لم يكن غريباً أن يثار عشية الجولة التاسعة لهيئة الحوار الوطني حول طاولة مجلس النواب مزيد من الشكوك في جدوى هذا المسار الحواري فيما كل المسارب السياسية الى مزيد من الانسداد والتعطيل الى حدّ ان اجراء بديهياً طبيعياً كرواتب العسكريين لا يحتاج الى كل هذا الضجيج و"التمنين" بأفضال أهل السلطة استلزم اقامة الدنيا ولم يقعدها الا على وقع مصادفة مؤسفة دامية استشهد فيها عسكريان فجر أمس على ايدي مجرمين. وتبعاً لذلك يغدو التساؤل بديهياً أيضاً عن وظيفة هذا الحوار اذا كان سيلتحق بدوره بدورات العقم السياسي و"عد" الجولات و"ترقيمها" على غرار اكثر من جلسة فاشلة لانتخاب رئيس الجمهورية في حين ان كثراً باتوا يعتقدون ان من الضروري حصر الحوار ببند واحد تتحدد على أساسه مواقف القوى السياسية هو انقاذ الدولة ومؤسساتها من "التحلل" قبل فوات الاوان ما دام مصير كل البنود المطروحة من رئاسة الجمهورية الى قانون الانتخاب الى تفعيل مجلسي النواب والوزراء محسوماً سلباً سلفاً.
اذاً، وبعد أيام من الضجيج والضغوط، أمكن امس طي صفحة دفع الرواتب للعسكريين وفق صيغة قانونية استثنائية اخذها رئيس الوزراء تمام سلام على عاتقه. وعلمت "النهار" ان الرواتب دفعت بناء على كتاب وجٰهه الرئيس سلام الى وزير المال علي حسن خليل يطلب فيه منه "دفع هذه الرواتب على مسؤوليته"، وذلك رداً على كتاب جاءه من وزير المال يشرح فيه عدم قدرته على الصرف اذا لم يكن مغطى قانوناً.
وأشارت مصادر وزير المال الى انه أعد مشروع مرسوم وأرسله الى رئيس الوزراء فوقّعه نيابة عن مجلس الوزراء، وهذا التدبير الاستثنائي يستند الى قاعدة قانونية تطبق في حال تصريف الاعمال بحيث يوقٌع رئيس الوزراء مشروع المرسوم ويطلب من وزير المال تنفيذه استثنائياً بتحويل الاعتماد من احتياط الموازنة الى بند الرواتب وصرفها، على ان يعرض المرسوم على مجلس الوزراء في الجلسة الأولى لتوقيعه وإصداره بصيغته النهائية. واعلن الوزير حسن خليل عقب اجتماع ضمه ووزير الدفاع سمير مقبل وقائد الجيش العماد جان قهوجي في اليرزة ان الاجراء الاستثنائي الذي اعتمد "يجب ان يبقى في وضعه الاستثنائي حتى صدور المرسوم عن مجلس الوزراء في اقرب وقت"، مطالباً جميع القوى السياسية بالموافقة في الجلسة الأولى لمجلس الوزراء على نقل الاعتماد "كي نستطيع تغطية الاشهر المقبلة ايضا ". كما بدا لافتا موقف للعماد قهوجي في نشرة توجيهية للجيش أمل فيه "عدم تكرار هذه السابقة من خلال قيام المعنيين باستدراكها قبل حصولها وعدم اقحام الجيش في النزاعات والخلافات السياسية الضيقة".
وبدا ان هذا المخرج نفسه لا يزال عرضة للخلافات اذ ان مصادر "التيار الوطني الحر" استغربت اللجوء الى الوسيلة نفسها التي اعتمدها سابقا الرئيس فؤاد السنيورة واعتبرتها غير قانونية، وهذا ما رأت فيه "مؤشرات لانهيار النظام". وأكدت "ان تحويل الرواتب لا يتم الا بمرسوم يوقٰع خارج مجلس الوزراء، على غرار مرسوم ترقية الضباط"، وقالت ان "التيار الوطني الحر لن يشارك في جلسة لمجلس الوزراء الا للبحث في ملف النفايات، وأي بند آخر لن يكون إلا التعيينات الامنية".
في غضون ذلك، علمت "النهار" أن اجتماعا قياديا لقوى 14 آذار انعقد مساء أمس للبحث في مناقشات الحوار النيابي الذي يعاود اليوم في ساحة النجمة. وقد تقرر أن تكون للرئيس السنيورة مداخلة في الإجتماع يشدد فيها على أن 14 آذار ترفض وضع قيود على الرئيس المقبل للجمهورية خارج الاطار الدستوري كما ظهر أثناء عرض مواصفات هذا الرئيس في الجلسة السابقة كإلزامه خيار المقاومة بعيداً من سياسة النأي بالنفس التي يعتمدها لبنان. ويشار في هذا السياق الى ان حزب الكتائب أعلن أمس استمرار تعليقه المشاركة في جلسات الحوار الى حين حل ازمة النفايات.

