية , بعد ضرب وتعطيل كافة المؤسسات في الدولة , فماذا تريدون أيها السياسيون من لبنان وما هو مشروعكم السيادي إذا فككتم وضربتم المؤسسة العسكرية