وسط تكتّم حرص على التزامه المعنيون المباشرون بالفصول الختامية التي يجري استكمال تفاصيلها التقنية والمالية لانجاز الخطة الحكومية المعدلة للنفايات بعد تجاوز العقدة الاساسية المتصلة بخريطة توزيع المطامر على قاعدة "اللامركزية الطائفية"، بات من المتوقّع أن يدعو رئيس الوزراء تمام سلام اليوم على الأرجح مجلس الوزراء الى جلسة الاثنين المقبل لمناقشة نهائية لهذه الخطة واقرارها ما لم يطرأ كالعادة ما ينسف المسار النهائي من أصله.
واذا كان هذا الاتجاه الحكومي شق معظم طريقه نحو استجماع الموافقات المبدئية والعملية من غالبية الأفرقاء السياسيين فيما بقيت مسألة استثناء مناطق كسروان والمتن من اقامة مطامر قيد الاتصالات والمعالجات الجارية، فإن الخطة استفزت في المقابل مجموعات الحراك الشعبي التي تداعى عدد كبير منها الى تحرك احتجاجي واسع جديد الأحد في منطقة ساحل المتن.
وأضاء الاجتماع الذي انعقد بعد ظهر أمس في السرايا وضم الرئيس سلام ووزيري المال علي حسن خليل والصناعة حسين الحاج حسن الاشارة الخضراء للمضي في الترتيبات الجارية لعقد جلسة مجلس الوزراء اذ تبلغ سلام "رسمياً" من ممثلي الثنائي الشيعي "أمل" و"حزب الله" اختيارهما المطمر الثالث في منطقة الجنوب ضمن "منظومة" المطامر التي جرى التوافق السياسي عليها، الأمر الذي فتح الباب أمام إمكان دعوة مجلس الوزراء الى جلسة وشيكة كان الرئيس سلام يشترط للدعوة اليها التوافق السياسي الكامل بين مكونات الحكومة على الخطة والحضور الشامل أيضاً للجلسة. وأوضح الوزير حسن خليل بعد الاجتماع ان "الأجواء ايجابية في شأن ازمة النفايات ووضعنا معطياتنا بين يدي الرئيس سلام الذي سيستكمل البحث والاجراءات"، لافتاً الى ان دعوة مجلس الوزراء الى الانعقاد "تعود الى الرئيس سلام ونحن مستعدون في أي وقت لحضور الجلسة". لكن وزير المال توقع لاحقاً اجتماع مجلس الوزراء مطلع الاسبوع المقبل "لنطوي الازمة البشعة التي نعيشها"، كما نفى "كل المعلومات المغلوطة عن مواقع المطامر".
وأبلغ زوار رئيس الوزراء "النهار" أنه بعد الاتصالات واللقاءات التي عقدت امس لمعالجة ملف النفايات أحرز تقدم جيد وعملاني يسمح بالقول إن اختيار المطامر بات نهائياً ولكن تبقى هناك التفاصيل المالية التي ستواكب عملية الاختيار. وتقرّر لهذه الغاية عقد اجتماع اليوم في السرايا برئاسة الرئيس سلام يشارك فيه وزير الزراعة أكرم شهيّب ووزير المال للبحث في الأمور الاجرائية والمالية والتشجيعية وفي ضوء النتائج ستوجه الدعوة الى عقد جلسة لمجلس الوزراء الاثنين. وعلم ان الاجتماع سيتناول تفصيلاً الجانب المالي من الخطة من أجل تحديد الكلفة اذ ان هناك تقديرات أولية للكلفة بعد التعديلات التي ادخلت عليها ولا بد من اعادة تحديدها لوضعها في تصرف الوزراء قبيل انعقاد جلسة مجلسهم قبل ظهر الاثنين.
وفي سياق متصل تساءلت مصادر وزارية عبر "النهار" عما قيل عن شؤون مالية في خطة النفايات وهل يعني ذلك أن أموالاً سترصد من جديد على غرار الـ 200 مليون دولار لعكار والبقاع؟
وفي المقابل، أصدرت 16 جمعية ومجموعة ضمن التحرك الشعبي بياناً حملت فيه بشدة على الخطة الحكومية واعتبرت أنه "أصبح واضحاً أن طرح الخطط المشوّهة التي ترمى في وجه الشعب اللبناني سوف تؤدي الى انتشار آفة المطامر العشوائية في كل المناطق اللبنانية وستدمر صحة المواطنين المقيمين قرب المطامر، وتسمح باستمرار سرقة أموال البلديات. وثمة مسعى لتفعيل خطة شهيب معدلة: وأبرز التعديلات فيها هو ارتماء الدولة مجدداً في سياسة المطامر ومعها في أحضان زعماء الطوائف، بمنأى عن أي حلول بيئية. بات واضحاً اصرار الزعماء على الاستمرار في التعامل مع هذا الملف الحساس بالأساليب الملتوية ذاتها، الطائفية والمحسوبية والسرقة والهدر". ودعت الى مسيرة ضد هذه الخطة تبدأ في الثالثة بعد ظهر غد الأحد انطلاقاً من سدّ البوشرية شارع الكهرباء في إتجاه شارع مار يوسف – الدورة بعدها الى الشارع الرئيسي في برج حمود لتنتهي عند موقع تجميع النفايات على نهر بيروت.
عون والمجلس
في غضون ذلك، رأى رئيس "تكتل التغيير والاصلاح" النائب العماد ميشال عون أن مطالب الحراك الشعبي "محقة لكنها لم ترتكز على شيء ولا يجوز التعميم بالفساد مع حملات اعلامية على الأشخاص غير الفاسدين". وقال في كلمة ألقاها مساء أمس في عشاء لهيئة النقابات والمهن الحرة في "التيار الوطني الحر" ان السبب الوحيد "للكذب والفساد هو عدم تطبيق القوانين والدستور وعدم احترام الميثاق"، مشدداً على ان "التنظيف يبدأ من أعلى الدرج نزولاً أي من رئاسة الجمهورية". واستعاد عون موقفه من مجلس النواب قائلاً: "كيف يمكن مجلس نواب غير شرعي ان ينتخب رئيس جمهورية شرعياً فهم يعطلون ونحن لا نعطّل ونريد رئيساً يمثّل المسيحيّين في السلطة".