شاركت يوم أمس زميلتنا في موقع لبنان الجديد نسرين مرعب في "حراك الخير" ليس كصحفية وإنما كمتطوعة في حملة دفى ، نسرين والتي رفضت استثمار هذا الحدث إعلامياً أو أن تغطيه من منطلقها الوظيفي في موقع لبنان الجديد ، معتبرة أن مشاركتها هذه إنسانية بحتة وتعبّر عنها كـ "هي" قبل كل شيء .
يوم أمس لم تراسلنا زميلتنا بمعلومات من واقع الحدث ولم تسجل لنا التقارير أو المقابلات ولم ترسل لنا الصور ، حيث أنّها تجردت في تطوّعها لحراكها هذا من أي أهداف سوى العمل بكل اندفاع ونشاط لأجل الإنسانية .
إلا أنّ ما كتبته نسرين على صفحتها الشخصية فيسبوك بعد عودتها من الحملة تحت عنوان "شكراً حملة دفى على الدفى " والذي تضمنّ :
"شكراً حملة دفى ... على "الدفى" ! ( ما أكتبه في هذه السطور ليس من خلفيتي كصحفية وإنما كمتطوعة بهذه الحملة)
حملة دفى والتي انطلقت اليوم لا يمكن اختصارها بمبدأ "كل شي ما بيلزمك بيلزمنا" ، فهي وإن كانت تنطوي حسب شعارها المعلن على مفاهيم المساعدة المجردة من كل حيثيات الإنتماء ومن كل إختلاف سياسي أو تناقض "حراكي" ، إلا أنّها تتقاطع مع إكتشاف الإنسان الذي أصبح ضئيلاً وخافتاً ومغيباً عن تفاصيلنا الحياتية اليومية التي تقيدت بالعملية المحضة وبالروتينية المهنية الرقمية ...
حيث أنّ حملة دفى ، تجسّمت كحملة لإستعادة إنسانيتنا قبل كل شيء والرجوع لذاتنا الفطرية التي لا تشوبها نرجسية ولا أنانية ولا تمظهر ، فهذا الحراك المسمى (حراك الخير) ليس لبعث الدفء فوق أجساد الفقراء وإنما لنشعر نحن بالدفء الذي افتقدناه كبشر بعدما انجرفنا في عالم المنفعة ولغة "البطاقات المصرفية" حتى تناسينا أن جاراً لنا قد يموت برداً أو أنّ أخّاً لم تلده أماً قد ينام وعائلته وهم فارغي البطون!
لذا ومن هنا ..
شكراً حملة دفى ... على الدفى ، فما كان اليوم أشبه بماراثون محبة وفرح ، أفراده شباب متناقضي الإنتماء والمذاهب والسياسات لا تجمع أغلبهم معرفة سابقة وربما ما يفرقهم أكثر ممّا يجمعهم إلا أنهم تمكنوا بلحظة ولأجل الآخر (الذي لا يعرفونه) من تكوين أسرة إنسانية لا تستهدف أيّ مصلحة ولا بروباغندا إعلامية ولا أن تكوّن "سبق صحفي" تتهافت عليه الجرائد والمجلات ...
فهذه اللحظة التي اختلط بها شباب الحملة بطاقة إيجابية من كل صوب وحدب يعملون بهمة ونشاط غير آبهين لا للكاميرات المحاطة بهم ولا للقنوات الإذاعية التي واكبت العمل ، هي لحظة تستحق منّا ان نصفق لها ، إذ أنّ ما كان يدفعهم للقيام بهذه الأعمال ليس الواجب الأخلاقي فحسب وإنّما الإحساس المطلق بالعبور الإنساني والتماهي مع الهدف ..
نجحت حملة دفى اليوم ، إذ قبل أن تغيّر واقع الفقر غيّرت الإنسان الفقير بنا "نحن" كمتطوعين ومتبرعين ومندفعين تحت عنوان الحملة ، نجحت في أن ترسخ أنّ كل ما في لبنان من فوضى لا يمنع من أن "نركض للخير" في "حراك الخير" !
نجحت في أن تحد من أنانيتنا من أهدافنا الضيقة (المصلحجية) ، لنصبح "بشراً دون قبعات مزركشة" ..
#نسرين مرعب "
يدلّ على الأثر النفسي الكبير الذي رسخته الحملة وحراك الخير في زميلتنا .
ونحن بدورنا نقول شكراً نسرين ، لأنّ ما تطوعك كإنسان أهم من إنشاء تقرير إعلامي سوف ينتهي أرشيف ، وشكراً لحملة دفى على كل ما تقوم به من أجل الإنسانية ومن أجل الفقراء ومن أجل التغيير ...
ومن بعد ما شاهدناه أمس على شاشات التلفزة وعلى مواقع التواصل الإجتماعي ، نتضامن مع زميلتنا في قولها ، أنّ حملة دفى تحيي الإنسان المغيب في كل منّا والذي نكتشفه من خلال تطوعنا بصفوفها .