لم يقل الامين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله في الليلة العاشرة من محرّم كلاماً عابراً عندما أعلن أن "من يترك القتال منا في سوريا كمن يترك الامام الحسين ليلة عاشوراء". فهو في أدبيات نصرالله يرتقي الى مرتبة التكليف الشرعي من المرشد الايراني الذي يجب أن يطاع بلا أدنى تردد. فكان لا بد لنصرالله الذي فاخر في آخر إطلالته في انتسابه الى "حزب ولاية الفقيه" أن "يخاطر" مرتين في الظهور العلني امام أنصاره في الضاحية الجنوبية لبيروت لكيّ يبلّغ جمهوره القلق من استمرار سقوط الضحايا في الحرب السورية أن ما يهم هو تلبية نداء خامنئي.
في فيينا، التي شهدت حدث مشاركة إيران للمرة الأولى في المؤتمر الدولي حول سوريا كان صوت المرشد واضحاً عبر مساعد وزير الخارجية للشؤون العربية والافريقية حسين أمير عبد اللهيان الذي شدد على أن "تجاوز الاسد ممنوع وخط أحمر". وقد أبرزت وسائل إعلام المرشد كلام اللهيان على رغم أن وزير الخارجية محمد جواد ظريف هو الذي يترأس وفد بلاده الى المؤتمر. وفي هذا السياق كشفت صحيفة "نيويورك تايمز" أن ظريف أبلغ مراراً محاوريه الاميركيين أن الشأن السوري يتعلق بـ"القيادة العسكرية الايرانية وليس بوزارة الخارجية"، أي أن فيينا النووية التي كانت بعهدة الرئيس روحاني غير فيينا السورية التي تعود الى خامنئي.
المعلومات التي يمتلكها المتابعون للزيارة الأخيرة التي قام بها رئيس النظام السوري بشار الاسد لموسكو والتي كانت بداية للتطورات الديبلوماسية الدولية حاليا تفيد أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أخذ تعهداً من الاسد بتسهيل الحركة السياسية لإيجاد حل للحرب السورية لكنه فشل في الحصول على تنازل من الاسد يتضمن التنحي عن منصبه في أية مرحلة مقبلة. ويقول أصحاب هذه المعلومات: "لقد بدا بوتين مستسلماً أمام عناد الاسد في البقاء في منصبه تاركاً للظروف أن تقرر مصيره لاحقا".
في ميدان الحرب، يقول الخبراء في الشأن الروسي أن جيش نظام الاسد قد انتهى. وهذا الأمر دفع المرشد الايراني الى إعلان التعبئة للحفاظ على ما تبقى من سيطرة للاسد على سوريا. ويعترف الخبراء بأن تدخل موسكو العسكري في سوريا كان اضطراراً وليس خياراً بعدما لاحت علامات انهيار الاسد. فكان قرار الكرملين نجدة الاسد بسلاح الجو الذي هو بديل عن تكرار التجربة الفاشلة في أفغانستان. لكن أمر الارض متروك بعهدة الامام خامنئي على رغم تقدير الخبراء بأن إيران ستدفع أثماناً باهظة على غرار الاثمان الروسية في أفغانستان والاثمان الاميركية في فيتنام. وهذا ما لم يعد خافياً من خلال تساقط جنرالات الحرس الثوري في صورة لم يسبق لها مثيل منذ زمن بعيد في تاريخ الجمهورية الاسلامية وآخرهم الجنرالان كميل قريباني وحسن احمدي. لكن خامنئي يعتبر سقوط الاسد نهاية لمشروعه ولهذا يواصل تخصيب الاسد.