أتاح لقاء فينا حضور ايران كطرف فاعل ومؤثر في الحرب السورية الى جانب خصوم رفضوا دورها في أيّ حوار جدي أو هش باعتبارها دولة محتلة لقسم من سوريا وكونها الأداة التي حمت الأسد ومنعت النظام من السقوط اسوة بالأنظمة التي اتاحت بهم ثورات الربيع العربي.
في فينا أخفق المجتمعون في ايجاد حلّ للسوريين ورموا بثقال اختلافاتهم على الأمم المتحدة لايجاد تسوية مستحيلة بين النظام والمعارضة وكانت عقدة الحل تمسك ايران وروسيا بالأسد في حين رفض الآخرون أيّ دور للأسد في مستقبل سورية .
هذا التباين بين المتقاتلين في سوريا دفع الى المزيد من الحرب والعنف وألغى من حسابات التسويات التي ظنها البعض قد توفرت على يد الروسي الذي أعاد للبلاد توازنات كانت مفقودة بعد سيطرت المعارضة على المساحة الديمغرافية والجغرافية الوازنة والحسّاسة من خلال دعاية لم تفلح حتى الآن في اعطاء نتائج جيدة بالقدر الذي هدمت فيه ما تبقى في سوريا من أبنية واقفة .
أهمية مؤتمر فينا أنه أدخل ايران الى لعبة الحوار المصطنع بعد أن كان محرم عليها ذلك كما أن ايران المستفيدة من اعتراف دول عدوة بدورها الأساسي في سورية قد خسرت نقطة سياسية من خلال اعترافها بوجود معارضة ودعوتها والمجتمعون الأمم المتحدة الى بذل جهود لجمع النظام والمعارضة على طاولة واحدة .
يبدو أن الولايات المتحدة مصرة على جمع الجميع في سورية لاستنزاف قدراتهم في حرب شرسة لم يتعلم منها أحد بعد دروس الخروج من نفق مظلم لا رابح فيه الاّ من لم يشارك في الحرب وعصم نفسه من خطأ تاريخي سيبقى يلاحقه باستمرار .
كل الأعين مشدودة الآن تجاه الدور الروسي الذي سيتحمل وزر الحرب وحده وتبدو ردة الفعل ضده قد اقتربت وستوظف الطائرة الروسية التي سقطت في مصر في اطار الردّ الطبيعي وبكل الوسائل على عدو كافر يدمر بلاد الشام ويقتل أطفال ونساء وشيوخ المسلمين بأبشع آلات القتل.
لو اغتنمت ايران فرصة حضورها القسري الى الحوار من أجل سوية وأسهمت في ازالة العقبات لأتاحت لنفسها دوراً أكبر في منطقة باتت ترفض وجودها السياسي والاستراتيجي بكل ما أوتيت من قوّة .