مجلس الوزراء
اما في ما يتعلق بأزمة النفايات، فتوقعت أوساط وزارية ان يدعو رئيس الوزراء الى عقد جلسة لمجلس الوزراء اثر إجتماع الحوار النيابي اليوم بعدما أصبح ملف النفايات في مرحلة الحسم. ورجحت ان تنعقد الجلسة غدا الاربعاء للبحث في التوزيع الجديد للمطامر والتنفيذ السلمي لخطة النفايات في حماية أمنية وتكاليفها المالية. كما سيوقع الوزراء مرسوم سلفة الخزينة لدفع رواتب العسكريين والتي دفعت بعدما أخذها الرئيس سلام على عاتقه. لكن تحديد الموعد النهائي للجلسة سينتظر جواب النائب طلال ارسلان اليوم في شأن اعتماد مطمر "الكوستابرافا" بين الشويفات والاوزاعي.
وتساءلت الاوساط في ضوء موضوع رواتب العسكريين ماذا كان سيحصل لو لم تدفع رواتب الاساتذة والاداريين وغيرهم؟ وقالت: لم يكن ليحصل شيء بإعتبار أن القوة تتكلم. لكن ما حصل هو سابقة برسم أي سلك في الدولة يتعرض لمثل هذه التجربة. وخلصت الى القول إن المخرج الذي توافر لدفع رواتب العسكريين يفيد أن الامر لا يحتاج الى جلسة تشريعية كما تردد سابقا.
وفي سياق متصل، علمت "النهار" أن انطلاق العمل الحكومي مجددا سيفسح في المجال لوصول موفدين عرب وأجانب الى لبنان، كما أن المجال سينفتح أمام وصول مساعدات تقررت للبنان في مؤتمر الكويت واللقاء المصغر في نيويورك من أجل دعم لبنان في تحمله أعباء اللاجئين السوريين.

 

شهيدان وقتلى
وسط هذه الاجواء، شهدت المعاملتين حادثا اتسم بالتباس كبير جراء الحصيلة الدامية الكبيرة التي نتجت من مطاردة عصابة من المطلوبين اذ سقط فيه عسكريان شهيدين لمديرية المخابرات في الجيش وستة قتلى مدنيين بينهم اثنان من اصحاب السوابق الاجرامية في قضايا مخدرات ودعارة. وحصل الحادث فجرا في ملهى ليلي دهمته دورية للمخابرات كانت تطارد عصابة للمخدرات والدعارة حيث بادر افرادها المطلوب مهدي حسين زعيتر ومرافقوه الى اطلاق النار مما ادى الى استشهاد الرقيب اول مارون خوري من بقرزلا عكار والجندي ميشال زكي الرحباوي من الشيخ محمد عكار ايضا وردت الدورية بالمثل فقتل ستة اشخاص بينهم زعيتر ومطلوب آخر وأربعة مواطنين كانوا في رفقتهم بينهم فتاتان. وبدأت التحقيقات في الحادث بعد ختم الملهى بالشمع الاحمر.