(مكره أخاك لا بطر ) ، فبعد عجزها الواضح عن حماية حليفها الرئيس السوري بشار الأسد ونظامه رغم الدعم العسكري الهائل وامداده بآلاف العناصر من ميليشيا حزب الله اللبناني وأمثالهم من المقاتلين من العراق وأفغانستان وغيرهما إضافة إلى مشاركة أفضل الخبراء العسكريين من الحرس الثوري الإيراني ، فإنّ إيران اضطرت لأن تغض النظر عن مسارعة الرئيس الأسد لطلب النجدة من القيصر الروسي فلاديمير بوتين لحمايته وحماية نظامه الذي شارف على الانهيار ، وحفظ ما تبقى تحت سيطرته من الأراضي السورية والتي لم تتجاوز العشرين بالمائة وضمان نهاية سعيدة لحياته الشخصية وعدم تعرضه لملاحقات قضائية دولية عن الجرائم التي ارتكبها بحق شعبه وبلده .
فمنذ انطلاق الشرارة الأولى للثورة السورية والتي مضى عليها أكثر من أربع سنوات من الحروب الطاحنة التي امتدت لتشمل كافة الأرجاء كانت إيران هي صاحبة القرار السياسي وهي التي تقود العمليات العسكرية على امتداد الأراضي السورية. لكنها اليوم وبعد التدخل العسكري الروسي فإن دورها تراجع إلى الصف الثاني على المستويين السياسي والعسكري سيما وأن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مقتنع بأهمية إشراك الدول العربية والإقليمية المعنية بالصراع السوري ومنها المملكة العربية السعودية وتركيا في صنع الحل السياسي للكارثة السورية .
وهذا يعني عملياً على الأرض أنّ على إيران ان تتحضر نفسياً وعملياً وسياسياً لإعادة النظر في خريطة طموحاتها وإلى التراجع القسري عن سعيها إلى فرض نفوذها على المنطقة كزعيمة إقليمية وحيدة مطلقة اليدين ومطلقة الصلاحيات .
فإيران لم تتمكن عسكرياً رغم كل ما بذلته من إنقاذ الحليف السوري القديم هو ونظامه والخيار الوحيد سيكون باتجاه الحلول السياسية التي يحرص بوتين على إشراك مصر والسعودية وتركيا والأردن ودول أخرى في البحث عنها وعن الطرق والوسائل المؤدية إليها .
وأي حل سياسي يمكن التوصل إليه لحل الأزمة السورية لن يكون لمصلحة المخططات الإيرانية ولن يرقى إلى مستوى طموحات الإمبراطورية الفارسية في منطقة الشرق الأوسط .
وبالتالي يمكن القول أنّ إيران افلست نسبيا لأنه أصبح لها شريك روسي منافس لمصالحها في سوريا يشاركها على كيفية اقتسام ثروات البلد مستقبلاً ، وفي العراق باتت عاجزة عن نهب ثرواته لأنه لم يعد لديه احتياطات مالية وفوق ذلك فإنها تلقت صدمة عاصفة الحزم في اليمن .
هذه التطورات الدراماتيكية في المنطقة يعني أنّه لم يعد لإيران سوى لبنان وهذا يفسر التصعيد الكلامي الذي جاء في خطاب الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله في العاشر من المحرم حيث صوب في كل الاتجاهات ، فقد هاجم السياسة الأميركية في المنطقة وانتقد بشكل لاذع الحكام السعوديين ، وعلى المستوى الداخلي فإنه أبدى رفضه لانتخاب رئيس للجمهورية إلا بشروطه .
فالسيد نصرالله بعدما أغلقت في وجهه أبواب أي انتصار يعتد به في سوريا وبعد أن استحال الرئيس الأسد إلى ورقة خاسرة ، فها هو يرفع شعار الانتصار على لبنان كبديل للانتصار في سوريا.