قبل أن ندخل هذه القضية .. كيف كانت ظروف الشيعة في لبنان قبل مجيء السيد موسى الصدر؟
فحص : أنا في رأيي هو إمتداد للعهد للعهد العثماني الذي كان فيه جور على الجميع وجور أكثر على الشيعة ، فهمشهم. جاء العهد الإنتدابي لم ينقذهم من ذلك وإنما تأسيس الدولة اللبنانية الإنتدابية أفسح مجالاً للشيعة لنمو شيعي عام ، عمرانياً وعلمياً بطيئاً. والشيعة تمردوا على واقعهم ودخلوا مبكراً في مشروع الدولة بصرف النظر عن حصتهم فيها، لأنهم آمنوأ بهذا المشروع ، فدخلوأ في مشروع الدولة بجد وإبتدأوا يخففون من خطابهم الطائفي إلا في لحظات الظلم الشديد والإستثناء ، يعني دخلوا في مشروع وطني من دون أن ينسوا وحدويتهم العربية والإسلامية من دون أن ينسوا تشيعهم ، حصل نوع من التوليف في سلوك الشيعه ، لكن حصتهم كانت أقل من وجودهم . هذه الحصة كانت تنمو ببطئ شديد . إلى أن جاء العهد الإستقلالي وشاركوا. إبتدأت هذه الحصة أو الحضور ينمو بسرعة أكثر ولكنه بقي بطيئاً جداً ، الذي حصل أنه عام 1958 حصلت إضرابات وحرب في لبنان ، في تقديري وقتها حسّن السّنة وضعهم في الدولة لأن الدولة في لبنان بُنيت للموارنة أولاً للسنة ثانياً وللأخرين ثالثاًز
وكانت الظروف تساعدهم ، كانت ثورة مصر ، وثورة العراق والعدوان الثلاثي والنفط العربي . فتمردوا على النزعه التي حاولت أن تجعل لبنان في حلف السنتو-كميل شمعون-وحسنوا أوضاعهم أيضاً . فكيف إبتدأوا بتحسين أوضاعهم ؟ أولا شاركوا السنة في تلك الفترة 1958 من دون أن يقطعو علاقتهم مع الموارنة.إضافةً إلى ذلك أنهم إبتدأوا يفكرون بشيء أخر ، ابتدأوا يفكرون بالعلم ،كانوا أقرب إلى أن يكونوا بروليتاريا رثة الّا من بعض المغتربين الذين هاجروا لأفريقيا ، فابتدأوا يركزون على تلقي العلم وتنمية الكفاءات والعمران وابتدأوا يسمون في عمران لبنان ، بالإضافة إلى كونهم تاريخياً محرومين جعلهم أصحاب مواهب وأصحاب خطاب فكري وفني مختلف إذن بعد العام 1958 صحيح أن السنة عززوا موقعهم في الدولة ولكنهم عززوا موقع الشيعة في الحركة. في هذه الفترة جاء السيد موسى الصدر وابتدأ يحول هذه المسألة إلى وعي عام ، لم يتبلور تماماً الا بعد النكسة 1967 عندما انكسرت حركة التحرر العربي وبرزت المقاومة الفلسطينية ، سيد موسى التقط المسألة ، وبدأ يفكر في تقديم بديل شيعي لحركة التحرر العربي من دون أن يتصادم معها والتقط مسألة فلسطين التي تجعل الشيعة داخل السياق العربي الإسلامي ولا تخرجهم عن هذا السياق، وفي نفس الوقت تربطهم بأهم قضية ، وهذه القضية التي ربطتهم بها أيضاً هم معنيون لأن الجنوب على كتف الجليل، معنى بفلسطين ، وفلسطين معنية به ، هذا بلور الحيوية الشيعية أكثر فاغتنمها الإمام الصدر فرحة مع هذه البلورة وطرح المجلس الشيعي الأعلى الذي كان مشروعاً سلمياً لرفع مستوى الشيعة داخل الدولة .
لماذا لم يفكر بتأسيس مجلس الأعلى الإسلامي وليس فقط شيعياً ؟ طائفياً؟
فحص : حصل ذلك ، وكان هناك مشروع لمجلس مشترك ورئاسته دورية وتم التكلم مع عبد الناصر في الموضوع. حصل نوع من المعارضة للموضوع في الوسط السني وفي الوسط الشيعي جزئيا...وانا كنت متعصبا للمجلس الواحد. فكرت لاحقا وقلت ان الذي حصل كان فيه الخير. يتبلور الشيعة كشيعة والا هذا الجمع المفتعل مع التمايز يؤدي الى صراع. الآن مجلس شيعي ومجلس سني نستطيع ان نضبط الصراع لأن المتعدد يحاول ان يتوحد بينما الموحد قصرا ينقسم والتوازن ايضا يخلق حركة.انا لست مع الغاء الطوائف والمذاهب انا مع الغاء الطائفية ولست مع الغاء الطوائف.
