رسمت الإنتخابات التركية مشهداً سياسياً متقدماً داخل تركيا، وعبّرت تركيا حكومةً وشعباً من خلال هذه الإنتخابات عن نموذج ديمقراطي عالٍ يستحق المدح والتقدير حيث شارك أكثر من 47 مليوناً و400 ألف ناخب تركي في الإنتخابات بنسبة مشاركة بلغت 87% ، دون أحداث كبيرة أو اعتراضات تذكر، وأكدت تصريحات كل الأحزاب السياسية على احترام النتائج ورأي الشعب التركي ، وهو مؤشر صحي يشير إلى تقدم التجربة الديمقراطية التركية بكل الأحوال .
إن هذه التجربة الديمقراطية الراقية تستحق كل الإحترام و التقدير خصوصاً بعد مقارنتها بالواقع الديمقراطي المزري في أوطاننا العربية عموماً وفي وطننا لبنان خصوصاً الذي تقتل فيه الديمقراطية كلما كنّا على موعد معها حيث جرى التمديد للمجلس النيابي مرتين في سابقة مخزية في تاريخ الديمقراطية في لبنان .
لقد أكّد رجب طيب اردوغان بعد حصول خلافات بين الحكومة و البرلمان على أنّه رجل دولة ودعا إلى انتخابات مبكرة في إجراءٍ ديمقراطي تمّ فيه الإحتكام إلى الشعب في تقرير مصير الخلافات التي عصفت بالدولة وهو بذلك خضع لإرادة الديمقراطية والشعب ليثبت من جديد أنّه رجل دولة تحترم شعبها وقوانينها .
أما في لبنان فقد تعطلت كل المؤسسات الدستورية نتيجة الخلافات الحادة التي تعصف بالبلاد ولم يستطع السياسيون التوصل إلى أيّ حل ولم يرضَ أحد منهم بالإحتكام إلى القانون والدستور والشعب ، ما زاد البلاد فراغاً وتعطيلاً وما زاد المؤسسات خروجاً عن دورها الذي حددته لها القوانين المرعية الإجراء .