لا تزال السلطة عاجزة عن إقفال ملف النفايات التي تُغرق جزءاً من البلاد، بعدما وضعت أمامها حلاً وحيداً: فتح مطامر. وبعدما جرى التداول بين القوى السياسية خلال الأيام الماضية عن فتح مطمرين اثنين، في عكار (سرار) والشويفات (مصب نهر الغدير)، أعيد طرح اعتماد ثلاثة مطامر: مطمر سرار لنفايات بيروت وجزء من جبل لبنان الشمالي، مطمر الشويفات لنفايات الشويفات والضاحية الجنوبية، ومطمر في عاليه أو الشوف لنفايات عاليه والشوف وبعبدا وجزء من جبل لبنان الشمالي.
فأهالي الشويفات لا يزالون يعترضون على إقامة مطمر على الأرض التابعة لبلدتهم. في اجتماع ضمّ وجهاء البلدة أمس إلى رئيس الحزب الديمقراطي اللبناني النائب طلال ارسلان، بدا رفض المطمر عارماً. ولم يقبل الحاضرون أي نقاش في حوافز يمكن أن تحصل عليها البلدية وجوارها، على غرار مبلغ المئة مليون دولار التي أقرها مجلس الوزراء لعكار لقاء فتح مطمر سرار. كذلك رفض المجتمعون البحث في أي أمر متصل بدراسة الأثر البيئي المباشر عليهم من المطمر المقترح. وقال ارسلان لـ«الأخبار» إن «الرفض عارم من قبل الأهالي، وانا سأنقل وجهة نظرهم إلى الحكومة والمعنيين، كما أنني سأبحث هذا الملف على طاولة الحوار اليوم». ويجري الحديث بين القوى السياسية عن مغريات ستُعرض على أهالي الشويفات ومنطقة الأوزاعي (المطمر أقرب إلى الأوزاعي منه إلى المناطق المأهولة في الشويفات)، وخاصة أن المقترح الذي يجري الحديث عنه يتضمن إقامة معمل لتكرير مياه الصرف الصحي في المنطقة، فضلاً عن ردم مساحة في البحر. لكن لا أحد يبدو واثقاً من تعهّد السلطة بأن هذا المطمر سيكون مؤقتاً وسيُعمل به وفق معايير تحترم سلامة البيئة. وعلمت «الأخبار» أن الحزب الاشتراكي دخل على خط الاتصالات مع وجهاء الشويفات، لمحاولة إقناعهم بقبول المطمر، على قاعدة أنه سيُستخدم لسنة واحدة لا أكثر. وأعلنت «جمعية الشويفات للعيش المشترك» تعليق دعوتها إلى التظاهر اليوم، «بانتظار نتائج الاجتماع الذي سيعقد الساعة الخامسة من عصر اليوم في مقر البلدية، والذي سيضم كافة فعاليات المدينة الرسمية والدينية والحزبية والمخاتير وهيئات المجتمع المدني، بحضور النائب أرسلان، لإعلان القرار النهائي الصادر عن جميع الحاضرين بشأن المطمر».
وفي سرار، يتقدّم بين اتحادات البلديات اقتراح رئيس اتحاد بلديات الشفت أنطون عبود بشأن تحويل مكب سرار إلى مطمر صحي لنفايات عكار وحدها، وإقامة معمل لفرز النفايات ومعالجتها وآخر لتكرير المياه والعصارة في الموقع نفسه. ويتحدّث عبود عن وجود هبة من جهة أجنبية تكفي للبدء بتنفيذ هذا المشروع، مؤكداً رفض استقبال نفايات من خارج عكار ونقلها إلى سرار.
وفي إطار «بازار الزبالة» الذي فتحته القوى السياسية، دخل النائب ميشال المر على خط الاقتراحات أمس، من خلال اجتماع ضمه إلى عدد من رؤساء البلديات في المتن، اقترح فيه استخدام أرض محرقة برج حمود لإقامة معمل لفرز النفايات (راجع صفحة 5).
وقالت مصادر وزارية لـ«الأخبار» إن النقاشات بشان خطة الوزير أكرم شهيب لمعالجة أزمة النفايات تتقدّم. ورأت أن «الحوار مستمر مع أهالي منطقة الشويفات والنائب طلال أرسلان، متحدثة عن «إيجابية كبيرة يبديها أرسلان والأهالي». كذلك أكدت أن «العمل مستمر على تجهيز مطمر سرار، على الرغم من بعض الاعتراضات التي يُعمَل على حلّها».
