أكد وزير الخارجية السعودي عادل الجبير أن الخلاف في اجتماع فيينا أمس تمحور حول نقطتين: موعد ووسيلة رحيل بشار الأسد وموعد ووسيلة رحيل القوات الأجنبية وبالذات الإيرانية. وبعد الاجتماع الذي استمر لثماني ساعات قال وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس إن اجتماعاً جديداً للأطراف المعنية بالأزمة السورية سيُعقد خلال أسبوعين.

فقد أكد وزير الخارجية السعودي عقب انتهاء مباحثات فيينا لبحث التسوية السياسية للأزمة السورية، أن الحل السياسي لأزمة سوريا لا بد من أن ينطلق من مقررات جنيف1، وأن لا دور لبشار الأسد في هذه المرحلة.

وقال الجبير في تصريح لقناة الإخبارية مساء، إن «الخيار أمام بشار الأسد هو التنحي عن طريق عملية سياسية أو الهزيمة في ميدان القتال، وهذا ما طرحناه للمجتمعين اليوم (أمس)، وخلال الأيام القادمة سنعلم مدى جدية أو رغبة الجانب الإيراني والجانب الروسي في الوصول إلى حل سلمي للأزمة في سوريا. فالنقطتان اللتان كان عليهما خلاف هما: الأولى موعد ووسيلة رحيل بشار الأسد، والثانية موعد ووسيلة انسحاب القوات الأجنبية من سوريا وبالذات القوات الإيرانية، وهاتان النقطتان أساسيتان. لن يكون هناك حل دون حسمهما. فإذا لم يتم الاتفاق على موعد ووسيلة رحيل بشار الأسد وموعد ووسيلة رحيل القوات الأجنبية الموجودة في سوريا، فلن يكون هناك أي اتفاق في ما يتعلق بالشأن السوري وفي ما يتعلق بالعملية السياسية، وكنا واضحين كل الوضوح في حديثنا خلال الاجتماع».

وصدر بيان مشترك عقب المحادثات الوزارية بشأن حل سياسي لإنهاء الأزمة السورية واتفقت عليه 17 دولة من بينها المملكة العربية السعودية والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة فيما يلي نصه: المجتمعون في فيينا في الثلاثين من تشرين الأول وهم الصين ومصر والاتحاد الأوروبي وفرنسا وألمانيا وإيران والعراق وإيطاليا والأردن ولبنان وعمان وقطر وروسيا والمملكة العربية السعودية وتركيا والإمارات والمملكة المتحدة والأمم المتحدة والولايات المتحدة (المشاركون)- التقوا لبحث الوضع الخطير في سوريا وسبل إنهاء العنف في أقرب وقت ممكن.

وأجرى المشاركون مناقشات صريحة وبناءة شملت القضايا الرئيسية، ولا تزال هناك خلافات جوهرية بين المشاركين إلا أنهم توصلوا لتفاهم مشترك على النقاط التالية:1- وحدة سوريا واستقلالها وسلامة أراضيها وهويتها العلمانية أمور أساسية. 2- مؤسسات الدولة ستظل قائمة. 3- حقوق كل السوريين يجب حمايتها بصرف النظر عن العرق أو الانتماء الديني. 4- ضرورة تسريع كل الجهود الديبلوماسية لإنهاء الحرب. 5- ضمان وصول المنظمات الإنسانية لكل مناطق سوريا وسيعزز المشاركون الدعم للنازحين داخلياً وللاجئين وللبلدان المستضيفة. 6- الاتفاق على ضرورة هزيمة داعش وغيرها من الجماعات الإرهابية كما صنفها مجلس الأمن الدولي واتفق عليه المشاركون. 7- في إطار العمل ببيان جنيف 2012 وقرار مجلس الأمن الدولي 2118، فإن المشاركين وجهوا الدعوة للأمم المتحدة لجمع ممثلي الحكومة والمعارضة في سوريا في عملية سياسية تفضي إلى تشكيل حكومة ذات مصداقية وشاملة وغير طائفية على أن يعقب تشكيلها وضع دستور جديد وإجراء انتخابات. وينبغي إجراء هذه الانتخابات تحت إشراف الأمم المتحدة بموافقة الحكومة وبالتزام أعلى المعايير الدولية للشفافية والمحاسبة وأن تكون حرة نزيهة يحق لكل السوريين ومنهم المغتربون المشاركة فيها. 8- سوريا هي التي تملك وتقود هذه العملية السياسية والشعب السوري هو من يحدد مستقبل سوريا. 9- المشاركون ومعهم الأمم المتحدة سيدرسون ترتيبات وتنفيذ وقف لإطلاق النار في كل أنحاء البلاد يبدأ في تاريخ محدد وبالتوازي مع هذه العملية السياسية الجديدة.

ويعكف المشاركون في الأيام المقبلة على تضييق هوة الخلافات المتبقية والبناء على نقاط الاتفاق. ويجتمع الوزراء خلال أسبوعين لمواصلة هذه المحادثات.