لكن الطوائف المتعددة تخلق الطائفية؟!
فحص: لا. الطوائف مثل الأحزاب، الأحزاب العلمانية يمكن ان يخرج منهما قيادة طائفية والطوائف يمكن ان يخرج منها قيادة وطنية او طائفية...ومع ذلك ماذا تفعل بالطوائف اذن؟! هذه متحدات اجتماعية كيف تكسرها؟ اين حقوق الانسان اذن؟ انا اريد ان اعبر عن نفسي بهذه الطريقة، فقط ان لا يكون هذا التعبير ضد الوطن. اذن الضوابط مسألة أخرى إلى أن جاءت الحرب ابتدأت سنة 1975 ففوجئ السيد موسى وفوجئنا. تعطلت المسيرة السلمية. الحرب ابتدأت سنة 1975.
وانت هل كنت من اعضاء المجلس الشيعي الأعلى؟
فحص:لا.انا كنت معارضا للامام الصدر. معارض ومحاور ثم اندمجت شيئا ما في عمل السيد موسى من دون ان اصبح عضوا في المجلس.
الشيخ شمس الدين كيف؟
فحص: الشيخ شمس الدين كان دخوله في المجلس استجابة لارادة عدد من العلماء طلبوا منه ان يكون في المجلس..هو من ناحية مبدأية ليس ضد المجلس ربما يكون ضد السيد موسى بالتفاصيل وانا بالمبدأ فلا. شيخ مهدي استمرار لنهج السيد موسى واكثر من ذلك رفع نهج السيد موسى الى مستوى اطروحة فكرية فقهية.
السيد موسى كان يتوقع الحرب، لذلك عجل بتشكيل حركة امل قبل الحرب بسنتين لأن بدايات الحرب كان يلتقطها. كانت له طريقة للتعاطي مع المستقبل فشكل حركة أمل لتكون مكانا للحيويات الشيعية وللشباب الشيعي الذي يريد التغيير ويذهب الى اليسار فينقطع عن تشيعه ويحبط ايضا.الى ان بدأت الحرب وانتهى المشروع السلمي واستمرت الأمور وجاءت الثورة الايرانية وخروج منظمة التحرير..
وتبدلت الظروف في لبنان وعلى اساس المقاومة والنشاط الوطني من حركة أمل ثم من حركة امل وحزب الله فيما بعد دخل الشيعة وحققوا وجودهم في الدولة اللبنانية بقوة وبسعة.
ويجب التدقيق هنا لأنه يجب ان نقدم النوعية على الكم ولكنهم وصلوا ولكن من خلال الحرب لا من خلال قناة السلم الذي كان السيد موسى حريصا على تحقيقه حتى لو اقتضى ذلك تنازلات. كان يريد موقفا للجميع من دون حرب. اذن وصلنا؛ فيجب ان ننتبه؛ يعني يجب ان يكون مشروع الدولة اللبنانية مشروعا حقيقيا.
هذا يعني ان نندمج واذا اردنا ان نندمج يجب ان نكون دقيقين في حساب حصتنا لانه قد يكون لك حق ان تأخذ عشرة لكن مصلحة الوطن ومصلحة الشيعة تقتضي ان تكتفي بخمسة لانه لا يجوز ان نخيف الآخرين.
الشيعي كما قاوم بجدارة عالية يجب ان يسالم داخليا بجدارة عالية. يعني المقاومة قامت من أجل توحيد لبنان، لان اسرائيل هي سبب التفرقة في لبنان ومن وحّد بالمقاومة يجب ان نوحّده بالسياسة ايضا وبالفكر و بالاجتماع وهذا يعني ان يندمجوا بالمجتمع اللبناني بأفكارهم وبهمومهم. هذا كلامي.
ما قلته في الكتاب ان الفكرة المأخوذة عن الشيعة انهم الدولة ليس صحيحا لأنهم دخلوا في الدولة في كل مؤسساتها وكانوا حريصين عليها سواء في المجلس النيابي او في الوزارة او في الإدارة حتى القضاء الشرعي والقضاء المدني ودخل العلماء واولادهم واصدقاؤهم وكبار الزعماء، دخلوا في مشروع الدولة من البداية وهذا الدخول ليس بدعا شيعيا.هذه رؤية معاصرة للتشيع ولولا دخولهم في الدولة لبقي الشيعة هامشيين في لبنان وفي الوطن العربي هذا ما اردت قوله من خلال هذا الكتاب