وأشارت المصادر إلى أنه «في النهاية إذا تم الاتفاق فإن الدولة ستقوم بالتنفيذ، ولا يمكن الدولة أن تسترضي الجميع في المسائل الكبرى».
رفض ممثلو
الشويفات البحث في أي «مغريات» يمكن أن تُقدّم لقاء المطمر
على صعيد آخر، جرت تسوية أزمة رواتب العسكريين وموظفي القطاع العام، من خلال حلٍّ أعلنه وزير المال علي حسن خليل من وزارة الدفاع. وطالبت قيادة الجيش القوى السياسية باتخاذ الإجراءات الآيلة إلى عدم تكرار ما جرى لناحية تأخير دفع رواتب العسكريين. وتبيّن أن الحل بُني على قرار من رئيس الحكومة تمام سلام، يجري اعتماده عادة في حكومات تصريف الأعمال، إذ يلجأ رئيسا الحكومة والجمهورية في الحالات التي تخص المصلحة العليا للدولة، إلى إصدار مرسوم يوقّعان عليه، ثمّ يُعرَض لاحقاً على مجلس الوزراء للحصول على الغطاء السياسي والقانوني والمعنوي. وما جرى أمس هو إيعاز رئيس الحكومة إلى وزارة المالية بدفع المتوجبات المالية في الرواتب عبر رسالة خطيّة إلى وزارة المال، آخذاً الأمر على مسؤوليته كرئيس للحكومة، على أن يُعرض الأمر لاحقاً على مجلس الوزراء.
وبعد أسابيع من التلميح إلى إمكان تقديم استقالته او اعتكافه عن العمل الحكومي، أكّد الرئيس سلام أمس أنه «إذا كانت الدولة مقصرة فهي مقصرة في كثير من المجالات، لكن مع ذلك لن نتوقف وسنبقى في مساعينا». أضاف سلام: «أعترف بأننا مقصرون كثيراً، ونكاد نكون مع الأسف أقرب إلى الجهل والجهلة من العلم والعلماء، لأنه إذا ما استعرضنا معنا ما يجري اليوم في البلاد، نجد أنفسنا أمام وضع يدعو إلى القلق، وأننا نقف عاجزين عن إيجاد الحلول والمخارج لمشاكلنا ونراكم السلبيات والإخفاقات والعقبات».
من جهة أخرى، أعاد حزب الكتائب أمس تأكيد «استمرار تعليق مشاركته في جلسة الحوار (اليوم) ما دامت أمور الناس معلقة والنفايات في الشوارع ومجلس الوزراء معطلاً». وقال المكتب السياسي الكتائبي: «بعدما تحول ملف النفايات إلى خطر صحي وبيئي يهدد لبنان برمته، على ما بقي من سلطة في لبنان متمثلة بمجلس الوزراء، أن تبرهن للبنانيين أنه لا يزال هناك دولة معنية بحمايتهم وأن يباشر بتنفيذ الخطة التي أقرت في مجلس الوزراء والتي تبدأ برفع النفايات من الشوارع لوقف الضرر فوراً مهما كلف الأمر».
(الأخبار)
أنصار: معتقل الشرفاء لا يُستبدل بزبالة الفاسدين
تنادى عدد من أهالي بلدات أنصار وسيناي والدوير (قضاء النبطية) إلى التجمع في باحة معتقل أنصار، احتجاجاً على الشائعات التي تحدثت عن إعادة فتح مكب بصفور الذي كان قائماً في مزرعة بصفور في خراج أنصار، كمطمر لنفايات الضاحية الجنوبية. حمل المعتصمون لافتات كتبوا عليها «أنصار مش مزبلة» و»لا للحرق لا للطمر نعم للفرز من المصدر» و»المطامر من دون فرز موت بطيء» و»معتقل الشرفاء لا يستبدل بزبالة الفاسدين». وتحدث عدد من الناشطين، توافقوا على رفض مجرد التفكير بإنشاء مطمر. وكانت بلدية أنصار قد أصدرت بياناً أعلنت فيه رفضها للمطمر، علماً بأن جزءاً من المزرعة (يملكها مواطن يدعى علي غندور) كانت تستخدم كمكب مستأجر من قبل اتحاد بلديات النبطية في الثمانينيات وحتى التسعينيات عندما أقفل تحت ضغط الأهالي.