وفيما تصر موسكو وطهران على عدم مناقشة مصير الأسد، وتقترب واشنطن من طرحهما أقله بشأن بقائه حتى نهاية مدة حكمه القانونية المفترضة أي سنة 2021، فإن تركيا ترفض أن يبقى أكثر من ستة أشهر، وتصر السعودية على أن لا دور له خلال المرحلة الانتقالية بالمطلق.

وقال وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس «لقد تطرقنا الى كل المواضيع حتى الأكثر صعوبة منها. هناك نقاط خلاف لكننا تقدمنا بشكل كافٍ يتيح لنا الاجتماع مجدداً بالصيغة نفسها خلال أسبوعين». وأضاف: «هناك نقاط لا نزال مختلفين حيالها، وأبرز نقطة خلاف هي الدور المستقبلي لبشار الأسد». وقال أيضاً «إلا أننا اتفقنا على عدد معين من النقاط، خصوصاً حول الآلية الانتقالية وإجراء انتخابات وطريقة تنظيم كل ذلك ودور الأمم المتحدة».

وأعلن وزيرا الخارجية الأميركي جون كيري والروسي سيرغي لافروف في مؤتمر صحافي أنهما اتفقا على «ضرورة أن تخرج سوريا من الحرب كدولة علمانية موحدة«. وقال كيري خلال المؤتمر الصحافي إن «مؤسسات الدولة السورية يجب أن تبقى قائمة رغم أنه اختلف مع نظيره الروسي حول ما إذا كان الأسد يجب أن يتنحى على الفور أم لا«.

وقال كيري لدى قراءته بيان فيينا، إن المشاركين في الاجتماع اتفقوا على الإبقاء على سوريا موحدة، وأن المحادثات بين المعارضة ونظام الأسد يجب أن تقود لدستور وانتخابات. وأضاف: «اتفقنا على أن وحدة سوريا عنصر جوهري وبقاء مؤسسات سوريا«.

وقال كيري إنه اتفق مع كل من لافروف ونظيرهما الإيراني محمد جواد ظريف «على أن سوريا تحتاج إلى خيار آخر، وهذا يتطلب العمل مع كل الفصائل، ويجب إنهاء الاقتتال، وهذا هو مغزى الاجتماع رغم خلافاتنا«.

وأضاف كيري «لهذا الرئيس أوباما أعلن تصعيد الحرب ضد داعش في شمال سوريا، حيث ستنسق مجموعة قوات خاصة محدودة العدد بين المعارضة السورية وقوات التحالف ضد داعش»، كما أنه «لا سبيل لمحاربة داعش خارج المرحلة الانتقالية السياسية»، حسب كيري.

وأوضح لافروف أن المجتمعين اتفقوا «على محاربة داعش والجماعات الواردة في قائمة الأمم المتحدة»، مؤكداً بقوله «لم نتفق على مصير الأسد فهذا شأن الشعب السوري»، حسب تعبيره.

واعتبر لافروف أن قرار أميركا إرسال قوات برية الى سوريا يزيد من أهمية التعاون العسكري بين الجيشين، وقال إنه يأمل أن تكون لدى دول الشرق الأوسط ثقة أكبر بعضها في بعض بعد محادثات اليوم.

وفي واشنطن قال مسؤول كبير في الإدارة الأميركية أمس إن الرئيس باراك أوباما وافق على نشر قوة من العمليات الخاصة الأميركية قوامها أقل من 50 فرداً في شمال سوريا للعمل مع القوات المحلية في قتالها ضد تنظيم «داعش». وأضاف المسؤول أن الرئيس وافق أيضاً على نشر مقاتلات «إيه 10« و«إف 15« في قاعدة أنجرليك في تركيا وزيادة المساعدات العسكرية للأردن ولبنان وإجراء محادثات مع رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي لاستهداف «داعش» وشبكاته.

وقال مصدر مطلع بمجلس الشيوخ الأميركي إن المساعدات الموسعة إلى الأردن ولبنان ستشمل مساعدة مخابراتية وتوسيع نطاق الضربات الجوية الأردنية ضد التنظيم المتشدد.

لكن الناطق باسم البيت الابيض جوش أرنست أكد أن «استراتيجيتنا في سوريا لم تتغير» مشيراً الى أن العسكريين الذين سيُرسلون الى هذا البلد «أقل من خمسين عنصراً« لن يقوموا «بمهمة قتالية». وأضاف أن «صلب استراتيجيتنا العسكرية في سوريا هو تعزيز قدرات القوات المحلية لمواجهة تنظيم داعش على الأرض، في بلدهم». ورداً على سؤال حول احتمال زيادة هذا العدد في المستقبل لم يستبعد أرنست مثل هذا الاحتمال. وأضاف «من الواضح أن هؤلاء العسكريين سيواجهون مجازفات فعلية» مؤكداً أنهم «سيُجهزون من أجل الدفاع عن أنفسهم». وقال «لا اعتبر هذه المهمة دائمة».

قال وزير الدفاع الأميركي آشتون كارتر إن قرار إرسال قوات خاصة أميركية إلى سوريا جزء من استراتيجية لتمكين القوات المحلية من هزيمة تنظيم الدولة لكنه سيعرّض القوات الأميركية للخطر.